عندما تتابع رد فعل الإخوان وانصارهم على تنفيذ حكم الإعدام فى السفاح محمود رمضان، المدان بإلقاء طفل من فوق عقار بالإسكندرية وقتله، خلال أعمال العنف التى قاموا بها بمنطقة سيدى جابر يوم 5 يوليو 2013 احتجاجا على عزل محمد مرسي، لابد أن تهتف بكلمات الفنان الجميل عبد الفتاح القصرى «يامثبت العقل فى النفوخ، بقى فيه كده فى الدنيا يا اخواتي». ففى واحدة من المرات النادرة تم تصوير تفاصيل عملية القتل بكاميرات المحمول، وظهر رمضان فى الصور بوضوح بلحيته الكثيفة مرتديا فانلة داخلية ويرفع علم تنظيم القاعدة، ويصول ويجول فوق خزان العقار والسطح وهو يطارد الأطفال والشباب المعترضين على شغب الإخوان، ويحاول طعنهم أو القاءهم. وتم بث الفيديو على شاشات الفضائيات ونشرت صوره فى الصحف ومواقع التواصل الاجتماعى على شبكة الانترنت، واصيب الرأى العام بصدمة من هول المشهد، ولم يجد المتهم عقب افتضاح أمره بديلا أمامه سوى الهرب بعد أن حلق لحيته، لكن الشرطة نجحت فى القبض عليه فى شقة بمنطقة بلطيم بكفر الشيخ. والغريب أن اللجان الالكترونية للإخوان حاولت التنصل من علاقة الجماعة بالمتهم بعد سخط الرأى العام عليه، فزعمت على مواقع التواصل الاجتماعى تارة أنه عضو بالحزب الوطني، وتارة أخرى أنه جهادى متشدد وليس له علاقة من قريب أو بعيد بالاخوان، بينما اعترف رمضان أمام الكاميرات بفداحة الجريمة التى ارتكبها مطالبا بسرعة إعدامه حتى يتخلص من الشعور بالذنب الذى يطارده. وقد أتيحت محاكمة عادلة لمحمود رمضان امام قاضيه الطبيعي، وصلت إلى أعلى محكمة جنائية فى البلاد وهى محكمة النقض، ووافق فضيلة المفتى على اعدامه بعد دراسة حالته، فلماذا تحول محمود رمضان لدى الإخوان فجأة إلى شهيد وبطل. بل إن لجان الإخوان الإلكترونية النشطة على الانترنت تفرغت لسب أى شخص يجرؤ على تأييد إعدام رمضان بأقذع الشتائم، التى من المفترض ألا يستخدمها أى انسان محترم، ناهيك عن إنسان يتحدث باسم الإسلام. لدرجة أن شخصية قضائية رفيعة مثل المستشار فؤاد راشد الذى يدافع دائما فى صفحته على الفيسبوك عن ضرورة احتواء الإخوان، وأسهم فى الدفاع عن بعض القضاة المتهمين بالانتماء للإخوان، رغم أنه معروف من كتاباته ومواقفه أنه قومى عربى وليس له أى صلة بهذه الجماعة، تعرض لسيل من الشتائم البذيئة التى يندى لها الجبين من الإخوان لمجرد أنه ذكر أن أحكام الإعدام تمر بمراحل بالغة الصرامة، وأن إسباغ الشهادة على محمود رمضان كذب واستخفاف بالعقول. وكتب الرجل على صفحته «بوست» مهما يتساءل فيه: (لماذا ينفرد سفهاء الإخوان بالسباب القبيح دون الآخرين؟ سؤال لا أعرف اجابته، للسيسى مؤيدون وكثير منهم خارجون عن حدود الاعتدال فى تأييده، وبعض أنصار السيسى «مطبلاتية» على طول الخط .. لكن السب بالألفاظ القبيحة ليس شائعا لديهم، ولم يكن السب بألفاظ قبيحة متدنية شائعا عند أنصار مبارك، لكن الملاحظ أن سفهاء الاخوان يتصرفون ككلاب عقورة، ينهشون الأعراض، سبابهم بكلمات جنسية توجه الى الأعراض وتمتد للأمهات والآباء.. هل تلك تربيتهم فى الجماعة ؟ هل هو توجيه عام يأتى من أعلى لعقر الخصوم ؟ هل يتسق ذلك مع الإسلام؟ هل اسلامهم هو نفسه الإسلام الداعى لمكارم الاخلاق الذى نعرفه؟ هل مصدر ذلك الاستعلاء على نحو يستباح به الآخرون باعتبارهم دونهم دينا؟هل لدى أحد من حضراتكم تفسير مقبول للعقل؟) هكذا كتب المستشار فؤاد راشد مذهولا وساخرا من سلوك الإخوان، الذى لو طبقناه على التاريخ بأثر رجعى، لاستحقت عصابة ريا وسكينة عن جدارة لقب الشهيدة ريا والشهيدة سكينة. أما تفسيرى الشخصى لهذا السلوك الإخواني، فيتلخص فى أن أى إخوانى يتخلص من عقله بمجرد القسم بالالتزام بمبدأ السمع والطاعة، ويتحول إلى دمية فى يد الجماعة، إذا قالت له أن الشمس تشرق من المغرب سيصدق فورا وقد يدفع عمره ثمنا للدفاع عن ذلك. فمن صدق أن سيدنا جبريل عليه السلام كان موجودا فى اعتصام رابعة، وأن محمد مرسى تقدم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فى الصلاة، يمكنه أن يصدق أى شىء آخر. إلى جانب أن منهج الإخوان يبرر الكذب ويجعله جزءا من العقيدة، ويسبغ عليه ثوب الشريعة عندما يقنع اتباعه أنهم وحدهم المسلمون حقا، وباقى المسلمين وغير المسلمين أعداء لهم، وقد أباح الإسلام الكذب على الأعداء. أما الشتائم والبذاءات.. والقتل والتفجيرات، فهى جهاد فى سبيل الله ورفع لراية الإسلام وسبيل إلى الجنة. «يامثبت العقل فى النفوخ» كلمات: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمُسْلِمُ .. مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالْمُؤْمِنُ .. مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ» رواه أَبِو هُرَيْرَةَ لمزيد من مقالات فتحي محمود