مثير ومحير في آن معا أن تصبح الخرافة الطريق السهل سواء لتفسير الظواهر والاحداث أو الاستعانة بها كهاد ودليل في مستقبل سياسي ومجتمعي يحيطه الغموض والارتباك. واليوم يفتح الباب واسعا امام الخرافة وصناعها, والتي تجد طريقها سهلا بين أوساط جماهيرية تعاني جهلا تعليميا وثقافيا وعلميا, لذلك قد لا يكون غريبا أن نجد مثقفين ورياضيين وسياسيين يعتقدون في الخرافة, ووفقا لدراسة صادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية و الجنائية خلال العام الماضي فإن ما يقرب من63% من المصريين يؤمنون بالخرافات, وأن الاعتقاد بالجان والعفاريت أصبح من المعتقدات الأساسية في حياة المصريين. وعلي الرغم أنه كان من المفترض أن تسهم ثورة25 يناير وتجلياتها في هدم حصون الخرافة المقدسة التي طالما ارتكن إليها نظام مبارك وجاهد لشيوعها أملا في الانصراف بعيدا عن عصر العلم ومستحقاته, فان ثمة تماديا للخرافة التي تأخذ أشكالا وأنماطا عدة بين أوساط المصريين, فما زال البعض يعتقد أن الحذاء القديم يقي من الجن والعفاريت, بينما يري البعض في البشعة الوسيلة الأسرع للفصل في المنازعات وكشف المستور, وربما كان ملفتا رفع سيدة في إحدي جلسات محاكمة مبارك يافطة تجزم فيها أن مساءلة مبارك قد تجلب الشر للبلاد والعباد. والأرجح أن تنامي ظاهرة الخرافة تعود بالأساس إلي سببين أولهما تمدد مستويات الجهل الثقافي والديني, وثانيهما نمط الشخصية الإيحائية التي يمكن لها أن تتأثر بسرعة عن طريق الإيحاء بايجابية شئ ما قد تنتج الصدفة في إنتاجه. وفي كتابة; تقدم علمي.. تأخر فكري احتقار العلم وتقديس الخرافة, فلا الخرافة وأدواتها سواء بسحرها ودجلها أو حتي بتقواها وإيمانها المزيف تنجح في بناء نهضة أو حتي إغاثة ملهوف.