ما بين انقطاع التيار الكهربائى واختفاء اسطوانات الغاز من مستودعاتها، تأرجح المواطنون بحثا عن السبب،الذى ارجعته الحكومة إلى الموجة الشديدة البرودة التى ضربت البلاد . ولأنها غير مسئولة عن أحوال الطقس، تكون تلك الأزمات خارجة أيضا عن نطاق مسئوليتها بالتبعية، إضافة إلى غرق شوارع الاسكندرية وغيرها من المحافظات وما صاحبه من شلل مرورى، أوحى للبعض أن الحكومة بلا أزمة، فكل ما يحدث سيتوقف عندما يعود الطقس لحالته الطبيعية ومن ثم تعود الحياة لسابق عهدها ومعها تنتهى الأزمات فتجف الشوارع ويذهب الشلل المرورى، ويعود التيار الكهربائى إلينا، كما تعود أسطوانات الغاز إلى مستودعاتها. ما حدث خلال الأيام الماضية كان مثيراً لعدد كبير من المواطنين البسطاء، عندما يتوجهون لمكان بيع اسطوانات الغاز للشراء، فلا يجدونها، وهم يرون على بعد أمتار قليلة من يبيعها بعشرة أضعاف سعرها الرسمى وبكميات كبيرة، فماذا يفعلون وهذا السعر يمثل جزءاً مهماً من دخلهم الشهرى. تلك أزمة كبيرة بالنسبة إليهم سمحت الحكومة بحدوثها، بل وقفت تراقب مثل المواطن البسيط، بلا حول و لا قوة، وبررت الحكومة نقص المعروض من أسطوانات الغاز لأسباب تراها خارجة عن الإرادة، والمبررات التى ساقتها غير مقبولة، لأنه من المفترض أنها تعلم الكمية المتاحة من البوتاجاز ومتى تنتهى، كما تعلم أيضا الوقت المناسب للاستيراد، ولكن الذى حدث بحسب تصريحات مسئولين فيها، أن السفن المحملة بالكمية المطلوبة من البوتاجاز تأخرت نظراً للظروف الجوية السيئة،بما يعنى انها أخطات فى تقدير الوقت المناسب لسد النقص فى الكمية المطلوبة، وبدأت فى طلبها فى وقت ضيق جداً وهو ما يؤكد أن هناك سوء إدارة للموقف، ولكن أن تسمح بوجود سوق سوداء للمتاجرة بتلك السلعة الضرورية فهذه كارثة بكل المقاييس، فهى إما عاجزة عن السيطرة على السوق، أو فشلت بدرجة الامتياز فى القضاء عليه، و هذه واحدة من الكبائر التى تهدد وجودها. مع العلم أن السوق السوداء لتجارة البوتاجاز موجودة منذ سنوات، و لكنها اعتادت وجودها مثلما اعتادها المواطن!! أما انقطاع التيار الكهربائى فبررته وزارة الكهرباء بعدة أسباب منها البرودة الشديدة للجو التى تدفع الناس لزيادة استهلاك الكهرباء من أجل التدفئة، و أعمال الصيانة الدورية، وبناء عليه نتساءل، لماذا لم تتم أعمال الصيانة فى الفترة السابقة التى لم تشهد انقطاعاً للتيار؟ وهو ما يتنافى مع تصريحات ذهبت إلى ان الصيانة تتم بشكل دورى، فلا يتبقى إلا ان يتوجه كل المواطنون بالدعاء لله بأن يمنع عنا آى موجة برد أخرى، حتى لا نفاجأ بانقطاع جديد للتيار الكهربائى! لأننا فى الماضى كنا نعرف أن ارتفاع حرارة الجو يؤدى إلى انقطاع الكهرباء نظراً لارتفاع الأحمال على الشبكة، أما اليوم فقد تميزت الوزارة الحالية عن كل سابقيها بتبرير الانقطاع بسبب برودة الجو، و اذا كان وزير الكهرباء الحالى بعد أيام يتم مرور عام على توليه مسئوليته، ومن المتوقع استمراره حتى منتصف مايو بعد انتخابات مجلس الشعب، وهو أيضاً الذى صرح فى فبراير السابق بأنه ستدخل الخدمة محطات جديدة للحد من تلك الظاهرة ولم نرها، فهل يمكن أن نعرف ماذا سيحدث فى الصيف المقبل، حيث إن التصريحات لم تحل الأزمة و هل سوف يستمر المواطن فى الدعاء بأن يرزقه الله صيفاً لطيفاً بلا ارتفاع فى درجات الحرارة حتى يتجنب عودة انقطاع الكهرباء كما حدث الصيف الماضى الذى حمل ذكريات سيئة لنا جميعاً. هل تتذكر الحكومة أن شبكة الصرف الصحى فى القاهرة الكبرى تحتاج إلى صيانات عديدة فى أماكن متفرقه بمبالغ هائلة وأن المقدر لها فى الموازنة فى حدود 40 مليون جنيه تقريبا (الاحلال والتجديد) وهو مبلغ هزيل جدا بالنسبة لحجم الصيانة المطلوب، لذا نفاجأ بانفجار إحدى مواسير الصرف نظراً لسوء الصيانة، والمبرر جاهز و هو فى ضعف الامكانات. وهل تتذكر الحكومة بأن هناك أزمة فى المرور وأن الحل لا يكمن فقط فى سن قانون يغلظ العقوبات، بل يكمن فى تنفيذه بالاضافة إلى تنظيم المرور، فعلى سبيل المثال تشهد أماكن كثيرة كثافات مرورية عالية معظم الأيام فى ساعات الذروة، و كلنا يعلم أن أهم اسبابها الاستخدام السيئ من سيارات السيرفيس التى تسد بعض منازل أو مطالع الكبارى، وبعض الأجزاء الحيوية من الطرق لتحميل أو تنزيل الركاب، حتى بات الأمر جزءاً من ثقافة المواطن ورجل المرور. و هل تعلم الحكومة أن فساد المحليات لن يتم علاجه بتغيير المحافظين بل بتطوير منظومة العمل بها وتقليل وتقنين التعامل بين موظفى المحليات وطالب الخدمة وهو أمر جل ما يحتاجه الارادة، لكن كيف تتواجد مع حكومة أعلنت من قبل عن قانون التصالح فى مخالفات البناء وملأت الدنيا ضجيجاً بأنه سيوفر للدولة 200 مليار من الجنيهات، كما أعلنت عن قانون التصالح فى جرائم الكسب غير المشروع الذى سمعنا ضجيجاً عن فوائده وما سيوفره للدولة.. كل هذا الضجيج ولم نر طحيناً. أصبح المواطن يعيش أزمات متلاحقة، يخرج من انقطاع الكهرباء ليقع فى حفرة البوتاجاز، وعليه أن يتعايش مع مشاكل أخرى، مثل المرور والقمامة وتدهور المستشفيات الحكومية و.. إلخ، وفى المقابل يخرج المسئولون تعلو وجوههم ابتسامة باهتة مصحوبة بتصريحات فضفاضة، ليعيش المواطن على أمل تحقيقها، فإلى متى يظل المواطن فى خندق الأزمات والحكومة كأنها تسكن فى جزيرة أخرى بلا أزمات؟! [email protected] لمزيد من مقالات عماد رحيم