البلطجة.. لفظ دارج في العامية, وليس له أصل في اللغة العربية, وهي كلمة تتردد الآن علي ألسنة الكثيرين, وتعني سلوكا مشينا خارجا عن المألوف مع فرض السطوة والقوة والنفوذ علي الآخرين. واستحلال مايملكه الغير دون وجه حق, وأحيانا يستخدم هؤلاء البلطجية أسلوب الإرهاب والتنكيل بالآخرين مع إشاعة الفوضي والفساد في المجتمع, والبلطجة بمعناها الدارج لنا الآن تعتبر سلوكا قديما ظهر مع بزوغ البشرية, فأول من قام بفعل يحسب عليه كنوع من البلطجة هو قابيل قاتل أخيه هابيل, وخرجت البشرية من تلك الحادثة بدرس استفادت منه الي أن يرث الله الأرض ومن عليها, هو كيف نواري الموتي والندم علي كل فعل لا يرضي الله عز وجل, وفي ذلك يقول الحق سبحانه في سورة المائدة(... قال يا ويلتي أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأواري سوءة أخي فأصبح من النادمين)( آية31), أما أكبر بلطجي ذكر بالقرآن الكريم فهو( فرعون) فقد علا فرعون في الأرض وجعل أهلها شيعا يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم, بل أنه ادعي الألوهية.. فحق عليه قول الحق إنه كان من المفسدين, وكان جزاء ذلك المفسد الذي يندرج تحت مانطلق عليه اليوم بلطجيا.. كان جزاؤه إلقاءه باليم ونجاته ببدنه ليكون آية وعبرة لمن بعده, ويقول الحق سبحانه في سورة يونس( فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون)( آية92), وهناك بلطجي آخر من قوم موسي.. هو قارون, الذي مارس صورا أخري من صور البلطجة مع قومه, وأبرزها التعالي علي قومه والغرور الزائد وعدم شكر الله علي نعمائه والضن بما أنعم الله عليه علي عباده الفقراء وإنكار فضل المولي عز وجل عليه.. فكان جزاؤه كما أخبرتنا سورة القصص( فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله, وما كان من المنتصرين)( آية81). ومن صور البلطجة التي نعاني منها الآن أشد المعاناة السطو علي السيارات وأخذها غصبا من أصحابها, وفي هذا السياق أيضا ذكر لنا القرآن الكريم في محكم آياته صورة طبق الأصل لهذا النوع من البلطجة من خلال قصة سيدنا موسي مع عبد من عباد الله.. هو سيدنا الخضر حين طلب منه موسي أن يصاحبه علي أن يعلمه مما علم رشدا, فحين ركبا في السفينة خرقها الخضر لسبب ما أنبأه به الله سبحانه وتعالي ذكره فيما بعد لسيدنا موسي عليه السلام, ففي الآية(79) من سورة الكهف يقول المولي عز وجل( أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا) ويعلمنا القرآن هنا أنه يمكننا أن نواجه البلطجة بالحيلة والخديعة. وهناك أقوام يندرجون تحت مسمي البلطجية ذكرهم الله أيضا في محكم آياته, فهؤلاء القوم افتروا علي الله الكذب وقتلوا أنبياء الله بغير حق فقال الله سبحانه وتعالي فيهم( وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء..)( المائدة64), وفي سورة آل عمران آية112( ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون). هذه الصورة الشاملة عن البلطجة علي مر التاريخ للدكتور حسام الدين أحمد سلطان من بورسعيد, وفيها الكثير من العبر والدروس التي يجب ان نتعلمها ونستفيد منها فيما نعيشه اليوم من واقع مرير بعد ان طالت البلطجة بصورها المختلفة نواحي حياتنا, واستشرت في كل المجالات وعلي جميع المستويات!!