ماأشبه الليلة بالبارحة.. تجتمع الجماهير الغفيرة كالعادة وتشتد المنافسة الحامية عبر الخطوط الساخنة والSMS وغيرها من وسائل الاتصال ليعتلي نجم جديد عرش البرامج التجارية وسرعان مايختفي فورنزوله من فوق المنصة بعد أن تطفأ الأضواء وتتوقف عدسات المصورين, ثم تزروه الرياح في دهاليز فوضي شركات الانتاج وإهمال المؤسسات المنوط بها ترقية الذوق العام طالما تعج بطوفان الفساد والمصالح الضيقة, لتتلاشي مواهبنا الغنائية المصرية الشابة في غمضة عين وعلي مرأي ومسمع الجميع. ومن هنا لابد أن تتسأل هل يعقل أن يكون المصير الفني لنجمة عرب أيدل الاسبق محمد عطية ؟! هذا السؤال تبادر إلي أذهان كثيرين مع بدء فعاليات التصفيات النهائية التي ستتم اليوم وغدا لبرنامج ز س المغربية دنيا بطمه, خاصة وأن معظم المواهب الغنائية التي تخرجت من برامج المسابقات السابقة سواء سوبر ستار أوستار أكاديميس ممن لم يحققوا أي نجاح فني يذكر, أو تظل لهم بصمة في عالم الأغنية المصرية, فرغم حصول محمد عطية علي فرص كثيرة لإثبات نفسه وتقديم أوراق اعتماده للجمهور المصري والعربي لكن كل النتائج جاءت- للأسف- محبطة ومخيبة للآمال رغم الشهرة الكبيرة التي حصل عليها من برنامج ستار أكاديمي. ويبدو أن الطريق الفني المفروش بالورد والرياحين والحنة ليس دائما صانعا للنجوم مثلما حدث مع عطية وزيزي عادل وهاني حسين ورنيم قطيط, مما جعلنا نتجه إلي عدد من ملحنينا الكبار لتستطلع آرائهم عن كيفية حماية ورعاية الأصوات المصرية الموهوبة بدلا من ضياعها في زحمة شوارع القاهرة. في البداية يقول الموسيقار الكبير حلمي بكر بصوت عال مليئ بالغضب والإنفعال: أقسم بشرفي هذه البنت لن تقوم لها قائمة وستضيع ولن يسمع أحد بإسمها بعد أسبوع واحد فقط من وصولها للقاهرة, كما حدث مع باقي الموهوبيين السابقيين في برامج شبيهه! إذا لم ننتبه إلي موهبتها وإحتضانها خاصة إنها مازالت صغيرة في السن 17 عاما وموهوبة موهبة حقيقية,وأقصد بالإحتضان أن تهتم بها وزارة الإعلام متمثلة في التليفزيون المصري بقنواته, والإهتمام هنا ليس ظهورها في برامج لتتحدث عن نفسها أو موهبتها, ولكن بالإشتغال عليها وعمل أغنيات وكليبات جديدة خاصة بها, بعد أن أثبتت نفسها وتفوقت علي أقرانها من المتسابقين, فكارمن نافست وتفوقت وعملت ما عليها, ويجب علينا بعد أن قام البرنامج بشحنها أن نولعها, بمعني أن نوفر لها أمهر الملحنيين والشعراء لعمل أغان جديدة لها تتناسب مع موهبتها, خلاص الهيصة اتعملت وانفض المولد,ويجب بعد أن أكتملت نصف صناعة نجمة أن نكمل النصف الآخر ونكلل هذا النجاح بالعمل, إذا كنا نريد أن يكون لنا ريادة في عالم الغناء كما كان لنا في الماضي, رغم إنني أشك أن يحدث هذا بعد الفوضي العارمة التي حدثت وتحدث في وزارة الإعلام واهتمام القائمين فيها بأمر اللائحة والعلاوات والحوافز, حيث أصبح لا يعنيهم شأن بلادهم قدر إهتمامهم بشأن جيبوبهم!, لهذا لن تقوم لنا قائمة بعد اليوم ولن يكون لنا ريادة ولا حتي رياضة! ويضيف بكر: ما يحزنني ويجعلني عصبيا أن أي صوت عربي في الماضي لم يكن يستطيع الوصول إلي قلب ووجدان العالم العربي كله إلا من خلال مصر التي كانت تحتضن أي موهبة وتطلقها في عنان السماء كي تتلألأ وتنير سماء العرب بالموهبة والشدو الجميل العذب,حدث هذا مع فريد الأطرش وأسمهان وصباح وورده وفايزة أحمد وعليا وأصالة وذكري وسمية قيصر وغيرهم من نجوم ونجمات الطرب. أما الموسيقار خالد الأميرصاحب أنجح وأعذب أغنيات العقود الثلاثة الأخيرة فقد أبدي إعجابه الشديد بموهبة كارمن خاصة إنها مازالت صغيرة لكنها أثبتت أن لديها, موهبة حقيقية, و صوت جميل يجب استغلاله, فصوتها في هذا السن أفضل من مطربات كبيرات موجودات علي الساحة عندما كن في نفس عمرها, لكن الصوت وحده لا يكفي وإلا كان محمد قنديل الآن أعظم مطرب في مصر,لابد أن يقف بجانبها ملحن كبيرأو شخص لديه فهم لطبيعة العمل الفني,يدير لها موهبتها ويعلمها كل صغيرة وكبيرة في الغناء والحياة بداية من أحاديثها الصحفية والتليفزيونية مرورا بتسريحة شعرها وملابسها وحتي اختيارأغانيها, وكي تكمل المشوار وتنجح لابد أن تبتعد عن التعاقد مع شركات إنتاج الكاسيت وتغني من أجل الغناء فقط لأن معظم المسئولين في شركات الكاسيت حاليا يفرضون ذوقهم الغنائي واختياراتهم بعيدا عن مدي كونها مناسبة أو غير مناسبة للمطرب. ومن جانبه أكد الملحن المتميز فاروق الشرنوبي أن المسألة ليست في وجود صوت متميز أو رائع مثل كارمن أو نسمة محجوب أو غيرهما, أو حتي التنقيب عن أصوات موهوبة, ولكن ماذا بعد الصوت الجميل؟!فكل يوم تعرض عليه أصوات رائعة والسؤال الذي بدأ يؤرقه ويضايقه ماذا أفعل لهذه الأصوات؟بعد أن تراجع دور وزارة الإعلام وأقتصر دور وزارة الثقافة علي إقامة حفلات تأبين أو إحياء ذكري فنانيينا الكباردون أن تجهد نفسها وتشارك في العملية الإبداعية بإنتاج ألبومات أو حتي أعمال غنائية مسرحية علي غرار الأوبريت أو حتي الصور الغنائية,فاليوم لايوجد مؤسسات مهتمة برعاية المواهب, أما برامج المسابقات الغنائية مثل عرب أيدل وستار أكاديمي وسوبر ستار فتلك البرامج الهدف منها ليس تقديم مواهب جديدة بقدر إهتمامها بالإستفادة المادية من وراء الاتصالات والرنات والدخول علي الأنترنت وتحميل صور وأغاني المتسابقين, يعني بصراحة كده هدفها تجاري بحت وليس غرضا فنيا.