على غرار الفضائح العالمية الكبرى مثل ووتر جيت، وإيران جيت، برزت خلال الشهور الأخيرة فضيحة شركة بتروبراس البرازيلية للبترول، والتى تعد أكبر فضيحة سياسية واقتصادية فى تاريخ البلاد. وباتت تعرف ب"بتروبراس جيت". عادت فضيحة فساد شركة بتروبراس لتطل برأسها من جديد، والتى فجر أسرارها إبان التحقيقات باولو روبرتو كوستا - أحد المدراء السابقين فى الشركة، والموقوف على ذمة التحقيقات بشأن سلسلة من جرائم نهب أموال الشركة، لاسيّما صفقة الشراء المشبوهة لمصفاة البترول فى باسادينا بالولايات المتحدةالأمريكية فى عام 2006. وكشفت التحقيقات عن أن مسئولين فى الحكومة الائتلافية متورطون فى هذه الفضيحة، بالإضافة إلى عدد كبير من أعضاء مجلسى الشيوخ والنواب ومسئولين كبار فى حزب العمال الحاكم. وكانت الشرطة الفدرالية قد بدأت الأسبوع الماضى، المرحلة السابعة من العملية المعروفة بلافا جاتو، وهى تنفذ أوامر اعتقال وتفتيش وضبط فى بارانا وساو باولو، ريو دى جانيرو، وميناس جيرايس، وبيرنامبوكو وبرازيليا . ويشارك 300 عنصر من الشرطة الفيدرالية فى هذه العملية، وقد تم اعتقال من بين العديد من المعتقلين المدير السابق للخدمات فى بتروبراس ريناتو دوكى. وكان حزب العمال قد عين هذا الأخير فى هذا المنصب الرفيع ، وقد ألقى القبض عليه فى منزله، فى ريو دى جانيرو، وتم تحويله إلى مقر الشرطة فى المدينة. كما ألقى القبض على موظفين من كبرى الشركات البرازيلية .وكان المدير السابق باولو روبرتو كوستا قد كشف خلال شهادته إلى الشرطة الفيدرالية وإلى النيابة العامة الفيدرالية أن لديه معلومات عن وجود مخالفات فى إدارة الشركة للخدمات، وفى القسم الدولى للشركة بين عامى 2004 و 2012. ووفقا لكوستا، فكان حزب العمال الذى يرمز له ب pt يحصل على 100٪ من الرشوة المدفوعة فى العقود التى كانت تبرمها تلك الإدارات ، على سبيل المثال، إدارة الخدمات، والطاقة والغاز والتنقيب والإنتاج. .وقد أكد بيان رسمى صدر عن المتحدث باسم ريناتو دوكى أن الرئيس السابق لشركة بتروبراس اعتقل مؤقتا. وجاء فى النص أنه ليس هناك "أنباء عن دعوى جنائية ضده."، "إن المحامين لا يعلمون بأى اتهامات". ووفقا للشرطة الفيدرالية ، فقد تم تجميد أموال بقيمة 720 مليون ريال، وهى أملاك تابعة ل 36 متهما. بالإضافة إلى ذلك، إذن القاضى الفيدرالى سيرجيو مورو، بالتجميد الكامل لأموال شركات ثلاث من شأنها أن تكون مملوكة من قبل أحد القائمين على عملية الفساد. وقد وافقت المحكمة الفيدرالية العليا على الاتفاق الذى أبرم مع المدير السابق للتكرير والتموين فى بتروبراس باولو روبرتو كوستا. كما ذكرت أن هناك ثلاثة اشخاص آخرين قد أبرموا مثل هذه الاتفاقيات مع العدالة للإدلاء بكل ما يعرفون به. كما أبلغ رئيس الادعاء العام، أن أكثر من "خمسة أو ستة" أشخاص يتفاوضون لإبرام اتفاق مماثل مع ممثلى الادعاء المسئول عن القضية، بما فى ذلك الصراف البرتو يوسف، وهو يعتبر واحدا من قادة المنظمة الإجرامية. وتحاول الشرطة الفيدرالية أيضا اعتقال فرناندو بايانو، وهو الذى يعمل لحزب الحركة الديمقراطية الوطنية، و المعروف باسم PMDB فى مخطط الفساد فى بتروبراس . وداهمت الشرطة منزل فرناندو بايانو فى ريو دى جانيرو، دون جدوى. ولكنها أخذت من منزله وثائق وجهاز كمبيوتر. وتشير جداول البيانات، التى استولت عليها الشرطة فى شركة جلوبو كوستا، التابعة لباولو روبرتو فى عام 2012، إلى أنه تم دفع 2.1 مليون ريال لفرناندو بايانو . ويمثل بايانو رسميا فى البرازيل مجموعة إسبانية تعمل فى مجالات البنية التحتية والطاقة. ولا يستبعد أن يبرم فرناندو بايانو اتفاقا مع العدالة أيضا، رغم نفى محاميه إمكانية ذلك. وقد صرح عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الاجتماعى الديمقراطى psdb إياسيو نيفيز أن الرئيسة ديلما روسيف ستواجه فى الولاية الثانية المعارضة الأكثر شراسة التى قد تواجهها أى حكومة فى أى وقت مضى فى البرازيل. وقال إياسيو أيضا أن فضيحة الفساد فى بتروبراس سيتم كشفها وأنه "لا فائدة" من ضغط الحكومة الذى يهدف لمنع التحقيقات فى القضية. وقال نيفيز أيضا إن حزبه سيلجأ للمحكمة العليا فى محاولة لمنع مشروع الحكومة المقترح الذى يغير حسابات الفائض الأولى. ودون ذلك المشروع تكون الرئيسة قد تخطت الهدف المسموح به. وكانت شركة بتروبراس قد أعلنت منذ أيام أنها لن تقدم البيانات المالية للربع الثالث من عام 2014 ولا تقرير المراجعة للمدققين الخارجيين للحسابات، خلال المهلة التى حددتها لجنة الأوراق المالية . وفى بيان أرسل إلى لجنة الأوراق المالية، قالت الشركة إنها " ليست مستعدة للكشف عن البيانات المالية للربع الثالث للعام 2014 فى هذا التاريخ". وقال نيفيز الذى نفى وجود أى اتفاق مع حزبه للتفاهم حول عدم إثارة هذه الفضيحة إنه يجب انتظار نتائج التحقيقات، ويجب التحلى باليقظة لمنع أى قيود على هذه التحقيقات ، كما أعرب أنه يشعر بأن الأمور تقترب كثيرا من قادة كبار فى هذه الحكومة، وأنه من الضرورى أن تحدث هذه التحقيقات ، حسب تعبيره. وفى سياق ذى صلة ذكرت الصحف الأمريكية أنه وعلاوة على التحقيقات التى تجرى فى البرازيل ، وهيئة الأوراق المالية الأمريكية، فأنه يجرى التحقيق حيال شركة بتروبراس من قبل وزارة العدل الأمريكية. وهو سيكون له تأثير ضخم على صورة الشركة البرازيلية فى أسواق تداول أسهمها فى الخارج. ويرى بعض المراقبين أن القضية أصبحت حديث كل البرازيليين، وباتت تشبه شبحا يطاردهم، وينتظرون بشغف انتهاء التحقيقات فى أكبر قضية فساد فى تاريخ البلاد.وكما قال زعيم المعارضة إياسيو نيفيز ،لا أحد ينام فى البرازيل.