ليس أشد سوءا فى إفرازات الواقع السياسى الراهن سوى هشاشة وضعف أغلب الأحزاب خصوصا أولئك الذين صدعوا رؤوسنا لسنوات طويلة بأنهم يريدون فرصة للحركة فى الشارع والإطلال الدائم على الرأى العام لعرض برامجهم وحشد أنصارهم وتأكيد شعبيتهم وعندما تحقق حلمهم واستحوذوا دون منازع على معظم ساعات البث والإرسال وأغلب صفحات الرأى والتوجيه طوال السنوات الأربع الأخيرة لم نجد سوى انعكاسا للقول المأثور: «تمخض الجبل فولد فأرا»!وعلى حد تعبير واحد من بسطاء الناس فى بر مصر فإن هذه الأحزاب أكدت للقاصى والدانى أنها «أستك منه فيه» فى ظل أجواء تغلب عليها روح الفردية والنرجسية المصحوبة بنزعات انتهازية تتوارى معها المباديء والقيم لتحل محلها شهوة الرغبة فى الحصول على نصيب من الكعكة سواء فى جسم السلطة التنفيذية أو ضمان حصة فى المقاعد البرلمانية بمواصلة الضغط لتعديل قانون الانتخابات وزيادة عدد المقاعد المخصصة للقوائم. وفى ظل مثل هذه الأجواء المرتبكة والملتبسة لم يكن غريبا ولا مفاجئا أن تختفى بدرجة ملحوظة أحاديث معظم هذه الأحزاب عن التحديات الحقيقية التى تجابه الوطن لصالح تصاعد مريب فى لغة الخطاب السياسى والدينى المصحوب بزخات من التراشق وتبادل الاتهامات بروح الكيدية والتشفى والرغبة فى إزاحة وإقصاء الغير مع استمرار الدق على أوتار المطالب والأوجاع الفئوية للمتاجرة السياسية والحزبية الضيقة بينما الوطن يتعرض لأشرس هجمة إرهابية تستوجب الاحتشاد الوطنى بكل الصدق والمسئولية. وللأسف الشديد فإن غالبية الأحزاب تتجاهل مسئوليتها فى صنع حالة الارتباك ويتساءل بعضهم عن أسباب استمرار العجز فى فرض هيبة الدولة وسلطاتها وتعثر عمليات التنمية وانسداد الأفق السياسى رغم أن أحد أهم أسباب المأزق الراهن يتمثل فى قصور هذه الأحزاب ذاتها وعجزها عن فهم وإدراك طبيعة جوهر العمل السياسى المفترض خلوه من شوائب الاستغراق فى التحليل والتنظير والمزايدة على شاشات الفضائيات لأن المطلوب وبإلحاح فى هذه المرحلة تعزيز الجهد الميدانى فى القرى والعزب والكفور وحزام العشوائيات من أجل التصدى للفكر الإرهابى وتعريته وفضح مخططاته.. أتحدث عن جهد بالأفعال لاقتحام المشاكل والأزمات بحلول عملية ممكنة وليس مزايدات بالأقوال تتردد فقط فى فضاء المستحيل! خير الكلام : إياك والجشع فإنه يدفع إلى الأخذ دون عطاء! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله