ها نحن ذا في أول أيام رمضان، هذا الشهر الفضيل الذي جعله الله عز وجل أهم مواسم الخير للأمة المحمدية، فيه أنزل الله القرآن، وفيه ليلة هي خير الليالي على الإطلاق.. خير من ألف شهر، وفيه فرق الله بين الحق والباطل، وكان المسلمون معه دوما على وعد مع الانتصارات. إن رمضان متعدد الفضائل، يحتاج لمن يشمر عن ساعد الجد كي يلحق بركب الإيمان ولا يتأخر، وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقول: ( إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ وَيُنَادِي مُنَادٍ يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ ). فيا باغي الخير أقبل، تزود من التقوى، واعلم بأنك في أفضل الأيام وأجلها، في أيام تتنزل فيها الرحمات، وتغدق فيها البركات، في أيام تتعدد فضائلها، فلا عذر لأولئك الذين يبتعدون عن جناب الله ويمر عليهم هذا الشهر الفضيل دون مغفرة للذنوب وعتق للرقاب من النار. ومن فضائل وخصائص رمضان التي اختصه الله عز وجل بها أنه شهر تفتح فيه أبواب الجنة، ومن فضائله كذلك أن صيامه يكفر الذنوب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: (الصلواتُ الخمسُ ، والجمعةُ إلى الجمعةِ ، ورمضانُ إلى رمضانَ ، مكفِّراتُ ما بينهنَّ إذا اجتَنَبَ الكبائر). ولا تقف فضائل هذا الشهر الكريم عند الفرد وإنما تمتد آثارها إلى المجتمع، لتحقق الجسدية المجتمعية التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم من الأمة، فتصبح الأمة في رمضان وكأنها جسد واحد، يشعر الغني بالفقير، ويدعو الفقير للغني.. تخرج الصدقات، وتكثر الخيرات، فتتحقق الألفة والاعتصام والوحدة التي هي مقصد الإسلام الأعلى .. وقد سئل بعض السلف لم شرع الصيام ؟ قال ليذوق الغني طعم الجوع فلا ينسى الجائع. ولذا فمن أهم خصائص هذا الشهر الكريم أنه شهر الجود، وإعانة الصائمين والقائمين والذاكرين على طاعتهم، فينال المتصدق مثل أجرهم، ويجود الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، لا سيما في ليلة القدر. وكذلك فإن من فضائل رمضان وخصائصه هذه العبادة الفريدة التي تأنس بها قلوب المؤمنين، وترتاح فيها أفئدة المتقين، وتهوى إليها نفوس الصالحين المحبين..إنها صلاة التراويح، والتي أجمع المسلمون على سنية الاجتماع لها. ألا ما أعظمه من شهر للطاعة والجد.. فهو ربيع الطائعين وموسم التائبين.. تتوق إليه نفوس المؤمنين وتشتاق إلى لياليه دموع المتهجدين.. خاب وخسر من فاته فيه هذا النعيم. لمزيد من مقالات د شوقى علام