كتب زميلى د.محسن فرجانى على صفحته على موقع التواصل الاجتماعى يوم السبت 11 ابريل عن اتجاه الدولة «للتخلص» من أعضاء هيئة التدريس «الكسالي» الذين توقفوا عند درجة مدرس، وأحسست وكلى ألم بنبرة الحزن فيما كتبه زميلى العزيز لأنه توقف عند هذه الدرجة باختياره، ليس كسلا بالطبع، وإنما كى يتفرغ للترجمة وهى مجال شاق يأخذ ممن يتفرغ له أضعاف ما يعطي، حتى أصبح فرجانى علما دوليا فى مجال الترجمة من العربية إلى الصينية وإليها ويتفوق انجازه على جميع أساتذة اللغة والأدب الصينى فى مصر والعالم العربى وبشهادتهم. ضحى محسن فرجانى بحلم - أو وهم - الترقى فى السلك الأكاديمى لأنه اختار مجال الترجمة ولا ذنب له أن شروط الترقى حاليا لا تنظر إلى انتاج الترجمة نظرة متفتحة خاصة لأبناء رفاعة الطهطاوي، ولولا هذا الانغلاق لكان محسن فرجانى أستاذا منذ سنوات. كلمات د. محسن فرجانى تنكأ جرحا قديما، إذ عندما تتجه الدولة ل «تطوير» الجامعات نجد أنها أول ما التفتت إليه كانت ضحيتها فئة تحتاج أوضاعها إلى دراسة متأنية وعملية، وتتشابك أحوالها مع عناصر مختلفة فى التعليم الجامعي، وتتطلب بالضرورة فحص وتمحيص «كل» عناصر الأكاديمية بداية من شروط الالتحاق بالجامعات المصرية، وتأهيل طالب الثانوية العامة لها، وتكوين الطالب الجامعي، وملامح مرحلتى الليسانس والبكالوريوس وسياساتها، ودراسات عليا، ورسائل علمية تمنح لتكدس على أرفف المكتبات أو فى الأرشيف الالكتروني، وروتين، ودورة إدارية عقيمة، وتخبط، وغفلة، وبحوث علمية عقيمة لا حصر لها، وترقيات الله أعلم بها، وتكوين لجان علمية وآليات عملها، وسرقات علمية تفنن مرتكبوها فى التوصل إلى أفكار مبتكرة فى السرقة لم تعهدها الأكاديمية فى أى مكان آخر بالعالم، وقانون تنظيمى رحيم يسمح للسارق بالعودة متسللا من الأبواب الخلفية ليعلم أبناءنا من جديد، وأسر جامعية تتستر على مرتكبى واقعة السرقة لأن الصلات الأسرية عندنا أقوى من الأمانة العلمية والشرف الأكاديمي. وأساتذة، نعم أساتذة، توقفوا عن البحث العلمي، بل لم يمارسوه أساسا، ويحتموا خلف لقب أ.د. أعمل فى الجامعة منذ تخرجى عام 1987، ولا أعلم فى الحياة سواها ولا أتنفس إلا فيها، ولا أسعد أو أشعر بتحقق بذاتى إلا وأنا بين طلابى وكتبي، المعرفة زادي، وأفخر بأساتذتى وبزملائى من «المدرسين»، وأعلم جيدا أن الألقاب فى الجامعة بالتحديد عند مواجهة عضو هيئة التدريس للطلاب فى قاعة المحاضرات لا قيمة له!! هل نتكلم بشكل رسمى أم واقعي؟. تدرجت فى الدرجات العلمية والمناصب الجامعية منذ تخرجى وحتى شهر يناير 2015 من معيد إلى وكيل للدراسات العليا والبحوث، وأعددت لوائح ومذكرات تفاهم وشاركت فى مؤتمرات وندوات وحلقات نقاش ونظمتها ورأست لجانًا وأصدرت مجلات علمية، وشاركت فى حصول كليتى على الاعتماد، وعشت فى «كواليس» أو «مطبخ» العمل الأكاديمى تسع سنوات متواصلة على الأقل شاهدت بعينى عشرات بل مئات التفاصيل التى تكفينى لكى أشعر بالمرار والاحباط لسنوات قادمة ولا أملك الآن سوى الدعاء الصادق لنهضة الجامعة فى مصر!!. المدرسون هم عصب الجامعة وبناتها الحقيقيون وأقرب فئة إلى الطالب الجامعى وبدونهم تكاد الدراسة بالجامعة، والعمل بكنترولاتها، أن تتوقف. فهل هذا هو الرد على ما قاموا به فى الماضى ويقومون به حاليا؟ فتح ملفاتهم ضروري، وتوفيق أوضاعهم مطلوب، ولكن بالتوازى مع قضايا أكثر خطورة فى الأكاديمية، لأننى أعلم يقينا أن أزمة عضو هيئة التدريس الذى توقف عن الترقية بعد حصوله على الدكتوراه هى أهون مشاكل الجامعات المصرية!!. بدلا من ارتكاب مذبحة أعضاء هيئة التدريس هل نكتفى إذن بأن «ندع الطابق مستورا» أم أن نعتبرها بداية فعلية وجادة لفتح «جميع» ملفات الجامعة وتطويرها وتطهيرها؟!. كلية الألسن جامعة عين شمس لمزيد من مقالات د .كرمة سامي