3 أكتوبر 2024.. أسعار الأسماك بسوق العبور للجملة اليوم    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل القيادي في حركة حماس روحي مشتهى    بزشكيان خلال لقائه وفد حماس: أي خطأ يرتكبه الكيان الصهيوني سيعقبه رد إيراني أقسى    قاهر ريال مدريد يشعل صراعاً بين أرسنال وميلان    الدكتور عمر الغنيمي يدعم فريق السلة في البطولة العربية    انتشال جثة شاب غرق بمياه شاطئ الهانوفيل في الإسكندرية    رئيس مجلس الشيوخ يهنئ السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر    بالفيديو.. استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل بلبنان    20 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية و6 قتلى بقصف وسط بيروت    بيع 4 قطع أراضٍ بأنشطة مخابز جديدة بالعاشر من رمضان لزيادة الخدمات    مدبولي ورئيس ولاية بافاريا الألمانية يشهدان توقيع إعلان نوايا مشترك بين وزارة الكهرباء وحكومة بافاريا    رئيس مجلس الشيوخ يحيل عددًا من القوانين للجان المختصة والبت فيها    العثور على جثة متفحمة داخل شقة في أكتوبر    ضبط 367 عبوة دواء بيطري منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر بالشرقية    باحث سياسي: حرب إسرائيل بلبنان تستعيد نموذج قطاع غزة.. فيديو    تسيير عدد محدود من الرحلات الجوية لإجلاء البريطانيين من لبنان    كلية العلوم تعقد اليوم التعريفي لبرنامج الوراثة والمناعة التطبيقية    وزير العدل يشهد مراسم توقيع اتفاقية تسوية منازعة استثمار بين الري والزراعة    نائب رئيس الزمالك: زيزو طلب أكثر من 60 مليون للتجديد.. وهذا عيب النجم الأوحد    4 أزمات تهدد استقرار الإسماعيلي قبل بداية الموسم    مفاجآت اللحظات الأخيرة في صفقات الزمالك قبل نهاية الميركاتو الصيفي.. 4 قيادات تحسم ملف التدعيمات    التابعي: الزمالك سيهزم بيراميدز.. ومهمة الأهلي صعبة ضد سيراميكا    تشكيل فرانكفورت المتوقع لمواجهة بشكتاش.. عمر مرموش يقود الهجوم    للوصول إلى أعلى المعدلات.. «الإسكان» تبحث موقف تقديم خدمات مياه الشرب والصرف بدمياط    بحث سبل التعاون بين وزارتي الصحة والإسكان في المشاريع القومية    أمير قطر : ما يجري في غزة إبادة جماعية    مصرع عامل وإصابة 3 أشخاص في حوادث سير بالمنيا    ضبط سائقين وعامل لقيامهم بسرقة أموال ونحاس من داخل شركة وورشة بالمعادي والجمالية    الداخلية تكشف قضية غسل أموال بقيمة ربع مليار جنيه    المتهم الخامس بواقعة سحر مؤمن زكريا يفجر مفاجأة فى التحقيقات    17 مليون جنيه إيرادات فيلم عاشق في دور العرض خلال 3 أسابيع    «وسائل إعلام إسرائيلية»: إطلاق 10 صواريخ على الأقل من جنوبي لبنان    هل رفضت منة شلبي حضور مهرجان الإسكندرية؟.. رئيس الدورة ال40 يحسم الجدل    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة الانتهاء من رفع أداء 252 وحدة رعاية أولية ضمن مبادرة التطوير    الصحة: تشغيل جراحات القلب في الزقازيق وتفعيل أقسام القسطرة ب3 محافظات    نقيب الأطباء: ملتزمون بتوفير فرص التعليم والتدريب لجميع الأطباء في مصر إلى جانب خلق بيئة عمل مناسبة    ليل ضد ريال مدريد.. سقوط مفاجئ للملكى فى دوري أبطال أوروبا (فيديو)    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    ألفاظ خارجة.. أستاذ جامعي يخرج عن النص ويسب طلابه في «حقوق المنوفية» (القصة كاملة - فيديو)    وزير الثقافة يفتتح الدورة 24 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    زوج إيمان العاصي يمنعها من رؤية أولادها..أحداث الحلقة 15 من «برغم القانون»    إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مركز شباب برج البرلس في كفر الشيخ    قفزة جديدة.. أسعار الكتاكيت والبيض في الشرقية اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024    أول امتحانات العام الدراسي الجديد 2025.. التعليم تكشف الموعد    نجاح عملية استئصال لوزتين لطفلة تعانى من حالة "قلب مفتوح" وضمور بالمخ بسوهاج    ‫ تعرف على جهود معهد وقاية النباتات لحماية المحاصيل الزراعية    «يا ليالي الطرب الجميل هللي علينا».. قناة الحياة تنقل فعاليات مهرجان الموسيقى العربية ال 32 من دار الأوبرا    الفنانة منى جبر تعلن اعتزالها التمثيل نهائياً    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    ما هي الصدقة الجارية والغير جارية.. مركز الأزهر يوضح    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    الانقلاب يدعم المقاومة الفلسطينية بتجديد حبس 153 شاباً بتظاهرات نصرة غزة ً وحبس مخفياً قسراً    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    حظك اليوم| برج العقرب الخميس 3 أكتوبر.. «يومًا مليئا بالتغييرات المهمة»    أستون فيلا يعطل ماكينة ميونخ.. بايرن يتذوق الهزيمة الأولى في دوري الأبطال بعد 147 يومًا    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    وزير الصحة الأسبق: هويتنا تعرضت للعبث.. ونحتاج لحفظ الذاكرة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ندوة «الأهرام» حول أعياد النصر
السفير الروسى: توجد أزمة ثقة بين موسكو والغرب كل المتصارعين فى سوريا خسروا.. والدولة مهددة بالانهيار

نحن نقرأ التاريخ لنفهم الحاضر ونستشرف المستقبل، لذلك يظل ضروريا أن نتوقف أمام الأحداث الكبري محاولين استخلاص دروس تعيننا علي فهم أكثر وعيا وعمقا لواقعنا، واستجلاء نتائج تنير طريقنا إلي المستقبل.
