الرهانات على محددات السياسة الخارجية للبرازيل لدى المرشحين للانتخابات الرئاسية فى البرازيل والمقرر عقدها فى الخامس من أكتوبر المقبل فى تزايد مطرد ، فى ظل اهتمام واضح من قبل الدول الكبرى ، بالإضافة إلى المنظمات الدولية والتجمعات والتكتلات الاقتصادية الكبرى التى تعد البرازيل شريكا أساسيا وفاعلا فيها. من جانبها أكدت الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف، والمرشحة لإعادة انتخابها عن حزب العمال ، أن البرازيل لا يمكن أن تدير ظهرها لأمريكا اللاتينية ويكون اهتمامها منحصرا فقط على العلاقات مع الولاياتالمتحدة وأوروبا مثلما كان الحال قبل حكم حزب العمال . وتبدو الأولوية فى برنامج ديلما روسيف لقضايا التكامل الإقليمى التى تشمل أمريكا الجنوبية وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى مع تعزيز التجارة والتكامل المثمر والتركيز على التكامل المالى والبنية التحتية والطاقة ، وتتعهد روسيف فى حال إعادة انتخابها بزيادة تعزيز الإجراءات الرامية إلى توطيد التكتلات الإقليمية كما فى ذلك الميركوسور واتحاد الجنوب وتجمع أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبى ، بغض النظر عن المواقف الأيديولوجية لهذه البلدان ، والخطة الاستراتيجية، وفقا للبرنامج المقدم إلى المحكمة الانتخابية، تشمل تعزيزا أوثق للعلاقات مع إفريقيا والدول الآسيوية، وكذلك صقل العلاقات البرازيلية مع الدول المتقدمة مثل الولاياتالمتحدة واليابان ودول الاتحاد الأوروبى. روسيف فى برنامجها تسلط الضوء على الدفاع عن الإصلاحات التى ينبغى أن تجرى فى المنظمات الدولية الكبرى مثل الأممالمتحدة ، وصندوق النقد الدولى والبنك الدولى ، فهذه المنظمات حسب برنامج المرشحة ، لم تعد تعكس اليوم الترابط العالمى الحالى للقوى الدولية ، وتختم روسيف برنامجها بالقول : "لقد كانت السياسة الخارجية وسوف تستمر فى أن تكون أكثر من مجرد أداة للمشروع البرازيلى فى العالم. بل إنها عنصر أساسى من مشروعنا الوطنى " . وشددت روسيف - فى معرض حديثها عن محددات السياسة الخارجية البرازيلية حال فوزها - على دعم العلاقات التجارية والسياسية مع تجمع الميركسور ودول البريكس وآسيا وإفريقيا والشرقين الأدنى والاوسط ، وبالطبع أمريكا اللاتينية . واستنكرت روسيف قيام هذه الشراكات على أسس أيديولوجية وأضافت : "لا يمكن لأحد التقليل من أهمية أمريكا اللاتينية بالنسبة للبرازيل ، أكبر بلد فى المنطقة" . مارينا سيلفا مرشحة الحزب الاشتراكى البرازيلى تدعو فى برنامجها للسياسة الخارجية إلى ان تكون هذه السياسة فى خدمة التنمية، بما يؤدى إلى إبراز المنتجات والخدمات البرازيلية على الساحة الدولية وبما يعزز إدراج الشركات المحلية فى سلاسل الإنتاج العالمية. وترى سيلفا انه ينبغى أن تستند مشاركة البرازيل فى المحافل الدولية على قرار الدفاع عن السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة ، وتعتقد المرشحة أن البرازيل يمكن أن تتبنى موقفا استباقيا فى مفاوضات تغير المناخ والسعى لإدراج هذه القضية على جدول أعمال مجموعة ال 20 G. ومن بين الوعود تقول المرشحة إنها سوف تعمل على تسريع مفاوضات الاتفاق بين الاتحاد الأوروبى والميركوسور وتقترح ايضا سياسة تقارب بين الميركوسول وتحالف المحيط الهادئ وتدعم تعزيز تكتل اتحاد دول أمريكا الجنوبية كمنظمة لسياسات التعاون الإقليمى بالنسبة لها، البرازيل يحتاج أيضا إلى اعتماد أجندة إيجابية للعلاقات مع الولاياتالمتحدة وترقية آليات التعاون مع إفريقيا ، وتتعهد المرشحة أيضا بتعزيز الدبلوماسية العامة البرازيلية وتوسيع الوسائل لتقديم المزيد من المساعدة للبرازيليين فى الخارج. مارينا سيلفا مرشحة الحزب الاشتراكى أشارت إلى أن البرازيل اليوم في وضع أسوأ مما كانت عليه قبل أربع سنوات, وهناك حاجة ملحة إلى إنقاذ السياسة الخارجية من حالة الركود التى تعيش فيها ، وقالت مارينا ان السياسة الخارجية لا تؤثر فقط على الاقتصاد البرازيلي، ولكن أيضا على توزيع الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية فى مجتمع لا يزال عنيدا على التكافؤ كما هو حال المجتمع البرازيلى . وتتوقع الحركات الاجتماعية المؤيدة لمارينا سيلفا التحول التدريجى فى مجال حقوق الإنسان، وتغير المناخ والتنمية المستدامة وعدم الانتشار النووى حال فوزها ، وتدعو هذه الحركات إلى اعتماد الالتزامات الدولية كوجهة نظر ليبرالية من أجل اخراج البلاد من التخلف، من خلال العودة الى أسلوب ادارة الرئيس البرازيلى الأسبق فرناندو كاردوسو . ما يوحد هذه الجماعات هو الرأى القائل بأن دبلوماسية حزب العمال هى دبلوماسية تميزت على صعيد جدول الأعمال الدولى بأنها دبلوماسية بطئية ، ترضخ للترويع،وهى تقليدية وعاجزة . من ناحية أخرى، هناك جزء من الحركة المؤيدة للمرشحة مارينا - بينهم مثقفون وسياسيون - يخشى أى التزام دولى يمكن أن يضر بالاستقلال الوطنى فى مواجهة القوى العظمى ، حيث "لا يمكنك تغيير الدفاع عن القومية الوطنية واستبدالها بالدفاع عن الكونية التى تمولها المنظمات غير الحكومية فى النرويج" . يبدو أن برنامج مارينا سيلفا لم يمر على مشاورات واسعة بين الحزب الاشتراكى البرازيلى وحزب شبكة الاستدامة او تقارب بين مواقفيهما، إنما هذا الجزء من برنامجها يبدو أنه كان جاهزامسبقا ، حيث لم يطرح رؤية واضحة لعلاقات البرازيل بالعالم بقدر ما يدعو إلى العودة إلى الوراء ، ويتجاهل تماما المحيط الجغرافى لوضع البرازيل فى أمريكا اللاتينية أما المرشح الثالث فى استطلاعات الرأى أوسيو نيفيز عن الحزب الاجتماعى الديمقراطى البرازيلى فيقول فى برنامجه المعنى بالسياسة الخارجية إنه يريد أن تقوم سياسة البرازيل الخارجية على مبادئ الاعتدال والاستقلال والدفاع عن المصالح البرازيلية والأهداف الطويلة الأجل للتنمية الوطنية. و وفقا للبرنامج الخاص به، يؤكد نيفيز أن البرازيل بحاجة إلى إعادة تقييم الأولويات الاستراتيجية وإيلاء اهتمام خاص إلى آسيا، وايضا لكل من الولاياتالمتحدة وغيرها من البلدان المتقدمة وذات الثقل فى مجال الابتكار والتكنولوجيا ، وبشأن البلدان النامية يدعو نيفيز إلى توسيع العلاقة مع البلدان النامية واعتماد استراتيجية جديدة فى المفاوضات الثنائية التى تعطى الأولوية لتكامل البرازيل إلى سلاسل التوريد العالمية. فى مشروع حكومته القادم فى حال فاز بالانتخابات ، يدعو نيفيز أيضا إلى استئناف التكامل الإقليمى وتحرير التجارة ودفع حيوى للأهداف الأساسية للميركوسول ومن ضمن ذلك إعطاء مرونة حيال القواعد التى تعرقل التقدم فى المفاوضات مع الدول الأخرى. وفى المنظمات الدولية، يتعهد نيفيز بالمزيد من الاندماج البرازيلى مع القضايا الكبرى مثل تغير المناخ والطاقة وحقوق الإنسان والتجارة والإرهاب والحرب الإلكترونية، وقضايا السلام والأمن، بما فى ذلك المناقشات حول توسيع مجلس الأمن ، فيما غابت الرؤية للسياسة الخارجية لدى باقى المرشحين .