قبل أن نودع ربيع الأول..شهر مولد الرسول صلى الله عليه وسلم واحتفالاته والذكرى 1383 لمولده الشريف[ حيث ولد قبل الهجرة ب53 عاما]..والصراع السنوى الذى طل علينا فى السنوات الأواخر مع انتشار فضائيات المذاهب والطائفية والأهداف السياسية..وشيوخها غيرالمتخصصين ولا المؤهلين ولا العلماء..فى معظمهم..والذين يحرمون ويبدعون كل شىء بغير سلطان أتاهم..معتمدين على أن أمة " اقرأ "لا تقرأولا تستقرىء ولا تتفكر..وتكتفى فقط بأن" تسمع "..وقد قال المصطفى" كفى بالمرء كذبا ان يحدث بكل ماسمع".لم يكتفوا بالكراهة..بل حرموا الاحتفال وقالوا..إنها بدعة وضلالة وفى النار!!! حجتهم أن فى الإسلام عيدين فقط عيدىّ الفطروالأضحى..الصحابة لم يحتفلوا بالمولد..ألا نقلد الكفار..قول المصطفى"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". وهو فهم غريب للآيات والأحاديث..فلا يوجد أى نص يحرم الاحتفال بغيرالعيدين..بل النصوص الصحيحة تحض على الاحتفال بغيرهما..ومنها اعتبار يوم الجمعة يوم عيد أسبوعى أى 52 عيد جمعة فى السنة "إِنَّ هَذَا يَوْمُ عِيدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ لِلْمُسْلِمِينَ..فَمَنْ جَاءَ إِلَى الْجُمُعَةِ فَلْيَغْتَسِلْ..." و يوم عاشوراء الذى كان عيدا لليهود لنجاة موسى وقومه فيه فقال"نحن احق بموسى منهم"واحتفل به صوما ونحتفل بذكرى الإسراء والمعراج ونصف شعبان وليلة القدر...! والبعض يسألون أسئلة عجيبة..مثل:ما حكم التهنئة بيوم الجمعة وقول" جمعة مباركة "؟ ويأتى الرد أكثرعجبا:التهنئة بعيد الفطروالأضحى مشروعة بقول:تقبل الله منا ومنك..لأن الصحابة قالوا هذا.وأما التهنئة بيوم الجمعة..فغير مشروعة لأن الصحابة لم يفعلوها وعلينا اتباعهم فلا نحدث شيئاً لم يفعلوه.هكذا!!..وكأن الصحابة هم الأسوة وليس الرسول ويقول تعالى"لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ"ولم يقل فى صحابته أسوة حسنة!..ونحن نعلم ان منهم من ارتد ومن أحدث أمورا تخرج عن سنة المصطفى خاصة بعد الفتوحات! أما عن قول المصطفى صلى الله عليه وسلم"من أحدث في(أمرنا هذا)ما ليس منه فهو رد"..فواضح ان المقصود أمر ديننا وشرعنا..بأن يُحدث شرعا جديدا غيره كما فعلت البهائية والقاديانية من إدعاء ان نبيا جاء بعد سيدنا محمد فبدلوا فى الشريعة وفى الصلوات والصوم والحج وألغوا الجهاد.أما تصور التزامنا بكل كلمة وتصرف فعلوه فهو مالم يأمرنا به الله ولارسوله وهم ناقضوه بالطبع باستخدامهم لوسائل التكنولوجية الحديثة! فلماذا يركبون السيارة والطائرة ولم يفعلها الصحابة ؟!..هم بذلك الفهم الغريب يلغون حديث"من سَنَّ فى الإسلام سُنَّة حسنة..فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة"..ولو كان المقصود بالسُنَّة الحسنة تقليد الصحابة لكان إحياء لسُنَّة الصحابة وليس سُنَّة لفاعلها.كما فصلت سابقا فى مقال[دعاء رأس السنة الهجرية ليس بِدعة بل سُنَّة حَسَنَة]. الأصل شرعا التحليل مالم يرد نص صريح بالتحريم..لكن هؤلاء يقلبون الأمر ويجعلون التحريم هو الأصل مالم يأتى نص يحلل!! ولقد قال تعالى"وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ ".."يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ".."فتحريم الحلال لايقل حُرمة عن تحليل الحرام ففى كلٍ اعتداء على الشرع..وقد عاتب الله تعالى رسوله بتحريمه للحلال فى سورة كاملة اسماها(التحريم)"يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ" ويقول رسولنا "هلك المتنطّعون" مكررها ثلاثة.وهم المتشددون فى أمور دينهم وحياتهم ويقول"لا تشددوا فيشدد الله عليكم"وحين زاره ثلاثة..قال أحدهم:إني أصلي الليل أبدا وقال آخر:أنا أصوم الدهرولا أفطر.وقال الثالث:أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا. فقال المصطفى"لكني أصوم وأفطروأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني" يقول تعالى"قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ....قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِالْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ". ولقد احتفل الرسول بيوم مولده أسبوعيا وليس فقط سنويا فكان يصوم يوم الاثنين ويقول"هذا يوم ولدت فيه". كما احتفل الله تعالى بمولد المصطفى فجعل يوم ميلاده ال 53 هو يوم نجاته من المشركين ووصوله إلى المدينة يوم الهجرة لبناء دولة الإسلام.وأحتفل الأنصار به واستقبلوه بالدفوف والغناء.كما احتفل به مرة أخرى فى عيد ميلاده ال63 حين حقق له ما أختاره برفض المُلك والتعمير فى الأرض وقال" بل الرفيق الأعلى"فأختارالله تعالى هذا اليوم ليكون يوم لقاءة وقد أتم تبليغ الرسالة وأداء الأمانة..وكانت آخر كلماته "أيها الناس...إنى والله ما تمسكون عليّ بشئ..إنى لم أحل إلا ما أحل القرآن..ولم أحرم إلا ما حرم القرآن"..فلا تحريم إلا بنص قرآنى! فلنحتفل بذكرى مولد رسولنا..ويوم هجرته..ويوم لقاء ربه..فنصوم كما صامه ونكثرمن الصلاة عليه وندخل السرور والبهجة على أطفالنا بالحلوى..ليتذكروا هذا اليوم العظيم فى تاريخ البشرية.