هذا المعني أدركته وعبرت عنه الأديبة الأمريكية الحائزة علي نوبل بيرل باك في عبارة بليغة هي "إذا أردت فهم الحاضر فادرس الماضي" بينما لم يحالف التوفيق أديب آخر هو الساخر الايرلندي الأشهر جورج برنارد شو الذي قال "كان هيجل ( الفيلسوف الألماني الشهير ) علي حق في قوله إننا نتعلم من التاريخ أنه يستحيل علي البشر التعلم من التاريخ".
ليس هذا هو حالنا ويجب ألا يكون حال البشرية لأن من لا يملك القدرة علي التعلم من التاريخ يضيع منه الحاضر ويفلت المستقبل ويفقد البوصلة في رحلته عبر الزمان. والحرب العالمية الثانية التي يحتفل العالم بالذكري السبعين لانتهائها هذه الأيام هي واحدة من الأحداث الكبري في تاريخ الإنسانية التي يجب التوقف عندها والتعلم منها واستخلاص الدروس والنتائج.
بعد سبعة عقود كاملة لا تزال تلك الحرب الكارثية تشكل، بنتائجها وتداعياتها، ملامح العالم الذي نعيشه، ومازالت نبعا لا ينضب للدارسين والمؤرخين لاستخلاص الدروس والنتائج من أجل فهم أكثر وعيا للحاضر ورؤية أكثر وضوحا للمستقبل. لكل هذا كان حرص الأهرام علي ألا يترك مناسبة الاحتفال بذكري انتهاء الحرب ودحر الجيوش النازية تمر دون أن يتوقف عندها، ليس بهدف العودة إلي الماضي أو الغوص في كهوف التاريخ، ولكن بحثا عن إجابات لهمومنا ومشاغلنا وأحلامنا اليوم وغدا. السطور التالية هي أهم ما جاء في الندوة التي نظمها الأهرام حول هذه المناسبة، نأمل أن تكون إطلالة موفقة علي الحاضر والمستقبل من نافذة التاريخ.

في بداية الندوة تقدم محمد عبد الهادي علام رئيس تحرير الأهرام بالشكر للسفراء والأكاديميين المشاركين في اللقاء. وقال إن الحرب العالمية الثانية كانت حدثا كبيرا في تاريخ الإنسانية، وإن الدرس المهم الذي يمكن تعلمه من هذه الحرب هو أن القوي الدولية بتوحدها وتعاونها تستطيع أن تهزم التطرف، وهو ما فعله الحلفاء الذين نجحوا في إنقاذ البشرية من وحش داهم يتمثل في الفاشية والنازية. وأضاف أنه وفي الوقت الذي نحتفل فيه بهذه الذكري تواجه الإنسانية والحضارة خطرا لا يقل وحشية ولا بربرية عن النازية تجسده التنظيمات الملتحفة بمظلة الدين مثل داعش وغيرها من التنظيمات التي بدأ ظهورها بصورة واضحة في العمليات ضد أحد حلفاء الحرب العالمية الثانية أي الاتحاد السوفيتي حيث كانت بؤرة هذه العمليات في أفغانستان التي خرجت منها جماعات شتي انتشرت بعد ذلك في دولنا ومنطقتنا.
حتي لا تقع الحرب الثالثة
كان السفير الروسي بالقاهرة سيرجي كيربيتشينكو، الذي يتحدث العربية بطلاقة، هو أول المتحدثين حيث استهل كلمته بتوجيه الشكر للأهرام علي هذه المبادرة القيمة بعقد الندوة.
ثم أكد أن هناك صلة وثيقة بين نتائج الحرب العالمية الثانية وبين ما يحدث اليوم في العالم. وقدم عرضا سريعا لمجريات وتطور الحرب، مشيرا إلي أنها بدأت في الأول من سبتمبر 1939 بالغزو الألماني لبولندا وانتهت في 2سبتمبر 1945بتوقيع استسلام اليابان أمام الحلفاء وبشكل خاص أمام الولايات المتحدة. وتخلل الحرب كما يوضح السفير الروسي أربع سنوات من الحرب الوطنية العظمي التي خاضها الاتحاد السوفيتي مع حلفائه ضد الغزو الفاشي من ألمانيا وحلفائها.
