فى حوار بين كاتب هذه السطور والخبير السياحى إلهامى الزيات رئيس الاتحاد المصرى للغرف السياحية.. يبدو أنى كنت متشائما أكثر من اللازم على عكس ما كان الزيات متمسكا بالأمل فى مستقبل أفضل للسياحة فى الأقصروأسوان فى السنوات المقبلة رغم ان متوسط نسب الاشغال لا يتجاوز 10٪ في احسن الاحوال وان 283 فندقا عائما لايعمل منها سوى 40 أو 50 علىالاكثر والباقى على الرصيف. كنا نتجاذب أطراف الحديث حول مستقبل السياحة فى مصر بشكل عام وعند الأقصروأسوان قلت له إننى أرى أن السنوات «الصعبة» التى عاشتها السياحية فى المدينتين منذ ما يقرب من 20 عاما وتحديدا منذ حادثة الأقصر الإرهابية الشهيرة 1997 لاتزال مستمرة وإننى على المدى القريب لا أرى تحسنا يستطيع أن ينتشل المدينتين من ركود طال أمده لثلاثة أسباب أساسية من وجهة نظري. الأول هو أن السياحة الثقافية والأثرية فى العالم كله فى تناقص فى الإعداد بدليل أن بورصات السياحة العالمية الكبرى فى برلين ولندن وميلانو تؤكد التعاقدات فيها أن نسبة السياحة الثقافية من جملة التعاقدات فى العالم كله لا تتعدى 15% أو حتى 18% فى أحسن الأحوال بينما يزداد اقبال العالم على السياحة الشاطئية أو الترفيهية لتصل التعاقدات إلى نحو 75% من جملة التعاقدات العالمية والباقى موزع على الانواع الأخرى من السياحة من المؤتمرات والجولف والسفارى والحوافز وغيرهم. ومع أنى بشكل شخصى أرى أن السياحة الثقافية فى مصر (القاهرةالأقصرأسوان) يجب أن تزداد كثيرا على هذا الرقم بكل ما تملكه مصر من تراث انسانى عالمى فلا يجوز أن تبقى فى مصر عند هذا الرقم 15% بل نتعداه إلى ربما 25% أو أكثر فى بلد يمتلك الأهرامات والكرنك ووادى الملوك وأبو سمبل. السبب الثانى لعدم تفاؤلى بمستقبل أفضل قريب للأقصر وأسوان هو مشكلة الطيران فحتى إذا تحسن الطلب فستظل هناك مشكلة كبرى فى الطاقة الناقلة من الدول المصدرة للسياحة الثقافية وعلى رأسها أمريكا واليابان وفرنسا وإسبانيا وغيرهم سواء الطيران المنتظم أو حتى الشارتر فأنت دائما تحت رحمة شركات الطيران. أما السبب الثالث فيتعلق بالقاهرة وصورة عدم الاستقرار فى مصر وإن كان فى طريقه للتحسن بإذن الله لأن السياحة الثقافية فى الأقصروأسوان تعتمد بالأساس على تشغيل القاهرة وعودة هذه المدينة الساحرة إلى طبيعتها واستقرارها شرط لعودة السياحة الثقافية لأن برنامج السائح «المثقف» الذى يأتى من بلاد بعيدة ليزور الأهرامات وأبو الهول بالضرورة يرتبط بالنيل والفنادق العائمة، وبالتالى زيارة الأقصروأسوان وآثارهما الخالدة المدهشة لكل الدنيا. عند هذه النقطة أو بعد هذه الأسباب الثلاثة توقفت وبدأ إلهامى الزيات يقنعنى بضرورة التفاؤل وبأن مستقبل السياحة فى الأقصروأسوان سيكون أفضل وهو ما يجب أن نقاتل من أجله لأن نوعية هذا السائح هو السائح الذى نريده فهو عالى الانفاق ويعوضنا عن السياحة الشاطئية الرخيصة. والأهم كما قال الخبير السياحى المخضرم إننا يجب أن نتنبه إلى أن السياحة الثقافية ستظل مطلوبة بقوة وعلى من يتحدث عن انخفاضها ألا يقلق لأن المتاحف مازالت مفتوحة فى فرنساوأمريكا وإيطاليا وكل الدنيا ويزورها السائحون من كل العالم فهذه السياحة هى المتعة الكبرى فى السفر وعلينا أن نعلم أن مصادرنا من هذه السياحة فى دول مثل أمريكا واليابان والصين والمكسيك وفرنسا وكوريا وغيرهم مازالوا يؤمنون بالسياحة الثقافية إلى مصر بقوة ويكادون لا يطلبون غيرها. من هنا كما يقول الزيات علينا أن نحل مشكلاتنا أولا بمعنى علينا تحقيق الاستقرار والهدوء فى القاهرة فهى البوابة الرئيسية لعودة السياحة إلى الأقصروأسوان والنيل، وعلينا أن نعمل على أن تكون نقطة البداية هى منطقة الأهرامات بأن تكون فى أحسن صورة وبأحسن الخدمات وبدون تحرش من أى نوع. ثانيا فى إطار حل مشكلات الأقصروأسوان علينا بالفعل حل مشكلة الطيران فلا يمكن أن تستمر بدون طيران منتظم أو شارتر إلى الأقصروأسوان لأننا يجب أن نعلم أن بعض الشركات العالمية الكبرى التى كانت لها رحلات إلى المدينتين قد توقفت فى السنوات الأخيرة، وفى هذا الإطار علينا أيضا أن نعرف أن هذه الشركات لن تعود إلا بزيادة الطلب على مصر والسياحة الثقافية تحديدا وهذا الطلب لن يزداد سوى بالاستقرار فى مصر وبالحملات الإعلانية واستغلال وسائل التواصل الاجتماعى وتلك قضية مهمة جدا. هنا توقف إلهامى الزيات وعندها قلت له لا أملك إلا أن أتفاءل معك بأن سنوات الأقصروأسوان الصعبة يمكن أن تنتهى وربما يحاول فيه هشام زعزوع وزير السياحة من الاهتمام بالترويج للأقصر وأسوان وحل مشكلة الطيران تدريجيا والحملات الإعلانية على وسائل التواصل الاجتماعى.. كل ذلك خطوات على الطريق.. ولعل المؤتمر الذى سيعقد فى الأقصر بالتعاون مع محافظها المحترم اللواء طارق سعد الدين لاستضافة مؤتمر التكتل الألمانى لشركات السياحة (16 و17 أكتوبر) المقبل.. يكون أيضا خطوة على طريق انتهاء سنوات الأقصروأسوان الصعبة حتى تنتعش السياحة هناك من جديد... فهى إكسير الحياة على أرض الجنوب!! لمزيد من مقالات مصطفى النجار