تحرص قيادات تنظيم داعش وهى تقود البلدوزرات وتحمل المعاول لهدم المواقع الأثرية القديمة لحضارات العراق، على إثارة مشاعر الحماس والتعاطف بين أعضائها، بادعاء أنها تنفذ تعاليم الإسلام لهدم هذه الآثار لكن ما فعلته داعش بعد تفجير وهدم المواقع الأثرية كشف للمختصين بالآثار فى العراق وفى العالم عن تهريب كميات هائلة من القطع الأثرية إلى تركيا وبلاد أوروبية أخرى، عن طريق عصابات المافيا، لبيعها لحساب داعش، والحصول على أموال أصبحت داعش تحتاجها بعد تناقص مصادر تمويلها. ويقول خبير الآثار الدولى مارتن شولوف، فى تقرير نشرته صحيفة الجارديان البريطانية، إن تنظيم داعش يبيع الآثار المهربة فى السوق السوداء، التى انتعش النشاط فيها بسببهم، كما يقول قيس حسين راشد، مدير الهيئة العراقية للآثار والتراث، إننا أرسلنا صورا لجميع القطع الأثرية لدينا إلى منظمة اليونيسكو، وإلى الدول المجاورة، ولجميع سفاراتنا فى الخارج، من أجل إيقاف عمليات التهريب والمتاجرة فى الآثار المهربة، بعد أن توافرت أدلة على نهب المواقع الأثرية بشكل كبير فى نينوى فى العرق، بشكل يفتح أسواقا جديدة للآثار المهربة، وبعد أن تحولت داعش نحو متاحفنا كلما احتاجت إلى أموال ، باعتبارها الطريقة الأسهل لتمويل نشاطها. وأضاف راشد "أننا فقدنا الآن نحو 10 % من تراثنا التاريخى" وإن كانت وسائل الإعلام العراقية تقدر معدل الخسارة بأنه أكبر من ذلك بكثير، بعد أن دمرت داعش الكثير من التماثيل، وباعت الكثير منها أيضا. متحف اللوفر فى باريس، والمتحف البريطانى فى لندن، أصدرا بيانات تندد بجرائم داعش ضد الآثار التاريخية ، اعتبرا تدميرهاهذا الميراث الحضارى مرحلة جديدة من العنف والرعب ضد الإنسانية،خاصة فى تلك المنطقة، التى عرفت مهد الحضارات القديمة والكلمة المكتوبة. ويقول التقرير عن الدكتور إبراهيم الشيمارى، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بغداد، إن تنظيم داعش لا يشعر بأى خجل من بيع الآثار أو من نهب المتاحف، فالتنظيم لا يتردد فى نشر صور قياداته وهم يذبحون ويحرقون الأبرياء، فما الذى يجعلهم يخجلون من نهب وتهريب الآثار وبيعها لدول أخرى. إن عداء داعش لأى عقائد أو طوائف أخرى باسم الإسلام، قد ثبت كذبه، فهم يقتلون المسلمين ويهاجمون مساجدهم، كما شنوا هجمات مسلحة وتدميرية على مساجد للصوفيين وعلى المكتبات، وعلى مساجد الشيعة وعلى الكنائس أيضا، وقد فعلوا ذلك فى سورياوالعراق. إن التشابه بين ما جرى من قبل القوات الأمريكية فى أثناء غزوها العراق عام 2003، وبين ما يفعله تنظيم داعش، يشترك فى نواح كثيرة، ففى فترة الغزو الأمريكى للعراق حدث سطو على المتاحف والآثار وتدمير بعضها، وما ظهر بعد ذلك من عمليات تهريب لهذه الآثار وبيعها فى السوق السوداء فى دول أجنبية، وهذا لا يختلف عما يفعله تنظيم داعش الآن، لأن كلا منهما لا ينظر إلى هذا البلد على أنه وطنه، أو أنه ينتمى إليه. ومثلما تابع الجميع طريقة متاجرة داعش فى آثار العراق لمن يدفع الثمن، فقد باتوا أكثر اقتناعا بأن هذا التنظيم يتاجر فى كل شىء وأى شىء، حتى فى الدين الذى يشوهون صورة تعاليمه الإنسانية، ولا يترددون عن اعتبار كل من هو خارج عقيدة التنظيم عدوا لهم، بما فى ذلك المسلمون، وهو ما لم يحاول التنظيم إخفاءه عندما هاجموا مساجد فى العراقوسوريا، وقاموا بتفجيرها وتدميرها.