وحددت هذه السنوات ملامح الحرب العالمية الثانية نظرا لأن الجبهة السوفيتية الألمانية كانت جبهة رئيسية بكل المقاييس العسكرية والسياسية. ويفوق عدد الضحايا في هذه الجبهة كثيرا عددهم علي جميع الجبهات الأخري مجتمعة حيث خسر الاتحاد السوفيتي نحو 27مليون نسمة وخسرت ألمانيا 10ملايين نسمة، وهم من ماتوا في ساحة القتال وبسبب الطقس والحصار والإصابات والأمراض.
وأشار السفير الروسي الي أن بلاده تقيم سنويا احتفالا كبيرا في ذكري الانتصار علي النازية يوم 9 مايو ( اليوم)، وأن القيادة في موسكو تعي تماما أن هذه الحرب حددت ملامح العالم المعاصر وما نتج عنها من أثار مثل تشكيل الأمم المتحدة ثم المفهوم الجديد للقانون الدولي، وسيظل الامر هكذا ما لم تحدث حرب عالمية ثالثة. وقال السفير"نحن في روسيا نعمل بكل ما في وسعنا من أجل ألا تحدث حرب عالمية ثالثة، ونحن نتطلع الي الأنصار والحلفاء لتفادي هذا الخطر الداهم علي العالم، ونحن واثقون أننا سوف ننجح في ذلك".
وأوضح أنه يمكن القول إن احداثا ومستجدات كثيرة طرأت منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية وهو أمر صحيح لا جدال فيه لكن، الهياكل الأساسية للوضع الدولي هي نفسها ويجب الحفاظ عليها قدر الإمكان وإلا فان العواقب ستكون خطيرة . وما يحدث في أنحاء مختلفة من العالم يذكرنا بان الخطر علي السلام العالمي لا يزال قائما وينتقل من مكان الي مكان بشكل مفاجئ حتي في الأماكن التي كانت تبدو آمنة وسلمية وهذا ما حدث لسوء الحظ مع الأزمة الأوكرانية، وهي أزمة داخلية لكن عواقبها أثرت علي الأوضاع في روسيا وأوروبا وأمريكا وأنحاء أخري من عالمنا المعاصر.
وأعرب السفير عن أمله في ضرورة تذكر ما حدث أثناء الحرب لأنه يتم حتي الآن ارتكاب أخطاء مشابهة لهذه التجربة المريرة للإنسانية جمعاء.
مقدمات الحرب
وحول أسباب ومقدمات اندلاع الحرب العالمية الثانية تحدث الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ قائلا: ما نشهده في العالم المعاصر الآن أساسه عام 1815 وقد يري البعض أن هذه مبالغة لكن في هذا التاريخ عقد مؤتمر في فيينا بعد التخلص من بونابرت وأثار الثورة الفرنسية وبداية تنظيم العالم علي أساس إنشاء نظام دولي. وفي هذا المؤتمر الذي عقده مستشار النمسا ميترنيخ توصلوا الي مبدأين ما زالا يحكمان العالم حتي الآن: الأول توازن القوي الكبري، والمبدأ الثاني الشرعية. ثم تعطل تنفيذ مبدأ توازن القوي بعد الحركة القومية التي بدأت تظهر في العالم وخاصة بين الألمان والإيطاليين. وقد انفجر الموقف في الحرب العالمية الأولي بسبب القومية ، وانتهت الحرب بهزيمة النمسا وألمانيا والدولة العثمانية.
بعد ذلك جاء إنشاء منظمة عصبة الأمم لحل المشكلات التي تنشأ بين الدول بالطرق السلمية بدلا من الحرب، لكن هذه المنظمة بمجلسها كانت في يد القوي الكبري, وقامت الثورة في روسيا في منتصف الحرب في أكتوبر 1917 وحدث خلل في التوازن الدولي لان روسيا لم تكن مجرد ثورة وإنما نظام جديد قائم علي تنظيم الاقتصاد.
ويواصل الدكتور الدسوقي: ظهر النظام الوسطي الجديد وهو ليس رأسماليا ولا هو شيوعيا وسعي لترسيخ نفسه فاكتسب العداء، وتلي ذلك اشتعال الحرب العالمية الثانية وانضم الإتحاد السوفيتي للمعسكر الغربي، ومن هنا كان مصطلح "المصالح تتصالح". ثم بدأ نظام عالمي جديد بعد الحرب عرف واصطلح علي تسميته بالحرب الباردة وهو مصطلح مسئول عنه الرئيس الأمريكي ترومان.
وبالنسبة للولايات المتحدة فلم تدخل الحرب إلا بعد ضرب الأسطول في بيرل هاربر. وحتي الان هناك غموض حول دخول الأمريكان الحرب والتهمة موجهه لليابان، فهناك كلام ورد في مذكرات تشرشل يقول إن إنجلترا المسئولة عن ضرب الأسطول الأمريكي في اليابان لإجبار امريكا علي الدخول في الحرب وقد كان وتم تعديل ميزان الحرب عام 1942 وقال ترومان أن لأمريكا أن تخرج من سياسة العزلة نهائيا.
أما الاتحاد السوفيتي فلم يكن ضد الألمان كفكرة إلي أن دار عليه هتلر منتهكا ميثاق عدم الاعتداء. وأعلن السوفيت الحرب بدورهم علي دول المحور وانضموا للمعسكر الغربي من خلال معسكر المصالح.
