تركت له آذاني مستسلمة لهذا الدفء، الذي عاد بي الي صوت المطرب الوطني والشعبي والسياسي سيد درويش ويبدو أنه كان علي علم بهذا التشابه فيما بينهما، حتي أنه اختار أنغام التخت العربي الهادئة لتتواصل مع صوته الحنون وتبرز كلماته الثوريه الحماسية، التي تجد لها مسامعا كثيرة تتمايل معها، حينما ينشد بحنو "بلدك بعيد يا عنب والغربة خطفت لونك " فأنغامه لمست عشقنا لمصر كما دفعتنا لهوي اللف في شوارعها ، فطفت مع المطرب الشاب محمد محسن ، احد واهم محصلات الثورة الشبابية في شوارع مصر واسترجعت ذكرياتي بها ، وتنسمت عبير الفجرية ، واحتسيت الشاي في صحبة هوي العصاري ، واستعدت أصوات أهلي وناسي " اسقيني من بيتك واملالي بيه كاسي ، وديني علي بيتك ، ياترد لي ناسي " فمع كل هذا العتاب والمؤخذاه ، يوجد عشق وولع وشجن ، فقد استجمع محسن تعب شباب جيله بأكمله وتبرع أن يشكو بدلا منهم ، ويصل صوته لمصر الحبيبة يستعطفها عليهم ، " الواد اللي عاش طول عمره يحايلك ، ونفسه اسمه يجي في رسايلك ، تبعت له تطمنيه ، أن أنتي نايمه وقايمة بيه ، وقت الشتا يدفي بيكي ، وقت الخطر تتحامي فيه " هذا الاستعطاف والاستجداء وعتاب الأحبه،فقد كتب عباراته شباب واعدين أفرزتهم الثورة وأطلقت أقلامهم وآلامهم وأحلامهم،وهم مايكل عادل ومصطفي إبراهيم ممن باشت أقدامهم من اللف في شوارع المحروسة مدننين "برواقة" وشجن " الكوتشي اللي باش من اللف ف شوارعك يحرم عليه يبوس ارض غيرك ، والقلب القماش اللي مكوي بعاميلك لساه معبق بريح عبيرك " ولولا اني املك كم من التواضع يجعلني أخشي أن أقلد ملحنا العظيم عمار الشريعي لكنت دخلت في تفاصيل الغناء كصوت ولحن ونبرة ، وصوت عالي وحقيقي ومستعار ، لأني استمع الي صوت طرب افتقدناه من زمن ، واستطيع الان أن أنفض الغبار عن كلمة دندنه ، لأستعيرها وأنا أتحدث عن محسن ، كما أرحب ولن أخشي أن يطلق علي لقب " مطيباتية " لأنه لفظ في محله وبالفعل أطيب له وأنا استمع اليه بمفردي ، يطربني الصوت ، وجرأة الأداء دون موسيقي تذكر ، وكأنه قرر أبراز صوته ليقدمه لنا نقيا صافيا بكل كل الإمكانيات، التي لا تخضع لهندسة صوتية ، بداية من هدوء المعاتبة وحتي الحس علي الوطنية " يامعشر الثوار الكل فيكوا إمام ، ولا حد غير العلم بينضرب له تمام " حتي عندما يستعين بالكورال فإن الموزع الشاب توفيق رفيق يجعل منهم كونشرتو مميز، و يدفع صوت المطرب للتصعيد بحماسة ليصبحوا جميعا لسان حال الثورة المصرية، التي يدعو لاستمرارها وبقاءها" يا شعب ما استناش وخد حقه بدراعه ، يا وطن ما بيسعناش واحنا اللي بنساعه ، الدم لون واحد مافهوش عبيد ولا سيد ، وان بعتوا دمي شهيد بكرة هاتتبعوا " ولعلي أبالغ في أنى تمنيت أن تصبح إحدي مقطوعاته الثورية نشيد وطني لثورة مصر يؤرخ لها. [email protected] المزيد من مقالات ناهد السيد