لعل إحدي صور الالتقاء الديني بين المسلمين والمسيحيين يظهر جليا في منطقة وميناء الطور الذي ظل لمدة طويلة يستقبل الحجاج المسلمين في طريقهم الي مكة والحجاج المسيحيين في طريقهم الي القدس, وهو ما ألقت عليه الضوء رسالة دكتوراه للباحث عبدالرحيم ريحان مدير آثار جنوبسيناء, والذي كشف فيها عن منطقة الطور التي تبعد عن مدينة السويس نحو 200 كيلو متر, ازدهرت منذ القرن14 الميلادي طريقا للحج المسيحي المصري والاوربي فكان الحجاج يأتون من موانيء إيطاليا للاسكندرية ويتجهون عن طريق النيل الي القاهرة ثم الي خليج السويس وميناء الطور ومنه الي سانت كاترين ثم القدس الشريف, في الوقت الذي تحول فيه طريق الحجاج المسلمين للحج من البر الي البحر في القرن 19 الميلادي فيركبون نفس السفن التي يركبها الحجاج المسيحيون في الطريق الي الطور ويبحرون في نفس القارب ثم يزورون الأماكن المقدسة المشتركة بجبل سيناء, وأظهرت نقوش عدة بمحراب الجامع الفاطمي والذي يقع في داخل دير سانت كاترين, هذه العلاقة السمحة بين الحجاج المسلمين والمسيحيين, ثم يعود المسلمون لاستكمال طريقهم عبر ميناء الطور الي جدة, بينما يستكمل المسيحيون طريقهم للقدس. وأشار الباحث د. عبدالرحيم ريحان الي أن منطقة الطور برغم أنها رمز التسامح الإسلامي المسيحي, تعرضت لعمليات اعتداء وطمس لبعض معالمها من الوجود الاسرائيلي في سيناء وما قامت به اسرائيل من حفريات هدفت لإزالة كثير من الآثار العربية والاسلامية والمسيحية خاصة المعمارية والتحف المنقولة ومحاولة تشويهها في إطار الادعاءات الاسرائيلية بأن سيناء اسرائيلية ويهودية, واثبت الباحث أن مختلف الشواهد والأثار القديمة في سيناء وهذه المنطقة كتبت أنها عربية إسلامية مصرية حيث توجد القلاع الاسلامية والموانيء البحرية المصرية عبر التاريخ والتي لعبت دورا تجاريا مهما بين الشرق والغرب خاصة في العصر الاسلامي علاوة علي انتشار المساجد الأثرية في المنطقة. فضلا عن أن القرآن الكريم ذكرها: (والتين والزيتون وطور سينين) أي طور سيناء وتعني الجبال التي تكسوها الأشجار والنباتات. وأضافت الدكتوره آمال العمري أستاذ الآثار الاسلامية والمشرف علي الرسالة أن أهم توصيات الباحث خلصت الي أن زخرفة النجمة السداسية ترجع لعصور اسلامية ولا علاقة لها بالصهيونية التي تستغلها الآن, وكانت تنقش علي قطع المعادن الفاطمية علي رأس راية وكانت لها دلالات روحية سامية خاصة بالمسلمين, وأن إسرائيل ازالت كثيرا من آثار منطقة الطور عمدا بالبلدوزورات لمحو تبعيتها لمصر أو المسلمين, وأن التحف الفنية بالمنطقة كشفت عن أن هذه المنطقة ارتبطت بنشاطات مع دول جنوب البحر المتوسط والخليج العربي وشرق آسيا.