الحفاظ علي السلام
حول الدروس التي يمكن استخلاصها في ذكري الحرب قال السفير جمال بيومي الأمين العام للمشاركة المصرية الأوروبية بوزارة التعاون الدولي إن أهم ما يمكن التوقف عنده في هذا الصد هو معرفة كيف حافظنا علي 70سنة من السلام منذ الحرب العالمية الثانية حتي الآن ؟ وأوضح أن ذلك يرجع لتوازن القوي وتوازن الرعب النووي. كما أن أحد أسباب الحرب العالمية الثانية هي التسوية المجحفة التي فرضت علي المهزومين في الحرب العالمية الأولي.
ويؤكد أن توازن الرعب النووي ظل قائما لان الحسابات تقول إذا بدأت روسيا الحرب أو بدأها الناتو فسيكون هناك 90 مليون قتيل هنا و110ملايين قتيل هناك. وقد تعرض السلام العالمي لتهديد جدي حين جاء ريجان بإستراتيجية حرب النجوم، وبعد ذلك تأكد انه لم تكن هناك حرب نجوم. ويشير إلي أن هناك 28 دولة تشكل الاتحاد الاوروبي بين دول كانت تحارب بعضها في العهد القريب. والاتحاد الاوروبي حصل علي جائزة نوبل لأنه حافظ علي السلام.
وقال إن من ضمن دروس ما بعد الحرب العالمية الثانية أن المباحثات بين الاتحاد السوفيتي والغرب للحفاظ علي حالة السلام كانت جادة وأكثر إيجابية. بالإضافة لتحول عدد من دول أوروبا الشرقية للمعسكر الغربي ممثلا في الاتحاد الاوروبي. ومن نتائج الحرب العالمية الثانية كما يوضح السفير بيومي، زرع إسرائيل في المنطقة لتمنع اتصال المشرق العربي بالمغرب العربي موضحا انه يمكن بالسلام أن نحصل علي ما لا نستطيع الحصول عليه بالحرب والعبرة بقوة الدولة وبمعيار القوة وبهذا المقياس نحن أقوي دولة في المنطقة.
معاناة مصر والعرب
السفير عزت سعد مساعد وزير الخارجية الأسبق وسفير مصر الأسبق لدي روسيا، أشار إلي زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلي موسكو معتبرا أنها تطور جيد جدا وأمر مرحب به لاعتبارين أولهما أن هذه فرصة لرئيس مصر لكي يؤكد من خلالها علي احترام وتقدير الشعب المصري للتضحيات الجسام التي قدمتها شعوب الاتحاد السوفيتي والشعب الروسي خلال الحرب. فنحن بصدد دولة قدمت 28 مليون ضحية. وهذه الحرب الوطنية العظمي لها قدسية كبيرة في نفوس الشعب الروسي ولذلك فإن مشاركة الرئيس في هذه المناسبة سيكون أمرا عظيما.
ثانيا، مشاركة الرئيس السيسي تأتي في ظل أجواء من الاستقطاب الدولي ومحاولات من الدول الغربية للضغط علي دول أخري لكي لا تشارك في الاحتفال الروسي، وبالتالي تمثل المشاركة ترسيخا لسياسة مصر الجديدة بعد ثورتي يناير ويونيو وهي سياسة تعتمد علي الاستقلالية والتوازن. وأعرب السفير عن أمله في أن تتمخض التطورات الايجابية التي شهدتها العلاقات بين روسيا ومصر خلال العامين الماضيين، عن خطوات فعلية علي الأرض في اتجاه المزيد من التعاون الاقتصادي والعسكري، وأن يكون هناك إطار أقوي يحكم هذه العلاقات.
وفيما يخص تأثر مصر بتداعيات الحرب العالمية الثانية، أوضح السفير عزت سعد أن مصر والعرب دفعوا ثمنا فادحا بسبب تداعيات الحرب. فقد تم زرع إسرائيل في المنطقة وفرضت علينا حروب كثيرة قادتنا إلي حالة من المعاناة الاقتصادية والاجتماعية.
وحول العلاقات الحالية بين روسيا والغرب، أكد السفير أن الأزمة الأوكرانية ربما تكون مظهرا ولكن ليست هي المشكلة الحقيقية في العلاقات الروسية الغربية. فقد بدأت المظاهر الفعلية للتباعد الروسي الغربي قبل الدورة الأولمبية في سوتشي عندما ألغي الرئيس الأمريكي باراك أوباما زيارته إلي سوتشي احتجاجا علي إعطاء موسكو حق اللجوء لإدوارد سنودن المتهم في تسريب وثائق أمريكية سرية. واليوم فرضت الأزمة الأوكرانية واقعا جديدا علي الأرض وأصبحت العلاقات بين روسيا والغرب في مفترق طرق ونحن بصدد حرب باردة.
الاستثمار اليهودي للحرب
الواء محمد الغباري مستشار مدير أكاديمية ناصر العسكرية ومدير كلية الدفاع الوطني الأسبق أكد من جانبه أنه بالنسبة لمصر، فإن الدروس المستفادة من الحرب الروسية ضد النازية كثيرة وقد ظهر تأثيرها المباشر في الإعداد لحرب أكتوبر 1973.
