تم تعليق الزينات وانطلقت الزغاريد ابتهاجا بحفل عرس الابن الأكبر وتسابقت خطوات الأهالى لتقديم التهانى والمباركات، وأنفق الأب المزارع كل مايملك لإرضاء زهرة العمر والشباب، واشترى له أفخر الأثاث ليتباهى بين أهل القرية الصغيرة، ويختال ابنه بنفسه أمام أهل عروسه، وتفانى الأب لإرضاء الولد، بينما انشغلت الأم بإعداد أشهى المأكولات لزوجة الحبيب الغالى، التى ستنير سماء حياة ابنها الأكبر. ووسط رائحة الفرحة التى كانت تفوح من أركان البيت الكبير كانت ابتسامة محفوفة بالحزن ترتسم على وجه العريس الشاب ودموع تكسو عينيه ونظرات شرود وغوص فى المجهول تخترق بريق عينيه، وثارت التساؤلات داخل صدر الأبوين اللذين كانا يحلقان فى السماء من شدة الفرحة بزواج الابن الأكبر الذى سيملأ البيت الكبير بالبنين والبنات، وسوف ترن الضحكات فى أركان البيت الكبير ويلهو الصغار على أكتاف الجدين0 جاء يوم الزفاف وتوافد على منزل العريس العشرات من الأهل والأقارب لتقديم التهانى، بينما انطلقت الزغاريد فى منزل العروس وجهزب ثوب الزفاف الأبيض للقاء شريك العمر، وكلما اقتربت ساعات موعد عقد القران تراقصت دقات قلبها من شدة الفرحة وابتسامة محفوفة بالخجل ارتسمت على وجهها البرىء كلما ترآى لها ابن قريتها الذى سيجذبها من يديها ويطير بها إلى عش الزوجية، ولم يدر بخلدها أنها ساعات الفرحة الأخيرة فى سنوات عمرها0 صعدت والدة العريس إلى الطابق الثانى لإيقاظ ابنها العريس حتى يستعد للزفاف، ويتزين ببدلة العرس ليهرول إلى منزل عروسه، إلا أنها لم تجده فى فراشه، واعتقدت أنه توجه للحلاق ليزين رأسه، ومرت الساعات فى انتظار عودة العريس دون جدوى، وسكن القلق والخوف قلوب أهل العريس، وهرول أشقاؤه إلى كل صالونات الحلاقة للبحث عن شقيقهم، وكانت المفاجأة أنه لم يتوجه إلى أى حلاق حتى جاء موعد عقد القران، وجاء المأذون وانتظرت العروس شريك العمر داخل منزلها ليصحبها إلى العش الهادئ، إلا الساعة تجاوزت العاشرة، واشتعلت نيران القلق فى عروق والد العروس وهرول إلى بيت العريس واكتشف أنه خرج ولم يعد، واختلفت الأقاويل والروايات، وقال البعض إنهم شاهدوه وهو يستقل القطار المتجه إلى القاهرة، وقال آخرون إنه كان متجها ناحية احدى الترع فى القرية ولم يرد السلام عليهم، ومرت ساعات الليل على أهل البلدة كالدهر، ومع أول إشراقة للصباح توجه شقيق العريس إلى قسم شرطه مغاغة بمحافظة المنيا وحرر بلاغا باختفاء شقيقه الأكبر. أمراللواء اسامة متولى مدير أمن المنيا، والعقيد أحمد عارف مأمور مركز شرطة مغاغة بتكثيف الجهود لكشف غموض اختفاء العريس.