في الشرقية، نجد أن متحف الزعيم أحمد عرابي القائد العسكري والزعيم المصري الخالد قائد الثورة العرابية أول ثورة وطنية شعبية ضد الظلم والطغيان هو خير شاهد ودليل على مدي ما يعانيه التاريخ من اهمال، فبينما اتخذت سيريلانكا أو جزيرة سيلان حيث منفاه منذ مئات السنين من أول منزل أقام به هناك متحفا ومزارا علميا وتاريخيا لتعريف ابنائها بسيرته ومدي ما قدمه لوطنه من تضحية كما وضعت اسمه علي إحدى جامعاتها تخليدا لذكراه. كما أقامت له الأرجنتين تمثالا ضخما في أشهر وأجمل ميادينها اعترافا بقيمته كزعيم وطني ودوره في النضال من أجل التحرر ورفض التبعية. وفى المقابل، يبقى مسكنه ومتحفه داخل قريته بمحافظة الشرقية مجرد أطلال تكشف عن مدى الإهمال الجسيم واللامبالاة باثارنا ومتاحفنا ورغم مضي السنين وتعاقب زيارات المسئولين للقرية وقدوم المحافظين لتفقد المتحف والمنزل في سبتمبر من كل عام للإحتفال بالعيد القومي وهو اليوم نفسه الذي يواكب ذكري الثورة العرابية فإن جديدا لم يحدث وما زال الحال علي ما هو عليه فلا المتحف انهار أوسقطت أجزاؤه ولا تم تطويره، كونه أحد الآثار الخالدة التي يفوح منها عبق الماضي لاحتفاظه بشكله وطابعه القديم وبنائه المتواضع كحال البيوت الريفية المصرية في ذلك الوقت. ولا يوجد ما يشير الي كونه أثرا أو ذا قيمة تاريخية إلا كتابات بسيطة دونت معظمها بايدي أطفال لتعلن للجميع أن هذا هو منزل الزعيم ابن قريتهم صاحب الوقفة الشهيرة التي طالما ظلت الرمز لرفض الهوان والإستعباد ليس هذا فحسب فالمنزل نظرا لمرور السنوات وتعاقب الأجيال والتطورات التي لحقت بالمنازل المجاورة وأعمال التعلية مهدد بالفناء والإنهيار ويكاد أن يردم أويندثر تحت كومات الرماد وربما أكوام القمامة التي تعلوه وتحيطه من كل اتجاه بعد أن غادر سكانه الي العالم الآخر، ورغم زيارة وزير الآثار الدكتور ممدوح الدماطي الأخيرة وابداء استيائه من حالة المتحف المزرية الا ان جديدا لم يحدث. وقد كان الزعيم الراحل جمال عبد الناصر قد قرر إنشاء متحف أحمد عرابى بمدخل قرية هرية رزنة في الستينات لتخليد ذكري عرابي واختير له مدخل القرية ليكون رمزا لها في استقبال الوافدين اليها حيث تم تزويده بمجموعة من الصور واللوحات والمقتنيات والتماثيل لقائد الثورة العرابية ومشهدا تمثيليا لمحاكاة الوقفة الشهيرة وبعضا من التماثيل لأعضاء مجلس قيادة الثورة وهو ما تم تطويره في عهد الرئيس أنور السادات حيث تم تزويده بالإضاءة اللازمة وإضافة بعض المقتنيات ليصبح مزارا لرواد المحافظة من السائحين و الشخصيات وكذا طلاب وتلاميذ المدارس الأمر الذي تراجع في عهد الرئيس السابق مبارك حيث تعرض للاهمال وتم إخلاؤه تدريجيا من معظم المقتنيات كما يروي أبناء قرية رزنة فيقول محمد مصطفي كانت هناك سيارات تتردد بين الحين والآخر تقوم بنقل هذه الأشياء دون سبب واضح وتحديدا تلك الخاصة بمجزرة بحر البقر التي راح ضحيتها عشرات الأطفال من تلاميذ الإبتدائي بالحسينية وهي المذبحة التي أثارت الرأي العام العالمي وكشفت عن همجية ووحشية الصهاينة ليتم غلق المتحف تماما منذ نحو سبع سنوات لإعادة انشائه بدعوي أنه آيل للسقوط !