وأشار الغباري إلي أنه عندما كان ملازما بالجيش عام 1968 كان في كل كتيبة تقريبا خبير روسي يقدم المساعدة والمشورة. ويوجد في روسيا كتاب أسمه"الكتيبة" وهو نموذج للحرب وكيف يعد قائد الكتيبة ضباطه وجنوده ومعداته في معسكرات خارجية. وكان هذا الكتاب يدرس في العسكرية المصرية واستفادت منه القوات المسلحة المصرية بشكل كبير.
وأضاف أن دراسة التاريخ اليهودي عرفتنا كيف استغل اليهود الحربين العالميتين الأولي والثانية في الوصول إلي إعلان قيام دولة إسرائيل، وتحذرنا أيضا مما قد يحدث في المستقبل في منطقة الشرق الأوسط. ففي أسفار العهد القديم، يتضح لنا حركة سيدنا موسي للدخول إلي أرض كنعان علي أربع مراحل وهو ما ينفذه اليهود بالضبط، ونحن نعيش الآن المرحلة الرابعة منه. وبالنسبة للمرحلتين الأولي والثانية نجد أن اليهود استطاعوا خلال الحرب العالمية الأولي استغلال مؤتمرات دولية أساسية للحصول علي أمرين مهمين هما وعد بلفور ووضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني بما يمهد لقيام وطن يهودي في فلسطين.
المؤتمر الأول،هو مؤتمر لندن السري عام 1905 الذي أقيم لمنع انهيار الامبراطورية البريطانية. وجاء في ديباجة المؤتمر أن هناك شعبا يقطن جنوب المتوسط يدين بعقيدة يموت دونها لابد من حصره وتجزئته. وهنا استغل اليهود ذلك مهددين بفضح المخطط البريطاني تجاه المنطقة وهو ما دفع بريطانيا لإطلاق وعد بلفور بإقامة وطن لليهود في فلسطين.
وجاءت الضربة الثانية خلال محادثات سايكس بيكو التي استطاع اليهود من خلالها الضغط من أجل وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني وليس تحت إدارة أي دولة استعمارية اخري. وانتهت الحرب العالمية الأولي بهذين الوعدين. في هذه الفترة ساعد العالم كله اليهود من خلال دفع الهجرات إلي أرض فلسطين بداية من الهجرة الأولي سنة 1882 ، ثم الهجرة الثانية 1904 ثم الهجرة الثالثة 1919 فالهجرة الرابعة 1924 حتي وصل عدد اليهود في فلسطين إلي 160 ألفا وتحولت بعد ذلك المستعمرات اليهودية إلي مستعمرات دفاعية إلي أن رحل الجيش الانجليزي عن فلسطين بعد تسليمه البلد إداريا لليهود عام 1947 كما سلم معسكراته وسلاحه لليهود.
وحذر اللواء الغباري من أن الحراك السياسي الحالي في العالم يتشابه مع الحراك الذي استبق الحرب العالمية الأولي والذي خسره العرب. والحراك الثاني في الحرب العالمية الثانية والذي شهد خسارة أخري للعرب بقيام دولة إسرائيل.
تحالفات متقلبة
وفيما يتعلق بالسياسة والعلاقات الدولية التي أسفرت عملياً علي نشوب الحرب العالمية الثانية ودخول الاتحاد السوفيتي فيها، قالت الدكتورة نورهان الشيخ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن هناك مشاهد رئيسية تربط الماضي بالحاضر. المشهد الأول هو انتهاء شهر العسل، علي حد قولها، بين الاتحاد السوفيتي والحلفاء، مشيرةً إلي أن مجريات الحرب فرضت التحالف بين الاتحاد السوفيتي والقوي الغربية وكان أمرا تم فرضه علي الجميع.
وبعد هذا التحالف القصير بدأ النظام الدولي يختلف والحرب الباردة بدأت تنشأ وبعد هذا الانسجام الوقتي في المصالح، برز التناقض الواضح بين الاتحاد السوفيتي من ناحية والقوي الغربية سواء الولايات المتحدة أو فرنسا وبريطانيا من ناحية أخري. وكان الرئيس الأمريكي الأسبق هاري ترومان نقطة تحول في السياسة الدولية لرفضه السياسة الدولية للاتحاد السوفيتي علي عكس سابقه فرانكلين روزفلت الذي قبل التعاون مع روسيا. ومن هنا بدأت سلسلة أزمات دولية كانت تعبر عن انقسام دولي حقيقي مثل الحرب الكورية عام 1950 وأزمة حصار برلين عام 1948 وتأسيس حلف الاطلنطي 1949.
