التغيير الذى حدث فى أنواع المخدرات خلال الفترة الأخيرة، وانتشار مخدرات جديدة رخيصة الثمن يؤثر تأثيرا أشد خطورة على الجهاز العصبي.. هذا جانب مما ناقشه مؤتمر "الإدمان.. بداية النهاية"، الذى يمثل خطوة للتعرف على الحجم الحقيقى للمشكلة، وإيجاد حلول لها، محذرا من زيادة معدلات الإدمان التى وصلت فى العام الماضى إلى 9 ملايين متعاط فى مصر، مما أثر بشكل واضح على المجتمع". فى البداية، توضح د.منى القطب موسى أن المؤتمر جاء نتيجة زيادة حالات الإدمان التى ظهرت فى الفترة الأخيرة، ووصلت إلى 13 ألف حالة جديدة خلال السنة الماضية، مما يمثل خطورة حقيقية خاصة أن معظمهم فى سن الشباب. وأثبتت دراسة أجريت فى المدارس الإعدادية والثانوية بأحد أحياء القاهرة أن 10% من الطلاب يدمنون المخدرات،40% من هذه النسبة من الإناث، مما يؤكد غياب دور الأسرة والمدرسة فى الرقابة، وعدم وجود مرشدين نفسيين يقومون بهذا الدور. بالإضافة لاستخدام مواد مخدرة مصنعة لم تكن معروفة من قبل، وهى شديدة السمية على الجهاز العصبى، وتسبب ضمورا فى الأعصاب الطرفية والمركزية، وتستطيع تدميرها خلال أسبوع. هذه المواد يتم تهريبها لمصر على أنها مواد معطرة أو بخور، ويصعب اكتشافها بالطرق العادية. ويوضح د.محيى المصرى أستاذ السموم الإكلينيكية والطب الشرعى أن معظم حالات العنف داخل المجتمع وكثير من الحوادث هى نتاج طبيعى لزيادة معدلات الإدمان. وطبقا لنتائج دراسة أولية، فإن نسبة المتعاطين للمخدرات وصلت إلى 10% من المجتمع أى نحو 9 ملايين شخص، وهذه نسبة مفزعة.. ففى عام 2007 كنا نستقبل 150 حالة جرعة زائدة من المخدرات، فى حين أننا العام الماضى استقبلنا 1600 حالة مما يدل على تضاعف عدد المدمنين، وهذا يفسر حالات الحوادث المتكررة فهناك 18% من كل 100 سائق فى مصر يتعاطون مخدرات، لذلك بدأنا بالكشف عليهم بطرق جديدة وأجهزة حديثة لرصد أنواع المخدرات المختلفة التى يتم تداولها حتى يمكن من خلال التحاليل أن تكون سببا فى وقف السائق عن العمل، للحد من الحوادث. ويضيف أن معدلات الرقابة داخل الأسرة انخفضت بشكل كبير مما زاد من معدلات الإدمان عند سن 12 سنة، إضافة لزيادة معدلات العنف بين الآباء والأبناء. وتشير د.هبة يوسف أستاذ مساعد الطب الشرعى والسموم ووكيل كلية الطب بجامعة بورسعيد، إلى أن مصر ثانى دولة على مستوى العالم فى حوادث الطرق، وأن هناك 40 حادثة لكل 100 ألف سيارة على مستوى الجمهورية. وتضيف: اكتشفنا أن السبب الرئيس للحوادث هو تعاطى المخدرات، وذلك من خلال دراسة بحثية بإقليم القناة من خلال حصر جميع الحوادث فى عام 2014، وتحليل دماء السائقين المتسببين فى هذه الحوادث على طريق القاهرة - بورسعيد، فكانوا 1200 سائق تعرضوا للحوادث، وبعد عمل التحاليل لهم وجدنا أن هناك 1085 منهم متعاطون للمخدرات! من جهتها تقول د.سمر عبد العظيم أستاذ الطب الشرعى والسموم وسكرتير عام المؤتمر إنه تم التنسيق مع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لتحسين طرق الكشف عن المخدرات فى الشارع من خلال الحملات المختلفة، بحيث يتم تطبيق كل الوسائل العلمية الحديثة فى ذلك الأمر. ويوضح د.هشام حتاتة أستاذ الطب النفسى بجامعة عين شمس أن التدهور الاقتصادى ويأس الشباب وعدم الاستفادة من الطاقة الجسدية والقدرات الذهنية والعاطفية وزيادة معدلات الإحباط والتفكك الأسرى كل هذه الأمور ساهمت بشكل كبير فى زيادة معدلات الإدمان، مما أثر على المجتمع بالإضافة لانخفاض سن المدمنين. وأضاف أن المشكلة الحقيقية أنه لا يوجد برنامج علاج متكامل للإقلاع عن الإدمان، فالعلاج بالمستشفيات يتوقف عند انسحاب المخدر من الجسم فقط دون الأخذ فى الاعتبار للعلاج النفسى والذى يحتاج إلى 6 أشهر على الأقل من التأهيل للمريض بعد خروج المخدر حتى يعود مرة أخرى للمجتمع، ولا تحدث له انتكاسة. أضف إلى ذلك أنه لم يتم زيادة عدد أقسام علاج الإدمان بالمستشفيات الحكومية والجامعية منذ ربع قرن فى الوقت الذى يتضاعف فيه عدد المدمنين بشكل كبير دون أن يجدوا مكانا مناسبا للعلاج والتأهيل النفسى، فلابد من إنشاء مركز بكل محافظة للعلاج .