تكدس وازدحام فى الفصول وشكوى مستمرة من نقص اعداد المدارس وهذا ليس غريبا لانه يتكرر امام اعيننا كثيرا ، ولكن فى المقابل هناك شىء اخر يثير الدهشة، وهو ان يتبرع الاهالى بالاراضى لاقامة المدرسة التى يحتاجونها داخل القرية او المدينة ثم لا يجدون أى تعاون من هيئة الابنية التعليمية لتنفيذها لدرجة تجعل الكثير من الاهالى يوفرون من اقواتهم لبناء المدرسة بصرف النظر عن امكانياتهم المادية المتواضعة لدرجة ان منهم من يساهم بالقوة العضلية اذا لم يجد المال الذى يشارك به . اما هيئة الابنية فلا تجد غضاضة اطلاقا فى الرد بالمبرر الواهى وهو ضعف الاعتماد المالى ، ليتساءل الأهالى : اى اعتماد هذا الذى يوقف بناء المدرسة اكثر من 15 عاما رغم توافر قطعة الارض ؟ واى اعتبارات تتخذها الهيئة لتعطى على اساسها الاولوية لبناء المدارس ؟.. اسئلة نحاول الاجابة عليها من خلال هذا التحقيق . بداية يقول المهندس حازم عمر ان اسرته - وتحديدا ورثة المرحوم محمد عبد الحق عمر - تبرعت بقطعة ارض تتجاوز اربعة الاف متر منذ عام 1998 وصدر لها قرار تخصيص من محافظ الشرقية برقم 470 فى ذات العام بقبول التبرع ، والمنتظر أن تدرج فى خطة التنفيذ فى موازنة 2015 – 2016 ، وقد تبرعنا بما يتجاوز الاربعة الاف لانشاء مدرسة ثانوية بمركز منشاة ابو عمر لانهاء معاناة طلبة المرحلة الثانوية الذين يضطرون للتوجه يوميا الى مركز الحسينية الذى يبعد عن مركزهم سبعة عشرة كيلو مترا يوميا ذهابا وايابا وذلك لانه الخيار الوحيد المتاح لاتمام دراستهم الثانوية ، ورغم حاجتهم الماسة للوقت لاستثماره فى المذاكرة يجدونه مهدرا وبشكل يومى بين المواصلات التى تضطرهم لاستنزاف الوقت ولم نجد امامنا طوال الاعوام الماضية سوى مناشدة هيئة الابنية لتتم عملية البناء ولكن حتى الان مازالت "وعود" ولم ترق الى حد التنفيذ ، فقد وفرنا على الدولة اكثر من ستة ملايين جنيه هى قيمة ثمن الارض ، وكل ما يتبقى هو البناء فقط فلماذا التأخير ونحن فى احوج ما نكون اليها حتى نوفر على ابنائنا عناء السفر والمواصلات يوميا ونوفر على اسرهم النفقات المادية التى ينفقونها بشكل يومى مرغمين رغم دخول معظمهم المحدودة كغيرهم فى قرى مصر. التبرعات نوعان ويوضح المهندس محمد الشبراوى مدير عام الابنية التعليمية بالشرقية ان التبرعات لهيئة الابنية التعليمية نوعان اما بالارض ، وهى تمثل اكثر من 90 % من التبرعات، واما التبرع بالبناء وهى تمثل الجزء الباقى ، وهنا نقوم بالاشراف عليها هندسيا "مجانا" اما الاراضى التى يتم التبرع بها فتبنيها الهيئة وتحدد تمويلها سنويا وفق الاعتماد المالى المتاح للهيئة حيث يتم تجهيز اوراق كل مدرسة من مستندات تخصيص وغيرها من المتبرع بها ويتم عمل اعلان لاتمام المناقصة واختيار افضل العطاءات لتحديد المقاول الذى يقوم بالبناء ، وكل ذلك تحت اشراف دقيق على مواصفات تحددها الهيئة وتضمن تنفيذها ثم تتم عملية البناء وهذا يستغرق ما يقرب من