وأكدت الدكتورة نورهان أن نفس المشهد يتكرر اليوم ولكن بتفاصيل مختلفة حيث كانت هناك فترة انسجام في المصالح بين الغرب وروسيا التي كان لها ظروف خاصة حيث هزمت في الحرب الباردة. ووجد الغرب أنه من الممكن أن يحتضن روسيا لكنه فوجيء بأنها أكبر من أن يتم احتضانها أو تسييرها. وبالتالي بعد فترة من الانسجام ودخول روسيا مجموعة السبعة التي أصبحت مجموعة الثمانية بدأت حرب باردة جديدة بمعطيات مختلفة لكنها أيضا حرب باردة حيث توقف مجلس روسيا - الناتو وفرضت العقوبات المتبادلة والتوتر علي خلفية الأزمة الأوكرانية رغم أن ما يحدث في أوكرانيا هو انعكاس لعمق الأزمة بين روسيا والغرب. فقد كانت أوكرانيا هي القشة التي قصمت ظهر البعير، فهناك فجوة وتناقض كبيرين وشعور بالخطر من جانب الولايات المتحدة تجاه روسيا.
أما المشهد الثاني، تواصل الدكتور نورهان، فهو انقسام أوروبا الذي يعود بتفاصيل مختلفة مثل صعود التيار الاشتراكي في بعض دول الغرب بعد الحرب العالمية الثانية، ويعود الآن مرة أخري في دول غرب أوروبا واليونان. وهناك قلق أوروبي لما يحدث في اليونان وهو ما يعيد الذاكرة إلي ما حدث بعد الحرب العالمية الثانية، والأهم في الأمر هو صعود التيارات المتطرفة بشكل عام، ففي أوكرانيا وعدد أخري من دول المنطقة هناك تمدد شديد وواضح، بل بدأ التياران يتشابكان بشكل أو بآخر مثلما غازل ديمتري ياروش المتطرفين في الشيشان وهو ما يذكرنا أيضا بالتحالف الذي وقع بين الإسلاميين وهتلر في فترة الأربعينيات.
وفيما يتعلق بالمشهد الثالث فهو ميزان القوي الدولية. فبعد الحرب العالمية الثانية كانت هناك قوي صاعدة وقوي متراجعة حيث كانت بريطانيا وفرنسا تقودان العالم في فترة ما بين الحربين الأولي والثانية. وربما قبل ذلك. بينما تراجعا أمام الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي بعد الحرب، والآن يعاد النظام الدولي تشكيله حيث يبرز نظام متعدد القوي. فهناك صعود روسي وصيني وغيرها من القوي، بينما هناك تراجع نسبي للقوي التقليدية وعلي وجه الأخص الولايات المتحدة في ضوء الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، ومن هنا فإن نظام القوي يتشكل مرة أخري ويعاد صياغته.
وعلي المستوي الإقليمي، قالت الدكتورة نورهان إن هناك مشهدا يربط بين فترة الحرب العالمية الثانية وما يحدث الآن وهو أنه خلال فترة الحرب كان هناك مد قومي عربي من خلال مساعي تشكيل الجامعة العربية عام 1945 بقيادة مصطفي النحاس باشا رئيس الوزراء حينذاك. والآن هناك محاولات لتجمع عربي نشط سواء من خلال القوة العربية المشتركة إلي آخره، ولكن كما كان هناك انقسام عربي في فترة الخمسينات، هناك انقسام الآن علي أسس دينية ومذهبية في سوريا والعراق وربما اليمن من جانب ومصر ودول الخليج في جانب آخر، رغم التعاون العربي الراهن في مواجهة الارهاب.
لذا فما يجمع اليوم بالأمس هو أننا في مرحلة تغيرات. تغيرات دولية يصحبها تغيرات إقليمية ونهايتها مجهولة من المتوقع أن تستمر لسنوات.
وقد حدث شيء مشابه قبل الحرب العالمية الثانية، فقد كان هناك انقسام كبير بين القوي الكبري وفشلت عصبة الأمم وتم طرد الاتحاد السوفيتي وانسحبت إيطاليا واليابان. فكان هناك مشهد دولي شديد التعقيد والسخونة وهو ما يذكرنا بما يحدث الآن علي الصعيد الدولي وما يدور بين روسيا وعدد من الدول غير الراضية عن النظام من جانب والولايات المتحدة والدول الغربية من جانب آخر.
القوة تخلق الحق وتحميه
وحول موقف القانون الدولي وكيف نستطيع أن نستفيد من تجارب الماضي في الفترة الحالية تحدث الدكتور محمد شوقي عبد العال أستاذ القانون الدولي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة الذي أشار إلي إنه ليس من المنطقي أن يظن البعض أن أي قانون هو البحث عن العدل والمساواة والحرية. لكن القاعدة الأساسية التي تحكم تفكير بعض العاملين بحقل القانون الدولي وفقاً لقاعدة رومانية قديمة تقرر أن "القوة تخلق الحق وتحميه". وإذا وضعنا هذا التصور لعلاقة القانون بالمجتمع في اعتبارنا فإنه يوفر علينا اللغط الشائع حالياً حول دور القانون والأمم المتحدة ومجلس الأمن.
أما القانون الدولي بإيجاز شديد فهو تعبير عن الإرادة الشارعة للمجتمع الدولي والإرادة الشارعة تتمحور في إرادة الفئة المسيطرة في هذا المجتمع شئنا أم أبينا. وإذا أخذنا ذلك بعين الاعتبار فنجد أنه في أعقاب كل حرب كبري تأتي مجموعة من القواعد التي تقنن لنتائج الحرب. بدءً من موستيفاليا عام 1648 في تاريخنا الحديث و1815 فيينا و 1919 عهد عصبة الأمم وأخيرا 1945 ميثاق الأمم المتحدة.
