أمام الارتفاع الجنونى لسعر الدولار الأمريكى فى مقابل الانخفاض الحاد فى قيمة الجنيه المصرى يتساءل الجميع: ماذا حدث لعملتنا المحلية؟ وما هى الأسباب الحقيقية لهذا التردى لقيمة الجنيه المصرى ومن ثم ضعف قوته الشرائية؟ وما السر فى تفشى ظاهرة السوق السوداء وعودتها بعد أن كادت تختفى التى يطلقون عليها على استحياء السوق الموازية؟. ولا أزعم أننى خبير اقتصادى أو مالى، ولكن الأمر واضح كالشمس وهو ازدياد الطلب على الدولار من المستوردين وقلة المعروض فى البنوك من العملة الأجنبية لتراجع الدخل القومى من العملات الأجنبية عموما نتيجة الظروف التى مرت بها البلاد خلال السنوات الأربع الماضية وتراجع السياحة إلى مستويات غير مسبوقة، وهى ثالث مصادر الدخل القومى بعد قناة السويس وتحويلات العاملين فى الخارج ناهيك عن زيادة الواردات عن الصادرات، وعلى ذلك يلجأ المستورد إلى السوق السوداء ليفى باحتياجاته من العملة الأجنبية، ويجد تجار السوق السوداء التربة خصبة أمامهم ليحققوا مكاسب خيالية سهلة من وراء المضاربة على العملة. ومنذ سنوات عندما تفشت ظاهرة السوق السوداء حين وصل سعر الدولار الرسمى فى البنوك إلى 036 قرشا، فى حين قفز سعره فى السوق السوداء إلى 527 قرشا، أن الحكومة اتخذت وقتئذ عدة إجراءات تمثلت فى غلق العديد من مكاتب الصرافة التى تمارس عمليات المضاربة واعتقال تجار السوق السوداء وضخ كميات ليست قليلة من العملة فى البنوك حتى استقر سعر الدولار حول 055 قرشا، وبعد 52 يناير 1102 وما حدث من تراجع السياحة إلى مصر، والذى وصل إلى حد التوقف فى الكثير من المناطق السياحية، بينما لم يتراجع حجم الاستيراد، ولم يزداد حجم الصادرات، بل ربما تراجع لتدهور الإنتاج عامة لتوقف مئات المصانع عن الإنتاج. وعلى ذلك أرى أن تتوقف الدولة ولو إلى حين عن استيراد جميع السلع الكمالية والترفيهية والسلع المستفزة والتى لها بديل من الإنتاج المحلى وربما يتفوق على نظيره الأجنبى، وعلى سبيل المثال لا الحصر، كيف نستورد طعام القطط والكلاب والحيوانات عموما ونستورد العديد من المواد الغذائية كاملة التصنيع مثل المعجنات والمعلبات بمختلف أنواعها والحلويات والأثاث المنزلى كامل التصنيع والملابس الجاهزة ونحن فى هذه الحالة الاقتصادية المتردية حتى وصلت بنا الحال إلى الإقتراض لسد احتياجاتنا الأساسية من المواد الغذائية مثل القمح.. فهل نحن فى حاجة إلى هذه السلع الاستفزازية؟ إن الموضوع برمته يحتاج إلى قرار جرىء وحكيم لوقف استيراد السلع التى لها مثيل مصرى والسلع الكمالية والترفيهية والاكتفاء بالمواد الخام الأساسية واللازمة للصناعة ولوازم الصناعات المحلية من المنتجات المصدرة للخارج، والعمل على الاكتفاء الذاتى من المحاصيل الأساسية، على أن تطبق هذه القرارات بصرامة ودون أى استثناءات مع تشديد القوانين وتغليظ العقوبة على المهربين وتجار السوق السوداء. أعتقد أن مثل هذه القرارات سوف تساعد على انتعاش المنتج المصرى والحد من الاستيراد العشوائى وبالتالى يتعافى اقتصادنا وترتفع قيمة العملة المحلية. د. صلاح خورشيد استشارى التخدير والعناية المركزة