الكعبة المشرفة هي قبلة المسلمين في جميع أنحاء العالم قاطبة، وهي أول بيت وضعه الله للناس على الأرض، وقد نسبه الله إلى نفسه سبحانه وتعالى، ومن هنا عنى المسلمون على مر العصور بكسوة الكعبة؛ إذ تعد كسوتها من أهم مظاهر الاهتمام والتشريف والتبجيل للبيت الحرام، وتاريخُها جزء من تاريخ الكعبة المشرفة نفسها. فكسوة الكعبة مذ بناها إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام مرت بأطوار مختلفة وصنعت الكسوة في عدد من بقاع العالم الإسلامي، وحظيت بعناية ودقة في الصنع حسب الإمكانات التي كانت متاحة في كل عصر. كان موكب الحج احد المظاهر المتميزة للعلاقات التى جمعت مصر والحجاز لعدة قرون ، لأن مصر كانت ترسل كسوة الكعبة كل عام منذ عهد الفاطميين محملة داخل المحمل الذى كانت تحمله جمال الصحراء، وكانت الكسوة مطرزة بالخيوط الذهبية. وفي مستهل شهر يوليو عام 1927م صدر أمر الملك عبد العزيز بإنشاء دار خاصة لصناعة كسوة الكعبة المشرفة في منطقة أجياد في مكةالمكرمة، أمام دار مديرية المالية العمومية، وقد تمت عمارة هذه الدار على مساحة 1500 متر مربع، فكانت أول مصنع لحياكة كسوة الكعبة المشرفة بمكةالمكرمة منذ كسيت الكعبة إلى العصر الحالى. وأثناء سير العمل في بناء هذا المصنع كانت المملكة العربية السعودية تقوم بتوفير الإمكانات اللازمة للبدء في عمل الكسوة، من المواد الخام اللازمة كالحرير ومواد الصباغة، والأنوال التي ينسج عليها القماش، والفنيين اللازمين. وفي عام 1962م أمر الملك سعود بتأسيس دار صناعة كسوة الكعبة المشرفة في مكةالمكرمة، وفي يوم السبت الثامن من مارس 1977م، افتتح مصنع الكسوة الجديد بأم الجود بمكةالمكرمة، في عهد الملك خالد وكان الملك فيصل قد وضع حجر الأساس لهذا المصنع الذي يضم أقسامًا مختلفة لتنفيذ مراحل صناعة الكسوة، ابتداءً من صباغة غزل الحرير، ومرورًا بعمليات النسيج، وعمليات التطريز، وانتهاء بمرحلة التجميع، ويعمل في هذا المصنع حوالي (200 فني) بالإضافة إلى الجهاز الإداري للمصنع، بإشراف الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي التي أسند إليها الإشراف على المصنع منذ عام 1993م. وتصنع كسوة الكعبة المشرفة من قماش الحرير الطبيعي المصبوغ باللون الأسود، وتستهلك الكسوة حوالي 670 كيلو جرامًا من الحرير الخام الذي تتم صباغته داخل المصنع باللون الأسود، ويبلغ سمك القماش ( 1.37ملم )، ويبطن من الداخل بقماش من القطن الأبيض المتين. ويوجد على كسوة الكعبة المشرفة نقوش منسوجة بخيوط النسيج السوداء كتب عليها بعض الآيات القرآنية، وعبارات: ( لا إله إلا الله محمد رسول الله )، و( سبحان الله وبحمده )، و( سبحان الله العظيم )، و( يا حنان يا منان يا الله )، وتكرر هذه العبارات على قطع قماش الكسوة جميعها، كما ينسج بخيوط ذهبية على الكسوة آيات قرآنية وعبارات توثق تاريخ الكسوة الحالية. وتستبدل في الوقت الحاضر كسوة الكعبة الخارجية مرة كل عام؛ أما الكسوة الداخلية للكعبة ذات اللون الأخضر، فلا تستبدل إلا على فترات متباعدة تصل إلى عشرات السنين، لعدم تعرضها للعوامل الجوية، مما يساعد على حمايتها وتماسكها لفترات طويلة.