ثلاثة اشهر بعد وضع المدرسة فى خطة العام طبعا . اما التبرع بالبناء فيتقدم الراغب فى التبرع للهيئة ونحدد الميزانية المفترضة ونعرض عليه قطع الارض المتاحة والميزانية المقررة لكل منها ويختار وفق امكاناته كما نحدد للمتبرع عدد الفصول ونحدد الرسومات الهندسية الخاصة بالمدرسة للمتبرع والذى تقدم له مجانا ونقوم بعمل اختبارات الجودة مجانا وكذلك نشرف من خلال مهندسى الهيئة مجانا ايضا . سبب التأخير ويضيف المهندس الشبراوى ان التأخير فى بناء المدارس يرجع الى ان هناك عددا كبيرا جدا من الاراضى متبرع بها لصالح الهيئة وهو عدد يتخطى ال 300 قطعة ارض جاهزة للانشاء ولكن التمويل السنوى من الخطة الاستثمارية للمحافظة لا يتجاوز 113 مدرسة بينما لا تكفى فعليا الا لبناء 50 مدرسة فقط بتجهيزاتها لذلك يتم الاستعانة بالمتبرعين لزيادة العدد المتاح من المدارس وتكون الاولوية لدينا فى انشاء المدارس للطلبة التى يتم الاحلال الكلى لمدارسهم وتليها مدارس الفترتين والثلاث فترات لتخفيف حجم التكدس وتاتى فى النهاية المدارس ذات الكثافة العالية لتقليل كثافتها. معاناة الأهالي ويحكى الاهالى معاناتهم وتحديدا فى قرية سندنهور ببلبيس والتى استمرت فيها مدرسة التعليم الاساسى 113 سنة بالطوب النيئ كما يقول حمدى طلعت ان البسطاء قرروا ان يتم احلال هذه المدرسة لاجل ما يتكبده ابناؤهم من معاناة خاصة مع فصل الشتاء فتسقط الامطار على رؤوسهم لذلك ساهم كل منا بما يستطيع من مقدرة مادية ومن لم يستطع قرر ان يساهم بقوته العضلية حتى الاطفال اخذوا يساهمون فى حمل موادالبناء والابتسامة لا تفارقهم لدرجة اننا عندما حاولنا منعهم بكوا رغبة منهم فى المساهمة مثل ابائهم ولكن توقف العمل قليلا لان ماجمعناه لم يكمل العمل بعد ولكن الان لن نياس فستستمر المساهمة فمن لديه قالب طوب واحد سيشارك ومن لديه قطعة حديد واحدة سيساهم حتى نجنب صغارنا المسافات الطويلة وعبور الطرق السريعة التى قد تكلفنا ارواح فلذات الاكباد ناهيك طبعا عن الاعباء المادية التى تثقل كاهل الفلاحين البسطاء والحالمين بتعليم ابنائهم رغبة فى حياة افضل . ويحكى حامد عامر ان ذات المعاناة كان يتكبدها اطفالنا فى قرية بير عمارة وقد تم تخصيص قطعة الارض منذ سنوات ولكن دون ان يتم انشاء المدرسة حتى جاء محمود خميس احد رجال الاعمال وتبرع بانشاء مدرسة بالقرية واخرى بقرية المنشية لخدمة الاطفال حتى لا يضطروا لعبور الطريق السريع بعد تكرار الحوادث والتى اودت بحياة الاطفال والمدرسة الان بها فصول لرياض الاطفال واخرى لكل مراحل التعليم الاساسى بداية من الصف الاول الابتدائى وحتى الصف السادس . اما القرى المحرومة فهى كثيرة واستمرار الدعم المادى لها اصبح فرضا على كل رجال الاعمال المخلصين حتى لا نستنزف طاقة ابنائنا فى المواصلات ولا تتحول الانامل الصغيرة لقطع من الثلج نتيجة للاستيقاظ قبل ميعاد المدرسة بساعتين حتى يصلوا الى مدارسهم المجاورة فى الميعاد المحدد.