رنة مميزة على تليفونى المحمول تعلن وصول رسالة تحمل أخبارا جديدة. "تحتفل مصر بذكرى المولد النبوى الشريف ثم تحتفل فى ذات الأسبوع بذكرى ميلاد المسيح". كانت تلك هي الرسالة. قرأت الرسالة بتمعن وقلت لنفسى لقد جمع شعب مصر بين فرحتى مولد محمد صلى الله عليه وسلم والمسيح عليه السلام. وتذكرت حينها ما آل إليه حال الشرق الأوسط أرض الأنبياء وشعوبه من تدهور مذهل فى الأعوام الأخيرة بعد أن لعب وتلاعب "الشيطان" و"حلفاؤه" بعقول شعوب المنطقة والعالم لتتفجر براكين الغضب وحمم الدمار والموت. لقد ظهر من زرعوا الفتن الطائفية بين أبناء الأديان المختلفة، ثم بين أبناء الدين الواحد، مستغلين نسيان أوتناسى أو جهل البعض بصحيح الدين والأخلاق. وهم يحاولون أن يدفعوا البسطاء إلى نسيان أن إسم عيسى ابن مريم عليهما السلام ورد ذكره فى القرآن تحديدا 25 مرة. ووجدت نفسى أتذكر ما قاله القرآن الكريم، الذى يحمل كلام الله، فى نبى الله عيسى عليه السلام. "وجعلنا ابن مريم وأمه أية وأوينهما إلى ربوة ذات قرار ومعين"(المؤمنون 50). "إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيها فى الدنيا والأخرة ومن المقربين"(آل عمران 45) "ويعلمه الكتب والحكمة والتورة والإنجيل"(آل عمران 48) "وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصلحين"(الأنعام 85). وأنبأ عيسى عليه السلام قومه بقدوم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال الله تعالى فى كتابه العزيز:"وإذ قال عيسى ابن مريم يا بنى إسرائيل إنى رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدى من التوراة ومبشرا برسول يأتى من بعدى اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين"(الصف6). وتناول القرآن ما قاله عيسى عليه السلام عن نفسه فى وجه المشككين :" قال إنى عبد الله ءَاتَنىَ الكتب وجعلنى نبيا(30) وجعلنى مباركا أين ما كنت وأوصَنى بالصلوة والزكوة ما دمت حيا(31) وبَرا بوَلِدَتى ولم يجعلنى جبارا شقيا(32) والسّلامُ عَلىَّ يَومَ وُلِدتُ وَيَومَ أَمُوتُ وَيَومَ أُبعَثُ حَيّاً" (مريم 30 33)، ثم قال الله تعالى :"ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذى فيه يمترون"(مريم 34). وقد وجه الله أمره إلى رسله فى قوله تعالى :"يأيها الرسل كلوا من الطيبت واعملوا صالحا إنى بما تعملون عليم.(51) وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون"(المؤمنون 5152) وأكد القرآن على إيمان الحواريين حيث جاء فى كتاب الله العزيز: "فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصارى إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله أمنا بالله واشهد بأنا مسلمون.(52) ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشهدين(53)"(آل عمران 5253). ويخبرنا القرآن الكريم عن تدخل الله عز وجل لنصرة نبيه ورسوله عيسى عليه السلام حيث قال تعالى: "إذ قال الله يا عيسى إنى متوفيك ورافعك إلى ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة ثم إلى مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون"(آل عمران 55). لقد نسى دعاة الفتنة والتنازع بين الأديان والمذاهب التحذير الإلهى الأبدى الذى جاء فى قوله تعالى:"ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون"(الحشر 19) وبالفعل فما نشهده اليوم على الساحة العالمية والإقليمية بل والمحلية يؤكد بما لايدع مجالا للشك أن هناك من نسى كلمات الله أوتناساها عمدا وأن هناك بالفعل من "أنساهم الله أنفسهم" فأصبحوا خارجون عن طاعة اللّه، وهالكون يوم القيامة، وخاسرون يوم معادهم. دارت تلك الأفكار فى ذهنى، فنحيت تليفونى المحمول جانبا ونظرت إلى الأفق فى صمت. لمزيد من مقالات طارق الشيخ