وأوضح الدكتور عبد العال أن كل المعاهدات التي أعقبت حروبا كبيرا جاءت انعكاسا للتوازن الذي انتجته هذه الحروب. فليس غريبا أن يقوم ميثاق الأمم المتحدة علي فكرة مؤداها أن التحالف بين الخمسة الكبار المنتصرين في الحرب العالمية الثانية سيستمر وسيظلون يشكلوا نظام الأمن الجماعي ويمنعوا اندلاع حرب عالمية ثالثة وسيقوموا بعمل لجنة أركان حرب من رؤساء حرب جيوش الدول الخمس الكبري دائمة العضوية. هذا عن الفكرة أما ما حدث فهو عكس ذلك ربما قبل أن تري الأمم المتحدة النور. فإن هذه الفكرة المحورية كان قد ولي زمانها وبدأت الحرب الباردة فحيل بين الأمم المتحدة وتفعيل نظام الأمن الجماعي وحفظ السلم والأمن.
أما ما يقال حول ضرورة التعاون الدولي بين الفئة المسيطرة أو القوي الكبري لتحقيق استقرار هذا المجتمع، فقد أكد الدكتور عبد العال أن تجربة عصبة الأمم الفاشلة كان أساسها عدم تعاون الدول الكبري وهو ما حدث في الأمم المتحدة نظراً لعدم دخول عضو جديد الأمم المتحدة لمدة 10 سنوات، ولا توجد اي اتفاقية تم إبرامها بين الدول للإسهام في الجيش، كما أن لجنة أركان الحرب عقدت مرة أو اثنين فقط ، لذا فالتعاون هو السبيل الوحيد لتفعيل هذه المنظومة.
وبالنسبة لما ورد في الأمم المتحدة من تأكيد علي حفظ السلم بعد ازهاق أرواح الملايين من الشعب الروسي والألماني خلال الحرب العالمية الثانية والكارثة الأكبر ما بعد تفجيري هيروشيما ونجازاكي فقد أكد أنه من المستبعد اندلاع حرب عالمية ثالثة وهو تصور واضعو ميثاق الأمم المتحدة، محذراً من أن هناك أخطار تهدد المجتمع الدولي لا تقل خطورة عن الحرب العالمية الثالثة.
علي سبيل المثال تلوث البيئة وخاصة بعد ثقب الأوزون إذ وصل الحال بمجلس الأمن أن يعتبر تلويث البيئة تهديداً للسلم والأمن الدولي. كما أن تصاعد الإرهاب بموجاته في جميع أنحاء المعمورة علي نحو غير مسبوق والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية وغيرها من الأزمات التي تفتقد المواجهة المباشرة بين دول وبعضها، قد يؤدي كل هذا إلي تهديد وجود الجنس البشري والكرة الأرضية ذاتها، فالأمر يستوجب شيء من العقل والرشادة في علاقات القوي الكبري علي الأقل. فالتدخل الزائد لحلف الأطلنطي داخل روسيا يعد "هزلا" وكذلك عندما أراد الاتحاد السوفيتي دخول كوبا في وقت ما.
كما شدد الدكتور عبد العال علي أن وجود الجنس البشري أهم من وجود دولة علي رأس نظام أو وجود دولة علي رأس نظام آخر، لذا فلابد من وجود درجة من درجات الرشد والتعاون وهو شرط واجب لخلق العدل وتحقيق التعاون الدولي، مشيراً إلي أن مصر كانت تواجه مشكلات مع دول المنابع وخاصة أثيوبيا منذ فترة طويلة ولكن إذا تعاوننا حينذاك لكانت الأوضاع قد تغيرت.
وأضاف في ختام حديثه أنه عند تشكيل مجلس الأمن بنظام الفيتو للدول الخمسة الكبار دائمة العضوية فان هذا الدول تحسبت لحدوث تعديل في موازين القوي في السنوات القادمة، فوافقت علي مبدأ تعديل الميثاق لدخول أعضاء دائمين جدد أو تغيير حق الفيتو الي غير ذلك من نظام المجلس. والنص الذي ينظم هذا هو الذي يقف ضد تفعيل مجلس الأمن حتي الآن. فقد وضعت هذه الدول آلية تعجيزية لتعديل الميثاق بحيث يبقي الامر رهينة لموافقتها حيث نصت علي ضرورة الحصول علي موافقة ثلثي أعضاء الجمعة العامة علي أن تكون الدول الخمس دائمة العضوية مجتمعين وفي هذه الحالة يمكن التصديق علي التعديل في مجلس الأمن بموافقة الأغلبية. وأضاف الدكتور عبد العال أن الرسالة التي يود تأكيدها في هذه الندوة هي أن التعاون أصبح شرطا واجباً لاستقرار المجتمع الدولي.

