كتبت - مروة فودة: من سباق بارد للوصول إلي الكرملين, إلي صراع الديوك علي الإليزية, مرورا بلعبة كراسي موسيقية تعوفها الأرجل الصينية, وانتهاء بمارثون ساخن للبيت الأبيض. هذه المنافسات رغم أسمائها الرياضية فإنها لن تحدث في الملاعب, وابطالها ليسوا من محترفي الرياضة, وإنما هي سباقات انتخابية يشهدها عام2012, لينتقل العالم من عام الثورات في2011 إلي عام الانتخابات في2012 حيث يستعد الناخبون ليس في مصر وحدها بل حول العالم للإدلاء بأصواتهم في انتخابات إما رئاسية أو برلمانية قد ينتهيا بتغيير وجه العالم. فمن الانتخابات الرئاسية في تايوان وكازاخستان, والسنغال وروسيا, تشهد كل من فرنساوالولاياتالمتحدةوالمكسيك وكينيا انتخابات رئاسية, بينما ستنتقل السلطة في الصين إلي قيادة جديدة, إضافة إلي سلسلة من الانتخابات البرلمانية أبرزها في إيران, جميع هذه التحركات علي لوح شطرنج السياسة العالمية يمكن أن تنتهي إلي ما انتهي إليه السباق الروسي بتحقيق شكل من أشكال الديمقراطية العرجاء حيث نجح فلاديمير بوتين في العودة إلي سدة الرئاسة مرة اخري برغم احتجاجات الروس, أو الابقاء علي كل من الأمريكي باراك أوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي في مواقعهما مع ضرورة إضافة التغيير في الأجندات الداخلية والاقتصادية والخارجية. أنظمة سياسية مختلفة تفضي لهدف واحد وبرغم اتفاق كل الدول المشاركة في ماراثون الانتخابات العالمي علي طريقة إحداث التغيير في اللعبة السياسية وهو عبر صناديق الاقتراع فإن الأنظمة السياسية لهذه الدول تختلف كل وفقا لما يلائم مجتمعه وبالتأكيد وفقا لتطور الأحداث التاريخية التي أفضت إلي الدستور الحاكم الآن والمنظم لقواعد اللعبة السياسية. ففي روسيا, ينص الدستور علي أن روسيا الاتحادية دولة فيدرالية ذات نظام حكم شبه رئاسي, حيث رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة, ورئيس الوزراء هو رئيس الحكومة, أما في فرنسا, فنظام الحكم فيها هو شبه الرئاسي أو النظام الرئاسي البرلماني أو النظام شبه الرئاسي, جميعها أسماء لنظام عبارة عن خليط بين النظام الرئاسي والبرلماني, يكون فيه رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء شريكين في تسيير شئون الدولة. أما ثالث أكبر الدول التي ستشهد سباقا رئاسيا هذا العام وهي الولاياتالمتحدة, فهي تعد أقدم فيدرالية في العالم, فهي جمهورية دستورية وديمقراطية تمثيلية, ووفقا للدستور فإن أمريكا تحكمها الأغلبية ويصون فيها القانون حقوق الأقليات, ففي النظام الفيدرالي الأمريكي, يخضع المواطنون لثلاثة مستويات من الحكومات: الحكومة الفيدرالية وحكومة الولاية والحكومة المحلية, ويتم انتخاب مسئولي الحكومات عبر انتخابات فردية. تايوان.. وكازاخستان.. لا تغيير علي الرغم من احتواء قائمة الأحداث العالمية علي سلسة طويلة من الانتخابات البرلمانية, فإن الانتخابات الرئاسية تتخذ موقع الصدارة علي لائحة السباقات الانتخابية لعام2012, وكانت بداية