شاء القدر أن تنعقد القمة العربية العادية السادسة والعشرون فى ظل ظروف استثنائية تمر بها منطقتنا العربية، ووسط تحديات جسام تواجه منظومة الأمن القومى العربي، وتضع الأمة كلها على المحك، إما أن تكون أو لا تكون، ولعل أزمة اليمن وتداعياتها تكون جرس إنذار، ثم تأتى بعدها الصحوة المنشودة. هذه الظروف والتحديات تتطلب من القادة والزعماء العرب وقفة مع النفس والنظر بعمق الى الواقع العربى ومراجعة الموقف بصورة شاملة، بما يمليه ذلك من ضرورة اتخاذ قرارات مصيرية من شأنها رأب الصدوع ولملمة الشتات والارتقاء الى مستوى التحديات التى تواجهها الأمة على كل الأصعدة. الأمر الذى يبشر بالخير فى هذه القمة هو موافقة وزراء الخارجية العرب أمس الأول خلال اجتماعهم التحضيرى للقمة المقرر عقدها غدا وبعد غد بشرم الشيخ على قرار بتشكيل قوة عسكرية عربية مشتركة للتدخل السريع، بالإضافة الى ما تكلف به من مهام لمواجهة التحديات التى تهدد أمن وسلامة الدول الأعضاء وسيادتها الوطنية وتشكل تهديدا مباشرا للأمن القومى العربي، بما فيها تهديدات التنظيمات الإرهابية. وهنا تجدر الاشارة الى أن مصر هى أول من بادر ودعا لتشكيل هذه القوة إدراكا منها لهول المخاطر المحدقة بالمنطقة وعلى رأسها الإرهاب، الذى بات يهدد الجميع. ولعل التحالف الذى تقوده المملكة العربية السعودية، ويتكون من 10 دول بمشاركة مصرية ضد جماعة الحوثيين التى انقلبت على الشرعية فى اليمن، ومثلت تهديدا لأمن منطقة الخليج والمنطقة العربية ككل، يكون بداية لعمل عربى مشترك لمواجهة دعاوى التشرذم والطائفية والتطرف والإرهاب التى تضرب بعض البلدان العربية مثل العراق وسوريا وليبيا، وتهدد وجودها. وفى هذا السياق يمكن القول إن عملية «عاصفة الحزم» بعثت بعدة رسائل مهمة للعالم، أولاها أن العرب مازالوا قادرين على المبادرة والحسم واتخاذ القرار المناسب فى الوقت المناسب، دونما حاجة الى هذه القوى أو تلك، خاصة حينما يتعلق الأمر بمسألة الأمن القومي. إن القمة العربية فرصة مواتية لطرح جميع القضايا المتعلقة بالأمن القومى العربى وبحث كل أبعادها وايجاد الحلول الناجعة لها، وإعادة اللحمة لوحدة الصف العربي، فهل يغتنم القادة والزعماء هذه الفرصة؟ لمزيد من مقالات رأى الاهرام