طبول الحرب الإسرائيلية ضد إيران التي إرتفعت دقاتها بشكل خطير في الفترة الأخيرة لا تسبب فقط توترا ملحوظا في الأوساط الرسمية الالمانية وإنما يشعر بها ايضا المواطنون الألمان في حياتهم اليومية بعد أن إرتفعت اسعار الوقود لتصل إلي ارقام قياسية. , ما دفع الالمان في إستطلاعات الرأي للتعبير عن مخاوف شديدة في ان يتسبب عمل عسكري إسرائيلي ضد منشآت إيران النووية في تفاقم الازمة المالية والإقتصادية الاوروبية. اما توتر دوائر صنع القرار في برلين فيرجع أولا إلي رغبة المانيا في تجنب العمل العسكري ضد إيران بأي وسيلة لإعتقادها بأن وسائل الضغط الدبلوماسي والعقوبات الإقتصادية الشاملة التي تم فرضها علي طهران قد بأتت تؤتي تأثيرها وهوما يؤكده سعي طهران الآن للتفاوض من جديد مع مجموعة خمسة+ واحد. ويرجع ثانيا للمخاوف من الاضرار التي ستتعرض لها المانيا نفسها في حالة قيام إسرائيل بهذا الهجوم, وهي ليست الأضرار الإقتصادية وحدها بسبب الإضطراب المتوقع في اسواق النفط وإنما ايضا المخاطر التي سيتعرض لها الأمن القومي الالماني, نظرا لأن كل الحكومات الالمانية المتعاقبة تلتزم بتعهد دائم بحماية امن وإستقرار إسرائيل والدفاع عن وجودها وهو ما قد يجرالمانيا قبل غيرها لمواجهة مباشرة مع إيران وحلفائها. وتشير معلومات أجهزة المخابرات الألمانية, والتي نشرتها مراكز الأبحاث أن هناك حالة تأهب امني منذ نهاية الصيف الماضي بسبب إكتشاف خلايا إيرانية نائمة تسللت لألمانيا ومستعدة لشن هجمات علي المصالح والمنشآت الإسرائيلية والأمريكية والألمانية, وبعض هذه الخلايا تحت المراقبة ولكن هناك عناصر غير معروفة من قبل مستعدة للتعاون مع جهات إسلامية متطرفة في المانيا لتنفيذ عمليات إنتقامية في حال دعمت برلين حليفتها إسرائيل. يضاف إلي ذلك خطورة الموقف بالنسبة لآلاف الجنود الالمان المتمركزين في افغانستان حيث تتوقع برلين أن تتعرض هذه القوات لهجمات فورية من قبل طالبان التي ستقوم إيران بتسليحها باسلحة حديثة في اسرع وقت ممكن. لهذه الأسباب فإن الموقف الألماني الرسمي الذي يكرره وزير الخارجية جيدو فيسترفيله ووزير الدفاع توماس دي ميزيير هو تحذير إسرائيل من عمل متسرع ومغامرة عسكرية في إيران. وتستمع الحكومة الألمانية لنصيحة ابرز خبرائها ومستشاريها الإستراتيجيين مثل فولفجانج إيشنجر مدير مؤتمر ميونخ للأمن والذي إستبعد ضرية عسكرية لإيران رغم كل التهديدات لأن هذه الخطوة لن تؤدي إلي إنتصار طرف وإنما إلي خسارة جميع الأطراف كما أنها في افضل الظروف ستؤدي فقط إلي تعطيل برنامج إيران النووي. كذلك فولكر بيرتس مدير معهد الدراسات الأمنية الذي يقدم توصياته لحكومة ميركل يؤكد أنه علي عكس ما هو سائد فإن الضغوط الدولية والدبلوماسية نجحت علي مدار السنوات العشر الماضية في منع إيران من إمتلاك القنبلة النووية إضافة إلي الحرب السرية ضدها وإغتيال علمائها الذريين, ولذلك فإن المانيا تقود الجهود الأوروبية للعودة للمفاوضات مع إيران مع إتباع سياسة الخطوات الصغيرة بأن تتنازل إيران عن بعض ما حققته من تقدم مقابل إلغاء بعض العقوبات. غير أن برلين لا تزال تبحث عن الرد المناسب في حال فشلت العقوبات في تغيير الموقف الإيراني, وهنا تنقسم الآراء فهناك من السياسيين من يحذر من اللجوء فورا للخيار العسكري ويري ان قبول إيران النووية افضل من سناريو الحرب وتداعياته علي العالم أجمع وفي هذه الحالة يمكن إنتهاج سياسة لإحتواء إيران وردعها علي غرار ما قام به الغرب تجاه الإتحاد السوفييتي السابق. وهناك من يطالب بالعمل علي تغيير النظام في إيران إستغلالا لعدم شعبية نظام الملالي من خلال دعم المعارضة الإيرانية سرا بعد ان حصلت بالفعل علي منبر وإهتمام إعلامي واسع وعلني في المانيا. أما إذا غامرت إسرائل بشن هجوم علي المنشآت الأيرانية النووية سواء منفردة او بدعم امريكي فإن مراكز الأبحاث الرئيسية في المانيا تجمع علي ان برلين ستتحفظ علي الهجوم وربما تدينه ولكنها ستضطر للوقوف بجانب إسرائيل ودعمها بشكل غير مباشر من خلال تقديم الدعم اللوجيتسي وصواريخ باتريوت والوقاية ضد الهجمات الكيماوية والبيولوجية المحتملة ومد تل ابيب بأجهزة رادر حديثة. وليس سرا ان الدعم العسكري الألماني لإسرائيل قد بلغ ذروته بحصول تل ابيب علي رابع غواصة المانية من طراز دولفين اشارت التقاريرالصحفية انها ستتسلمها قريبا وهي أحدث واكبر غواصة صنعهتا شركات التسليح الألمانية وتعمل بمحرك ديزل وآخر كهربائي ويمكنها حمل رؤوس نووية ويصعب رصدها وتصل تكلفتها ل700 مليون يورو.