فى سباق انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة قصة تستحق أن تروي! فى نوفمبر عام 2010 ، قفز السيناتور الشاب ماركو روبيو إلى واجهة السياسة الأمريكية بعد فوزه بأول مقعد فى مجلس الشيوخ الأمريكى للمنحدرين من أصل كوبى وتحول السناتور الشاب الى حديث وسائل الإعلام الأمريكية لعدة شهور وسط توقعات بانه سيكون صاحب حظوظ جيدة لو ترشح للرئاسة الأمريكية، فهو صغير السن والده من المهاجرين الوافدين من كوبا على ظهر القوارب الى شواطئ فلوريدا ويحمل أجندة محافظة تقربه من اليمين المسيحى ويعارض السياسات المتسامحة مع المهاجرين غير الشرعيين. كنت حاضرا فى احتفال روبيو بانتصاره فى قصر شهير بمدينة ميامى وصعد السناتور الجمهورى الشاب الى المنصة حاملا طفله الصغير والى جواره زوجته وابناؤه الأربعة فى مشهد أعاد الى مخيلة الأمريكيين عائلة جون كينيدى فى الستينيات، فهو متحدث يملك مقومات الشخصية القوية والوسامة وأسرة أمريكية تقليدية يمكن أن تخترق قلوب الكثير من الأمريكيين بسهولة. فى كواليس الحدث، رأيت جيب بوش سليل عائلة الرؤساء الشهيرة وحاكم فلوريدا السابق الذى كان مكتبه على بعد أمتار قليلة من منصة الاحتفال يشرف على الترتيبات بنفسه ثم صعد الى المنصة لتقديم روبيو، فيما كان الهمس بين الحضور عن دوره فى دعم ورعاية النجم الصاعد فى الحزب الجمهوري. فى السنوات الأربع الماضية جرت مياه كثيرة فى نهر السياسة الأمريكية بعد تعثر رئاسة باراك أوباما وطموح الجمهوريين فى العودة للبيت الأبيض وفى ليلة رأس السنة أعلن جيب بوش تخليه عن كل مناصبه العامة والخدمية فى اشارة الى اعتزامه دخول سباق الترشح عن الحزب الجمهورى كثالث عضو من أسرة بوش يطمح الى رئاسة أمريكا، دخول الأب الروحى لروبيو السباق يضع السناتور الشاب فى مأزق المضى قدما فى الترشيح أو مساندة سليل الأسرة العريقة صاحب الشعبية الكبيرة وحتى اللحظة يبدى روبيو رغبته فى نيل شرف الترشح عن الجمهوريين لكنه يعلم أن فرصه أقل حيث سيتجه كبار المتبرعين الى بوش الثالث وهو ما أظهرته استطلاعات الرأى الأخيرة. البعض يقول إن استمرار روبيو فى السباق يضمن له دعم مكانته فى السياسة الأمريكية خاصة أنه سيطلق كتابا جديدا بعد أيام بعنوان الأحلام الأمريكية وبعدها يتسلم الجمهوريون الأغلبية فى مجلس الشيوخ بما يعنى أن دوره سيصبح أكثر أهمية فى مواجهة أجندة أوباما حول قضايا الهجرة والسياسة الخارجية وهما ملعبه الرئيسي. بوش الثالث سبق أن قال عن روبيو فى مقابلة مع المذيع الشهير تشارلى روز له مكانة خاصة فى قلبى منذ أن سانده فى أول انتخابات وعمره 26 عاما بتبرع 50 دولارا وعندما فاز بمنصب رئيس المجلس التشريعى للولاية عام 2006 منحه سيف شيانج من الذهب الخالص - وهو من أبداعاته ويرمز الى محارب أسطورى يؤمن بالقيم المحافظة ورأسمالية المشاريع وفى القيم الأخلاقية التى تظلل المجتمع الحر. اليوم، مأساة التلميذ أنه يطمح للرئاسة ويصطدم برغبة المعُلم.. فلو فاز بوش الثالث لن يجد روبيو (44 عاما) فرصة أخرى للوصول لحكم أمريكا فى المستقبل حيث لم يسبق أن خرج من فلوريدا رئيس ولو فعلها جيب بوش فلن يكررها أخر فى مدة زمنية قريبة. قصة الصراع النفسى والطموح سوف تظهر فى الأشهر القادمة حيث الطريق مازال طويلا حتى اجراء الانتخابات فى نهاية 2016 وبوش الثالث يبدو الأوفر حظا لنيل ترشيح الحزب الجمهورى المنتظر أن يخوض انتخاباته الداخلية أسماء أخرى مثل ميت رومنى المرشح السابق للرئاسة وكريس كريستى حاكم نيوجيرسى الا أن الاهتمام سيذهب لعائلة بوش بكل ثقلها خاصة وأن جيب بدأ يحصد الاهتمام فى وسائل الاعلام وهو بالفعل يحظى بصورة ذهنية مختلفة عن والده وأخيه وربما يكون خصم هيلارى كلينتون المرشحة الأبرز فى معسكر الديمقراطيين ويعيد سيناريو مواجهة ال كلينتون وال بوش وينتقم لوالده هذه المرة بعد هزيمته أمام بل كلينتون عام 1992. قصة ماركو روبيو تحمل قسوة السياسة وجمالها فى أن واحد حيث لا سقف للطموح فى المجتمعات الديمقراطية وحيث قصة الأب الروحى والتلميذ فى حالة بوش وروبيو ليست الاستثناء ولكنها صناعة نجوم السياسة من الصغر حتى اذا ارتقوا يناطحون الأساتذة عن جدارة. لمزيد من مقالات عزت ابراهيم