لا أعتقد أن قضية استقلال القضاء يمكن أن تواجه أي عقبات حين كتابة الدستور الجديد, لان كل الفرقاء علي المسرح السياسي يساندون استقلال السلطة القضائية الكامل عن السلطتين التنفيذية والتشريعية. ويؤكدون ضرورة تحصين هذا الاستقلال من خلال ضمانات دستورية تغلق كل الثغرات ولا تدع مجالا لأي التباس, رغم خلافاتهم العميقة حول عدد من بنود الدستور الاخري أهمها نسبة تمثيل العمال والفلاحين في المجالس الشعبية, ومدي الحاجة إلي وجود مجلس الشوري كغرفة تشريع ثانية, وطبيعة النظام السياسي الجديد وهل يكون رئاسيا أم برلمانيا أم خليطا بين النظامين. وما حدث بعد أزمة تمويل مؤسسات المجتمع المدني التي أصابت قضاء مصر بأضرار جسيمة, أن كافة قضاة مصر يتوحدون الآن حول ضرورة توفير كل ضمانات استقلال القضاة والقضاء رغم وجود مشروعين يتنافسان علي تحصين هذا الاستقلال, مشروع المجلس الاعلي للقضاء ومشروع نادي القضاة.., وفضلا عن ذلك فان دستور71 يشكل في الواقع أساسا قويا لهذا الاستقلال, لأنه يعتبر سيادة القانون أساس الحكم ويلزم الدولة الخضوع له, كما يضمن لكل مواطن حق الالتجاء إلي قاضيه الطبيعي, ويحظر تحصين أي عمل وأي قرار إداري من رقابة القضاء, ويمكن غير القادرين من حق التقاضي, ويجعل الامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء جريمة يعاقب عليها القانون, ويؤكد استقلال القضاة الذين لا ينبغي أن يكون عليهم سلطان سوي القانون, ويمنع عزلهم ليجعل مساءلتهم من اختصاص السلطة القضائية وحدها. وباستثناء بعض الاختصاصات الإدارية التي لا تزال من سلطة وزير العدل مثل إعارة القضاة وتبعية التفتيش الثقافي للوزارة بدلا من المجلس الأعلي للقضاء, لا تكاد تكون هناك مشكلة في استقلال السلطة القضائية واستقلال القضاة إذا أحيلت كل هذه الاختصاصات إلي المجلس الأعلي للقضاء, الأمر الذي تؤكده كل مشروعات القوانين المتعلقة باستقلال السلطة القضائية, ويكاد يكون كل المطلوب تغليظ العقوبات علي من يحاول التأثير علي القضاء, وتعتبر الضمانات التي تحفظ للقاضي كرامته واعتباره إذا تضمنت بنود الدستور الجديد ما يلزم أعضاء مجلس القضاء الأعلي عدم تولي أي منصب سياسي أو تنفيذي أو حزبي قبل ثلاث سنوات بعد بلوغه سن المعاش وهو أمر لا يعارضه القضاة. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد