ليس من شك فى أن تونس تسبقنا بخطوات على طريق التطور الديمقراطى، وليس عيباً أن نستفيد من التجربة التونسية فى هذا المجال، وقد أجريت بنجاح الانتخابات التشريعية فى ظل مناخ ديمقراطى وضوابط وضمانات كافية لتحقيق نزاهة الانتخابات وحرية التصويت. لم يكن هذا النجاح بسبب القوانين التى صدرت لتنظيم الانتخابات فقط ، بل كانت هناك أيضاً مبادرة من الأحزاب السياسية والتكتلات الانتخابية والمرشحين المستقلين بصياغة ميثاق شرف انتخابى من أجل انتخابات نزيهة وشفافة وديمقراطية. وهذا درس مهم لكل شعوب المنطقة أنه يمكن للقوى السياسية أن تبادر الى احاطة الانتخابات بسياج من الضمانات نابع من سلوكها والتزامها الأخلاقى الذى يسهم فى أن تكون هذه الانتخابات تعبيراً صادقاً عن الارادة الحرة للشعب. وقد اخترت من هذا الميثاق الذى يقع فى 19 صفحة من الحجم المتوسط أمثلة لما يمكن أن تتوافق عليه القوى السياسية والتكتلات الانتخابية لتحقيق هذ الهدف . أولا: الهدف من الميثاق أكدت الأطراف المصادقة على الميثاق أن انجاز عملية انتخابية شفافة وعادلة ونزيهة وديمقراطية تحظى بأوسع قدر من الرضا والمصداقية هو شرط أساسى لتثبيت مشروعية المؤسسات وعنصر ضرورى لمواصلة المسار الديمقراطى ببناء الثقة بين الأطراف المعنية وخلق مناخ ايجابى يتسم بالتسامح ويشجع على التنافس المفتوح والحر والنزيه وكذلك السعى لتشجيع قبول جميع الأطراف لنتائج الاقتراع ونبذ العنف والحد من الصراعات والقضاء على أعمال التخويف والترهيب وعلى كل ما يمكن أن يؤدى الى الاشتباك بين المواطنين. ثانيا: الشروط المبدئية لاجراء انتخابات تعددية ديمقراطية وشرعية تتفق الأطراف الموقعة بأن قيمة انتخابات تعددية ديمقراطية وكذلك شرعيتها تقوم على الشروط الأولية التالية : (1) أن يتسنى خلال الحملة الانتخابية ابلاغ الناخبين برامج وسياسات ومؤهلات الأحزاب السياسية والمترشحين بما يسمح لهم بالاختيار والتصويت عن دراية وبشكل مستنير. (2) أن يكون الناخبون قادرين على التصويت بحرية دون قيد أو تهديد أو تأثير غير مشروع أو أى شكل من أشكال الخداع أو الابتزاز أو الافساد. تلتزم جميع الأطراف بالعمل على توفير هذه الشروط والتمسك طوعاً وارادياً بمضمون ميثاق الشرف ثالثا: احترام القانون واحترام ميثاق الشرف يلتزم كل طرف مصادق على ميثاق الشرف بتطبيق واحترام القوانين والقواعد والقرارات التى تنظم اجراء الانتخابات وبالتحلى فعلياً بالصدق وحسن النية والنزاهة. كما يعترف بالسلطة المسندة للهيئة العليا للانتخابات وغيرها من الهيئات والسلطات المتدخلة فى المسار الانتخابى ويمتثل للقرارات والمدونات الصادرة عنها طبقاً للقانون. وبناء على ذلك فان كل طرف يلتزم: (1) بما جاء فيه من مبادئ وقواعد واتفاقات وما يتضمنه من موانع. (2) باتخاذ التدابير اللازمة للتعريف به والحيلولة دون قيام قادته ومرشحيه وأعضائه بانتهاك ما يتضمنه من مبادئ وقواعد والتزامات. (3) باتخاذ التدابير المتاحة والمعقولة لدفع أنصاره للامتناع عن أى سلوك يمكن أن يشكل خرقاً للالتزامات المضمنة فى هذا الميثاق. (4) بالحرص على ترشيد استخدام حق تقديم الشكاوى المتعلقة بانتهاك الميثاق وبالامتناع عن تقديم أية دعاوى كاذبة أو عبثية أو كيدية. تتجنب الأطراف انتقاد قادة ومرشحى وأنصار الأطراف المنافسة من خلال التعرض لجوانب من حياتهم الخاصة . كما تمتنع عن اطلاق انتقادات مبنية على ادعاءات مجانبة للحقيقة أو حقائق تم تشويهها وعن توجيه العبارات الجارحة أو التلميحات المغرضة بشأن المرشحين أو أفراد أسرهم على أساس العرق أو المعتقد أو النوع الجنسى أو الأصل الاجتماعى أو الجهوى أو مستوى ونوعية التعليم أو أية صفات شبيهة. رابعا: الارهاب والعنف تتعهد الأطراف بمناهضة كافة أشكال العنف وبعدم التورط فيه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وبالتنديد به علناً ، وتلتزم بأن لا تحرض فى حملاتها على العنف وبأن لا تشجع على الكراهية أو تتسبب فى توتير العلاقات بين المجموعات والفئات المختلفة فى المجتمع . كما تسعى بحسن نية لتوفير التدابير اللازمة لتجنب المواجهات العنيفة . خامسا: مواجهة الأحداث الخطيرة أثناء الانتخابات تلتزم الأطراف المصادقة على ميثاق الشرف فى حال وقوع حدث استثنائى من شأنه تعريض الأمن الوطنى بالتشاور فى ما بينها ومع السلطات المختصة وبتجنب كيل الاتهامات المجانية والاعراض عن استغلال هذه الأحداث لتعطيل العملية الانتخابية أو لتحقيق مكاسب فى الانتخابات مع التأكيد على واجب التنديد بالعنف والارهاب . كما تلتزم بالتعامل مع الوضع بمسؤولية وفقاً للمبادئ الأساسية التالية: الحفاظ على السلم الأهلى والأمن العام وعلى شروط استمرار السير العادى للحياة العامة. الحفاظ على الاستمرار فى مسار الانتقال الديمقراطى والعملية الانتخابية. تعزيز مبادئ التضامن والوحدة الوطنية. تأسيساً على هذه المبادئ تلتزم الأطراف بالتواصل مع بعضها والتنسيق فيما بينها بغية التخفيف من التداعيات السلبية للحدث ودرء المخاطر التى يمكن أن تهدد الأمن العام والمصلحة العليا للوطن. هذا نموذج من تونس لمبادرة من القوى السياسية تساهم فى انجاح الانتخابات فهل تستطيع الأحزاب السياسية المصرية الاقدام على مثل هذه الخطوة؟ لمزيد من مقالات عبدالغفار شكر