المارثون الرئاسي لهاذ العام في تايوان التي لم يأتي فيها السباق بأي جديد, حيث منحت ضناديق الاقتراع الرئيس التايواني المنتهية ولايته ما ينج جيو ولاية ثانية بعد أن حقق فوزا في الانتخابات الرئاسية التي جرت يناير الماضي علي منافسته تساي اينج وين من الحزب التقدمي الديمقراطي. وفي إقرار لقواعد الديمقراطية, أقرت المرشحة تساي اينج وين بهزيمتها في الانتخابات الرئاسية مكتفية بتهنئة الرئيس علي هذا الفوز وباحترام خيار المواطنين, بينما جدد الرئيس الفائز وعوده الانتخابية لمواطنيه بحماية السلام والاستقرار, وتخفيض حدة الصراع في إشارة للجارة الصينية. وكما لم تفض الانتخابات التايوانية إلي جديد, جاءت انتخابات كازاخستان بالنتيجة نفسها, حيث حقق الحزب الحاكم في كازاخستان فوزا ساحقا في الانتخابات التشريعية. فيما تمكن حزبان آخران مقربان من الحكومة من دخول البرلمان في انتخابات اعتبرتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لم تحترم المبادئ الديمقراطية. وحصد حزب نور أوتان الحزب الحاكم للرئيس نور سلطان نزارباييف فاز ب80.7% من الأصوات في الانتخابات, بينما حصل حزب اك جول بزعامة- عضو سابق في حزب نور أوتان- علي7.5% من الأصوات, كما حصل حزب الشعب الشيوعي علي7.2%. وهذان الحزبان كانا يدعمان سياسات الرئيس بصورة عامة في الماضي. روسيا.. الديمقراطية العرجاء لم يكن الحال في روسيا الاتحادية التي تعد واحدة من الديمقراطيات العريقة في أوروبا بأفضل كثيرا من تايوان وكازاخستان, حيث نجح القيصر فلاديمير بوتين في تنفيذ لعبة الكراسي الموسيقية مع صديقه ديمتري ميدفيديف, ليعود بوتين مرة أخري إلي الكريملن علي الرغم من الاحتجاجات الشعبية التي خرجت في انحاء روسيا تطالب بانتخابات نزيهة وبرحيل بوتين. وسبق لبوتين أن شغل منصب رئيس روسيا لمدة8 سنوات من عام2000 حتي2008. وبعد ادخال تعديلات علي التشريعات الانتخابية جري انتخابه مرة أخري رئيس عام2012 لمدة ست سنوات. والواقع أن التحالف بين الرجلين بوتين وميدفيدف هو تحالف بين النظام السياسي والبرجوازية المرتبطة به, فالمهم هو بقاء( بوتين) حاكما أبديا, أما الأحزاب المعارضة له, والمتظاهرون الذين يخرجون في موسكو ضد حكمه, فهم ليسوا سوي عملاء للغرب, هدفهم هو زعزعة استقرار روسيا, حسب منظور النظام الروسي. ساركوزي.. والبقاء في الإليزيه تتسم الانتخابات الفرنسية المقررة في إبريل المقبل بأهمية خاصة هذا العام مقارنة بسابقتها, وهذه الأهمية لا ترتبط بكونها صراعا أشبه بصراع الديوك بين العديد من القوي السياسية للإطاحة بساركوزي, ولكن لأنها أول انتخابات تجري في دولة أوروبية كبري عقب أزمة اليورو التي فرضت الكثير من التساؤلات حول الوحدة الاقتصادية الأوروبية والعملة الموحدة. وسيرتكن ساركوزي كثيرا في حديثه الانتخابي علي هذه الجزئية الأوروبية, حيث دافع الرئيس الفرنسي كثيرا عن اليورو وسعي إلي تحقيق تحالف مع المستشارة الألمانية أنجيلا مريكل لإنقاذ الدول المتعثرة, ولكن كافة