محاولات السطو الإسرائيلى على التراث الفنى المصرى لا تنتهى، فقد دأب مطربو إسرائيل على اقتباس الأغانى و الألحان المصرية وأدائها بعد إدخال تعديلات طفيفة عليها، وأحيانا دون أى تعديل ، منهم المطرب حاييم موشيه الذى اعتاد السطو على ألحان الموسيقار الراحل فريد الأطرش، والمطربة دانا انترناشيونال التى سطت على كثير من أغنيات السيدة أم كلثوم ومنذ عدة سنوات قامت إحدى الفرق الموسيقية الإسرائيلية ويطلق عليها فرقة تل أبيب وهى مكونة من ستة أعضاء بنشر إعلان عن نشاطها فى صحيفة "هآرتس" تضمن كتابة اسم الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب باللغة العربية وبجواره جملة "مطرب الملوك"، وجاءت تفاصيل الإعلان لتؤكد أن الفرقة كانت تعتزم عزف وغناء أشهر الألحان التى تغنى بها عبدالوهاب، إضافة إلى ألحانه التى تغنى بها كبار المطربين أمثال ليلى مراد وأم كلثوم، التى أصبح تراثها الغنائى مستباحا من قبل الفنانين الإسرائيليين، فمنذ عدة أيام قدم شاب إسرائيلى يدعى ميشيل كوهين أغنية "أنت عمري" لكوكب الشرق أم كلثوم، ضمن فعاليات برنامج لاكتشاف المواهب الغنائية على شاشة التليفزيون الإسرائيلى .. الشاب الذى لا يتجاوز عمره 15 عاما ظهر مرتديا القبعة اليهودية الشهيرة "الكيبا" ، وكوهين لم يكن أول من يشدو بأغنيات أم كلثوم فى تل أبيب، إذ سبقته "سارة" وهى أشهر مطربة إسرائيلية تغنى باللغة العربية، فضلا عن المطربة "زهافا" التى اشتهرت بتقديم أغنية "أنت عمرى" فى حفلاتها، بل وقامت بتصوير الأغنية على طريقة "فيديو كليب" قدمت من خلاله العرب على أنهم قطيع من البدو البدائيين الذين يسكنون الخيام ويركبون الجمال، ورجالهم شهوانيون مجردون من المشاعر. وقامت المطربة الإسرائيلية فى الفيديو المصور بدور فتاة بدوية تربطها قصة حب بشاب عربى، إلا أن والدها فور معرفته بحقيقة علاقتهما صوب بندقيته فى اتجاه الشاب لتستقر رصاصاتها فى قلبه فتصرخ محبوبته وتلقى بنفسها فوق جثة حبيبها وتغنى "أنت عمرى" ! زهافا سبق وصرحت للصحافة الإسرائيلية أن أمنية حياتها هى أن تشدو بأغنيات أم كلثوم فى دار الأوبرا المصرية بالقاهرة ذات يوم. كما اشتهرت المطربة "عوفرا حازا " بغناء العديد من أغنيات أم كلثوم وطرحها فى ألبومات حققت نجاحا كبيرا، ووزع منها آلاف النسخ، فضلا عن مطربة إسرائيل الأولى "شيريت حداد" التى اعتادت ان تشدو بأغانى أم كلثوم فى كل المناسبات والحفلات . يأتى ذلك كله بعد أن أصبحت أغنيات كوكب الشرق جزءا من المشهد الثقافى الإسرائيلى، فمنذ رحيلها عام 1975 اعتادت الإذاعة الاسرائيلية " صوت إسرائيل " على تخصيص الساعة السادسة من مساء كل يوم لإذاعة أغنياتها لمدة ساعة، وهو ما برره إسحاق أفيعازار مدير قسم الموسيقى فى هيئة الإذاعة بأن الجمهور روى ظمأه بأغانى كوكب الشرق التى تربى عليها خاصة أن عددا كبيرا من الاسرائيليين سواء "السفارديم"، أى اليهود الذين تعود أصول بعضهم إلى البلدان العربية، وحتى الأشكينازيم (يهود أوروبا) اعتادوا على سماع كلاسيكيات الغناء العربى، وخاصة كوكب الشرق أم كلثوم، ومع مرور الوقت بدأ "راديو إسرائيل" بالعبرية يذيع بصورة تدريجية أغنيات نادرة لأم كلثوم لجمهوره العبرى، لم يستمع إليها من قبل، وذلك بعد أن نشرت صحيفة "هآرتس" عدة موضوعات صحفية عنها، قالت فيها إن تلك المطربة المصرية تتبوأ مكانة مرموقة فى الوعى الإسرائيلى،
وبدأت موسيقى أغنيات أم كلثوم الكلاسيكية تعرف طريقها للترانيم اليهودية، حينما شرعها الحاخام الراحل عوفديا يوسيف الزعيم الروحى لحزب "شاس" الدينى المتشدد، الذى اعتاد على سماع أغنيات أم كلثوم، ما أدى إلى استقطاب الكثير من اليهود لأداء ترانيمهم الدينية على إيقاع أغانيها ، وتم تخصيص قاعات فى تل أبيب لتقديم هذا اللون الموسيقى. يذكر أنه فى عام 2006 خاطبت إسرائيل رسميا جمعية المؤلفين والملحنين المصرية للحصول على موافقة رسمية لطبع أسطوانة مدمجة للأغنية وتوزيعها فى تل أبيب، على أن يتم الأمر بموافقة مؤلف كلمات الأغنية الشاعر أحمد شفيق كامل، لأنه كان الشخص الوحيد الباقى على قيد الحياة من فريق عمل الأغنية بالكامل، لكن مؤلف الأغنية الذى توفى عام 2008 رفض العرض بشدة .