أعلن المجلس التنفيذى لصندوق النقد الدولى التقرير النهائى لنتائج أعمال بعثته لمصر ضمن مشاوراته السنوية مع الدول الأعضاء. وأظهر التقرير الذى تنفرد الأهرام بنشره أن البعثة رصدت بوادر تحول إيجابى للإجراءات التى اتخذتها الحكومة المصرية، حيث نجحت فى استعادة الاستقرار المالى والنمو الاقتصادى، تمثلت فى تحسن مستويات الثقة فى الاقتصاد المصرى والتى سترتفع أكثر مستقبلا مع استمرار الحكومة فى تنفيذ سياساتها الإصلاحية، والمنتظر معها زيادة معدلات النمو من 2% كمتوسط فى السنوات الأربع الماضية إلى 3.8% للعام المالى الحالى ترتفع إلى 4.3% العام المالى المقبل 2015/2016، وإلى 5% على المدى المتوسط، مما يسهم فى توفير فرص عمل جديدة وتخفيض مستويات البطالة. ورصد التقرير الصعوبات التى واجهتها مصر فى السنوات الأربع الماضية، حيث أدت الاضطرابات السياسية، التى اندلعت عام 2011، إلى تحول حاد فى مسار الحساب الرأسمالى وإضعاف معدلات النمو الاقتصادى، بينما أسفر تيسير السياسات عن توسيع اختلالات المالية العامة والحسابات الجارية، وعلى مدار السنوات الأربع الأخيرة ارتفع معدل البطالة متجاوزا نسبة 13%، كما ارتفعت نسبة الفقراء إلى 26.3% من تعداد السكان بنهاية عام 2012/2013، وتجاوز عجز المالية العامة نسبة 10% من إجمالى الناتج المحلى منذ عام 2011 يمول معظمه من مصادر محلية الأمر الذى أسهم فى ارتفاع مستوى التضخم ، كما بلغ الدين العام 90.5% من الناتج المحلى منتصف عام 2014. وأكد أنه مع ضبط أوضاع المالية العامة يتوقع أن يصل عجز الموازنة إلى أقل من 8% من إجمالى الناتج المحلى بحلول عام 2018-2019، وأن يأخذ الدين الحكومى مسارا تنازليا، مشيرا إلى أن عملية التصحيح المالى صممت بحيث تحافظ على النمو الاحتوائى (يركز على التنمية بجانب تخفيض معدلات الفقر)، والذى يسمح بزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم والبحث العلمى تنفيذا للدستور ، كما أن عملية التصحيح هذه تحقق إصلاحات فى الدعم بما يجعله أكثر كفاءة وعدالة، وترفع الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة، وتدعم شبكات الأمان الاجتماعى بإرساء نظم للتحويلات النقدية، وسيؤدى انخفاض عجز المالية العامة إلى دعم التخفيض المستهدف للتضخم حتى يصل إلى 7% على المدى المتوسط. وأشار التقرير إلى أن الحكومة تستهدف زيادة تغطية الاحتياطيات للواردات لما يعادل 3 أشهر بنهاية العام المالى الحالى، و3.5 شهر على المدى المتوسط، لافتا إلى أن تحقيق هذا يتطلب استمرار التمويل الخارجى الذى تحصل عليه مصر. وأكد التقرير أن مجلس محافظى الصندوق يرحب بتحسن آفاق الاقتصاد المصرى ويؤيد خطط الحكومة المصرية لاستعادة الاستقرار الاقتصادى الكلى وتشجيع النمو الاحتوائى، وزيادة معدلات توظيف العمالة، مشددين على أهمية انتهاج سياسات لاستعادة النمو وتوفير فرص العمل وحماية الفقراء، ورأى أن إصلاحات الإطار التنظيمى لأنشطة الأعمال والاستثمار وتطوير القطاع المالى تمثل عاملا جوهريا فى تشجيع المنافسة الحرة وإطلاق النمو بقيادة القطاع الخاص. ورحب مجلس المديرين التنفيذيين أيضا بتركيز الحكومة المصرية على تحسين البنية التحتية وإصلاح قطاع الطاقة، مؤكدا أن الاستثمار ينبغى أن يستهدف توفير فرص العمل على المدى القصير، وزيادة النمو الممكن والصادرات على المدى الطويل، واتفق المديرون على أن موارد المالية العامة المحدودة، ومديونية القطاع العام الكبيرة، تتطلبان دقة فى تصميم المشروعات العامة ومراقبتها لتجنب نشوء التزامات فعلية أو احتمالية على الخزانة العامة. ورحب مجلس المديرين بسياسات الحكومة الرامية إلى حماية الفقراء، وأيد إطلاق نظام جديد للتحولات النقدية وإصلاح نظام بطاقات التموين، إلى جانب التزام الحكومة بتحسين استهداف المستحقين للدعم وزيادة المزايا المقدمة لهم، ورأوا أن زيادة الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمى إذا نفذت بحكمة يمكن أن تعزز جودة الخدمات العامة، ومدى توافرها وأن تدعم النمو الاحتوائى على المدى الطويل. وشدد المديرون على ضرورة ضبط أوضاع المالية العامة لتحقيق الاستقرار الاقتصادى الكلى وضمان استمراريته على المدى المتوسط، وأشادوا بالإجراءات التى اتخذتها الحكومة لزيادة الإيرادات واحتواء الإنفاق العام، خاصة إصلاح دعم الوقود الذى بدأ عام 2014. وأكد المديرون أهمية الحفاظ على وتيرة الإصلاحات لوضع نسبة الدين العام إلى إجمالى الناتج المحلى على مسار تنازلى، حيث اتفقوا على أهمية توسيع نطاق الإيرادات الضريبية، والسيطرة على الإنفاق الجارى، بما فى ذلك التعجيل بوضع ضريبة حديثة للقيمة المضافة، ومواصلة إصلاحات الدعم ونظام تحديد الأجور، وتعيين العمالة فى القطاع العام، وبالنسبة لدعم الطاقة أكد المديرون أن انخفاض أسعار البترول أخيرا يتيح الفرصة لتعجيل وتيرة الإصلاحات، وأشاروا إلى أن ضبط أوضاع المالية العامة سيدعم هدف البنك المركزى المتمثل فى تخفيض التضخم إلى أقل من 10%.