استطلاعات الرأي توضح أن الرئيس الحالي يواجه صعوبات كبيرة لإقناع الفرنسيين بتفضيله علي منافسه الاشتراكي فرنسوا هولند. ويعاني ساركوزي أيضا من كثرة المرشحين المنافسين من داخل اليمين والوسط حيث ترشح من معسكر اليمين رئيس الوزراء السابق دومينيك دو فيلبان, ووزير الدفاع السابق هيرفيه موران, ووزيرة شئون العائلة السابقة كريستين بوتان, ورغم أن أيا من هؤلاء قد لا يتجاوز نسبة تأييد تفوق ال5%, فإنهم يشتتون أصوات اليمين, ويحرمون الرئيس المنتهية ولايته منها مما يؤثر علي فرص فوزه بولاية ثانية. التغيير البطئ في الصين وأمريكا وعلي الجانب الآخر من العالم, يستعد الرئيس الصيني هيو جنتاو ورئيس وزرائه وين جيابو لتسليم السلطة إلي آخرين هما شي جينبينج ولي تشيانج, في إطار ما يسمي بتداول السلطات, لينتهي عام2012 بتغيير نحو70% من القيادة الصينية عبر أما الصين الديمقراطية المركزية التي تعرف بها الصين حيث ستمتد العملية الانتخابية لمدة ستة أشهر, يختار من خلالها الحزب الشيوعي قيادة جديدة. وهذا التغير الطويل والبطئ لدي التنين الصيني يواكبه تغير لن يكون أسرع أو أقل تعقيدا في بلاد الكاوبوي الأمريكي, حيث سيصل المارثون عام2012 الرئاسي العالمي إلي ذروته في شهر نوفمبر مع وصول السباق الرئاسي الأمريكي إلي مرحلة النهائيات للتصفية بين المرشح الديمقراطي باراك أوباما والمرشح الجمهوري الذي لن يعرفه العالم قبل شهر أغسطس المقبل. ويخوض أوباما الانتخابات في وقت يمر فيه اقتصاد البلاد بأزمة حادة, ورغم تراجع شعبيته, يأمل أوباما أن يفوز بفترة الرئاسة القادمة, خاصة في ظل كثرة المرشحين الجمهوريين المحتملين للرئاسة, وهو الأمر الذي يضعف المرشح علي المدي الطويل حيث تكون الانتخابات التمهيدية للحزب وما يتخللها من دعاية تكشف عيوب كل متنافس, قد استهلكت قوة الفائز بالسباق الجمهوري, إضافة إلي افتقار المرشحين للشخصية الكاريزمية القادرة علي اجتذاب اصوات الناخبين. أفريقيا وأمريكا اللاتينية تنتخب هي الأخري لن يقتصر الماراثون الرئاسي عام2012 علي الدول الكبري فحسب, ففي أفريقيا فسيتوجه الناخبون الكينيون إلي صناديق الاقتراع في أغسطس المقبل للتصويت في انتخابات رئاسية هي الأولي منذ الانتخابات المثيرة للجدل التي أجريت عام2007 التي قتل في أعمال عنف بعدها أكثر من1220 شخصا وشرد350 ألف شخص. وفي أمريكا اللاتينية أيضا, ستشهد فنزويلا الانتخابات الرئاسية في أكتوبر المقبل, وقد أكد الرئيس الفنزيلي هوغو تشافيز, رغم إصابته بالسرطان, أنه سيترشح لفترة رئاسية جديدة مدتها6 سنوات. ويواجه تشافيز منافسة من معسكر المعارضة عبر المرشح الأبرز حاكم ولاية ميرلاندا هنريك كابريليس. النهاية من أمريكا وروسبا إلي المكسيك وكينيا, مرورا بفرنسا والصين ومصروعدد من دول الربيع العربي.. العالم ينتخب ويراقب, السباقات البرلمانية آمالا في التغيير, وكل يلعب الشطرنج الانتخابي وفقا لقواعده الدستورية, فيختلف العالم في الوسائل ويتفق علي الهدف تحقيق الديمقراطية.