مداخلتان وأكثر من تعقيب حول الألغام فى مصر وتغير أنماط الحروب
السفير كيربيتشينكو: كل المتصارعين فى سوريا خسروا والدولة مهددة بالانهيار
بيومى: ألمانيا مستعدة لإزالة الألغام إذا تم العمل ضمن مشروع تنموى شامل
في ختام الندوة، جرى حوار مفتوح شارك فيه عدد من الحضور حيث قدم الدكتور احمد سيد احمد الكاتب الصحفي في الأهرام مداخلة حول فكرة الحروب وتطور أنظمتها وتراجع الحروب العسكرية لصالح الاقتصادية. قال فيها أنه بعد مرور سبعين عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية, شهد العالم عدة تغيرات كبرى ومهمة أولها تحول نمط الحروب من حروب كونية إلى حروب دولية ثم حروب أهلية داخل الدول ثم الحروب التي أصبحت أطرافها فواعل من غير الدول مثل تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق وجماعة الحوثيين في اليمن والجماعات القومية المتطرفة كما هو في أوكرانيا, وانتشار الحروب بالوكالة بين الدول الكبرى, وثانيها تراجع الإيديولوجيات مقابل تصاعد الاقتصاد, حيث أصبحت المصلحة وليست الإيديولوجيا هي الحاكم للعلاقات الدولية وسياساتها الخارجية ونمط تحالفاتها مع الآخرين, وثالثها تزايد المخاطر والتهديدات للسلم والأمن العالميين وعلى رأسها الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل. إضافة إلى ضحايا الأمراض والمجاعات والكوارث الطبيعية, وهى تفوق ضحايا الحروب التقليدية, وكلها تحتاج إلى تعاون الدول جميعا لمواجهة تلك الأخطار العالمية, وتحتاج إلي توجيه الموارد البشرية نحو التنمية بدلا من سباق التسلح وتغذية الصراعات.
24 مليون لغم
من جانبه أثار جميل عفيفي رئيس القسم العسكري في الأهرام قضية تأثير الحرب العالمية الثانية على مصر والتي تعتبر أكثر الدول المتأثرة من هذه الحرب نتيجة وجود 24 مليون لغم في أراضيها ولا يعرف احد أين توجد الخرائط؟
كما وجه سؤال الى السفير الروسي حول دور بلاده في المنطقة باعتبارها الدولة القادرة على إعادة التوازنات في ظل ما يشهده الشرق الأوسط من حروب والتي يعتبرها البعض حربا عالمية ثالثة بصورة أو بأخرى مشيرا إلى أنه يوجد في سوريا وحدها مقاتلون ينتمون إلى 48 جنسية مختلفة يخوضون الحرب على أرض هذه الدولة.
وردا على مسألة الألغام أوضح اللواء الغباري أن هناك أجسام خطيرة بالإضافة للألغام على أرض مصر وقد قامت القوات المسلحة في مراحل مختلفة بإزالة أعداد كبيرة من هذه الألغام وفتح ممرات وسط حقول الألغام إلا أن الأمر يستوجب تعاونا دوليا أكبر. أما السفير الروسي فقال إنه للإنصاف فان مشكلة الألغام موجودة كذلك في دولة الجوار ليبيا وعدد ضحاياها هناك أكبر من عددهم في مصر.
من جانبه قال السفير جمال بيومي إن الألمان رفضوا تحمل مسئولية إزالة الألغام مباشرة واشترطوا بصورة غير رسمية أن يكون ذلك من خلال تنفيذ مشروع تنموي مثل الزراعة وفي إطاره يقدمون مساعدتهم بتطهير حقول الألغام خلال تنفيذ المشروع. وأشاد بالدور الدور الذي قامت به وزارة التعاون الدولي والسفير فتحي الشاذلي كما قامت القوات المسلحة بدور مهم في تطهير نحو 40 ألف فدان.
وفي الختام قدم السفير الروسي الشكر على المستوى الرفيع للندوة وعرض بعض الملاحظات كان أولها التأكيد على أن ما يحدث بين روسيا والغرب ليست حرب باردة معتبرا ان ذلك مبالغة وقال " هناك أزمة ثقة ومع العواقب الخطيرة لذلك فان تقديري المتواضع هو أنها لن تؤدي إلى حرب باردة جديدة"
الملاحظة الثانية هي أن معاقبة ألمانيا بعد الحرب العالمية كانت بمقدار الجريمة تماما حيث أن واضعي العقوبات اخذوا بعين الاعتبار دروس الحرب العالمية الأولى.
وحول سوريا قال إنه لسوء الحظ فان موسكو هي الطرف الوحيد الذي يحاول أن يعمل شيئا ايجابيا، والدليل على ذلك اللقاء الثاني للمعارضة الذي عقد في موسكو الشهر الماضي، إلا انه استبعد التوصل إلى حلول سريعة لأن الأزمة تعمقت والنتائج السريعة صعبة. كما أن كل الأطراف المتصارعة خسرت وهو ما قد يؤدي إلى زوال الدولة السورية على حد قول السفير.

شارك في الندوة
سيرجي كيربيتشينكو سفير روسيا الاتحادية بالقاهرة
الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ السفير الدكتور عزت سعد مساعد وزير الخارجية الأسبق
السفير جمال بيومي الأمين العام للمشاركة المصرية الأوروبية بوزارة التعاون الدولي
الدكتور محمد شوقي عبد العال أستاذ القانون الدولي جامعة القاهرة
الدكتورة نورهان الشيخ أستاذ العلاقات الدولية جامعة القاهرة
اللواء أركان حرب محمد الغباري مستشار أكاديمية ناصر العسكرية العليا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.