يبدو وكأنها قد تاهتدت الى »كود« إعلامي، هو السهل الممتنع، يخصها، وحدها، يصل ما انقطع من الذاكرة الوطنية، بالمعنى الأشمل والأعمق لهذه الذاكرة ، ويلتقط شذرات من صلب الوجدان المصرى، تاهت، أو تبعثرت ، يعيدها إلى موضعها تالحميم بعد ان تزيح عن سطحها ، عدوان الجهل والتفريط ، وهما أخطر ما تواجهه اجيال ، تصطف ، جيلا بعد آخر فى طابور «عراء وتصحر وجدانيين».ليس من قبيل المبالغة، ولا المجاملة اعتبار الصيغة التى اختارتها الاستاذة إسعاد يونس، لتقديم إسهامها الراقى، فى حب مصر، من خلالً برنامج «صاحبة السعادة» نموذجا فريدا، يجمع ما بين العمق والسلاسة، التلقائية وهدوء النبرة، برنامج راق وممتع فى آن واحدً، نموذج، تحققه لبهجة المعرفة وسط خريطة اعلامية، اهم ما تتميز به، هو افتقادها متعة المعرفة الحقة، وهيمنة بعد واحد، خريطة فى مجملها، قد استكانت إلى سكة وحيدة فى الاعلام، منتزعة من مفهوم مصطنع ، وبوجوه مصطنعة. الاستاذة إسعاد يونس ، بعفوية تو تلقائية تظاهرتين، و فطرة اصيلة تتعرف كيف تختار، وأين تتوقف، وما هى الجسور الى ما يصل أجزاء الكل بعضها ببعض. تسير بهدى إحساس صاف، يدعمه ثقافة واعية، هادئة النبرة، تعيد بناء الوجدان المصرى، من حيث هى تزيح ركام التجاهل، عل هناك تمن ينتبه ويضيف ، الى ما تاسس . توظف إسعاد يونس لبنات شديدة التنوع، تستدعيها من عمق زمنى لم تمر عليه اكثر من عقودً، او من زمن سحيق ، تقربها من أسماعنا تارة، من أنوفنا تارة اخرى، ومن قلوبنا فى كل الاحوال ، علنا تتذكر او نستفيق. اجمل واذكى ما فى برنامج »صاحبة السعادة« هو ذلك التكامل فى معنى الوطن ، معنى مصر ، الذى هو المراد من رب العباد. معنى الوطن وجدانيا، ذلك الذى يرقد، فى قاع القلب، كخلاصة، والذى لا تستطيع ان تلمه فى كلمة: مقطع من اغنية.. لقمة من طبق معبق، ناصية من شارع، رائحة مكان، انعطافة ناصية ، كل ما يربطك ، بهذه الارض، ويتراكم، ويتراكم، كل ما يوجع قلبك او يفرحه ،كل ما يتغلغل ويسير مع دمك فى الشرايين ، التى ان حاولت قطعها انتحارا، نزف القلب، وابتأست الروح. اسعادً يونس مستوعبة، هاضمة، رأسها هو التاج الذى تستظل وتأنس وتطمئن إليه، لا تملك إلا أن تشحن كل طاقات وعيك ، وهى تأخذك إلى روعة إعادة الاكتشاف العاديس والمالوف ، اليومى وما تظنه عابرا، كل ذلك باللطافة المصرية، وجدعنة بنت بلد، واناقة عقل غير فارغ ، وتمكن ، ذهن يقظ . كل ما توقفت عنده عناصر ثقافيةس تنتمى لهذا الوطن ، عكس ما سبق وذكرته، امسك بتلابيب »حتة من مصر« والذى يؤكدً انه من الممكن ان تثقف الناس تدون ان تعذبهم توان الفن الإعلامى، أمر مختلف عما يروج له من مساخر، وان بامكانك ان تبنى وجدانا دون صراخ. على قدر ما تمكنت من المتابعة لصاحبة السعادة على قدر ما كنت ، استعيد كثيرا من الطاقة الايجابية ، كنت أحاول بعض الأحيان أن احس ما يصلنى بإحساس ،مقتبل العمر، وكنت اتساءل تلو ان من يعبئ قنبلة بالمواد الحارقة ، او يصوب رصاصة نحو مصرى، من يلقى بالنار على قلوبنا ، قد استشعر تلك النغمات او امتلا قلبه ببشر الضحك، او ارتوى عبر أجهزة إعلام الدولة قبل القطاع الخاص، بحلاوة النظر والسمع والمذاق، ببساطة وسلاسة نموذج كصاحبة السعادة ، ألم يكن من الممكن ان تتغير أشياء؟ أرجو إلا أنقاد وراء مبالغة ولكن ماذا يعنى اعادة بناء وجدان غير ما تفعله هذه السيدة ؟ وفى آخر حلقات برنامج صاحبة السعادة ، كان نجوم القعدة الحميمة ، غير النجوم ، كان ضيوفها من سلالة الابطال المحبين للوطن بالعرق والدم ، وليس بالنحت كل واحد فيهم كانت وراءه ملحمة ، ومع ذلك كان تواضعهم وبساطة حكيهم ، درسا بليغا للذوات المنتفخة ! استضافت مجموعة من الطيارين المصريين ، الذين اعادوا لسلاح الطيارين المصرى عزته وكرامته ، بعد سبعة وستين . واعتبر ان الظهور الحميم للواء طيار سمير عزيز ميخائيل، واللواء طيار نصر موسي، وشيخ الطيارين لواء نبيل شكرى، كان ممتعا ووطنيا بامتياز، وان الاسلوب الذى تستنفر به اسعاد ذاكرة من نوع هؤلاء الابطال ، فعلا درس . اللواء طيار سمير عزيز ميخائيل ابرع من طار بالميج 21، استاذ المقاتلات فى حرب الاستنزاف، كيف تتجلى لماحيته وإنسانيته وعمقه ، وهو يروى تفاصيل واقع مواجهة مع العدو، ماهذا التواضع وما كل هذا الصدق. بطل من ابطال معركة المنصورة الجوية، لواء نصر موسى الذى وبمنتهى البساطة أسقط اربع طائرات للعدو. شيخ الطيارين نبيل شكرى، الرجل الذى أقلع بطائرته يوم 5 يونيو من فوق ممر مضروب ، معلنا رفض الهزيمة، والذى اسقط فيما بعد طائرة لطيار اسرائيلى ليس كأى طيار ولكنه صار قائد السلاح الجوى الإسرائيلي. لا يمكن، لمصرى سوى ان يظل بعد الاستماع والإحساس بهؤلاء الابطال، كما كان قبل ان تتاح له مثل «الأيقونات» قد لا يكون هذا هو الظهور الاول لتاج رءوسنا من ابطال، لكن لا شك انها المرة الاولى التى تحس فيها، أنك وصاحبة البرنامج تقبلا هذه الرءوس وتلك الايدى ، وانه لصاحبة البرنامج، فضل الصدق والبساطة فى التلقى، ولها ايضا فضل ان توصل لك احساس أنها أختك،أو أمك ، وأنها لا تتعالى، لا عليك ولا على من تستضيف، وان قلبها يرتجف، وأنها تتلو الأيات الحافظة من القران والإنجيل ، وان امتنانها بلا حدود لله الحافظ لصاحبة السعادة وولادها . ما كل هذه الرجولة والعطاء ، أين أنتم يا من اعطيتم فى صمت ، لم تأخذوا، طوبى لكم ، وان كنا لا نستحقكم، صاحبة السعادة تستحق إعادة بناء الوجدان الانسانى تليس منشورا ثوريا ، وربط الناس بجذورها الطيبة ، ليس خطابة، ولضم حبات العقد المنفرط ، شرطه الاول ان تعى قيمة الحبات وان تعرف كيف تدخل الحبة لطرف الخيط. «إسعاد».. مصر..،، فى صاحبة السعادة، البرنامج، يتحقق بأن تعرفها ، وتدرك قيمتها، تفعل ذلك بصدق ، ببساطة النفس الذى تتنفسه ، وحلاوة شربة الميهت الاستاذة إسعاد يونس : يدينا من سهلك الممتنع.