بات على الغرب أن يدرك الآن أنه ارتكب مجموعة من الأخطاء الفادحة التى يدفع ثمنها اليوم غاليا وذلك حيث فتح ذراعيه لبعض الجماعات المتطرفة وأصر على احتضانها باعتبارها قوى معارضة للأنظمة فى المنطقة وبإمكانه تجنيدها لخدمة مصالحه حين يريد، دون أن يدرى أن هذه الجماعات ستكون شوكة فى ظهره يعانى منها، كما تعانى البلاد التى خرجوا منها ويكتوى بنارها، كما اكتوت بها بلادهم. وعقب حادث استهداف مقر صحيفة شارلى إبدو الفرنسية بباريس، وبغض النظر عن الموقف من الصحيفة وما تنشره، بات عليه أيضا أن يعترف بخطأ سياسته تجاه هذه الجماعات الإرهابية التى ظلت طوال عقود تنمو وتترعرع فى كنفه ويوفر لها غطاء من الشرعية والدعم، ولم يفطن أن السحر سوف ينقلب يوما على الساحر وربما يكون سببا فى تدميره. لقد ظن الغرب أنه بمنأى عن خطر الإرهاب ومعزل عن شره المستطير وصم آذانه فى وجه دعوات مخلصة للتكاتف من أجل مواجهة هذا الخطر المحدق بالجميع وأصبح يهدد العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه. وما أكثر التحذيرات التى أطلقها العقلاء والحكماء من دول المنطقة من أجل ضرورة المواجهة الشاملة لدحر غول الإرهاب المتوحش، دون أن تجد لها صدى لدى بعض دول أوروبا أو تأخذها على محمل الجد، متهمة دول المنطقة بمعاداة الديمقراطية وحقوق الإنسان وهنا تجدر الاشارة إلى تنبيه مصر وتحذيرها مرارا من خطورة هذه الظاهرة وتأكيدها أن الإرهاب سيصل إلى الجميع وأن الغرب ليس بمعزل عنه وأن الإرهاب لا وطن ولا دين له وأنه ظاهرة عالمية يتعين القضاء عليها من خلال تكاتف جميع الجهود الدولية. كما ينبغى التنويه إلى مطالبة القاهرة دول العالم بتحالف شامل يستهدف جميع التنظيمات الإرهابية فى المنطقة، وألا تقتصر المواجهة على تنظيم بعينه أو القضاء على بؤرة إرهابية بذاتها، ولكن يمتد ليشمل كل البؤر الإرهابية فى المنطقة. ولعل الأحداث الأخيرة، وما جرى فى فرنسا خلال الأيام القليلة الماضية تجعل الغرب يفيق من سباته ويتخلى عن أنانيته ويدرك قبل فوات الاوان أهمية وجود نوع من التنسيق بين دول العالم كلها لمواجهة هذه الظاهرة الرهيبة التى تهدد بالقضاء على الأخضر واليابس فى العالم كله. لمزيد من مقالات رأى الاهرام