قرأت واقعة حبس ضابط شرطة مفصول لتزعمه عصابة لسرقة السيارات بالإكراه، حيث كشفت تحقيقات النيابة أن المتهم تم فصله من الخدمة لقيامه بتزوير أوراق سيارة مسروقة لإثبات ملكيتها له، وقضت المحكمة بحبسه ثلاث سنوات، وعقب خروجه من السجن التحق بالعمل فى محافظة القاهرة، وتم تعيينه مسئولا عن مواقف السيارات، وتسليمه سيارة تابعة للمحافظة لاستخدامها فى تنقلاته، إلا أنه استخدمها فى ارتكاب جرائمه، وتمكن من سرقة خمس عشرة سيارة.. إن هذه الواقعة المؤسفة تثير التساؤلات والغضب، ولكنها مرت بسلام على المحافظة، وكأن شيئا لم يحدث منها، وهكذا تسير الأمور عندنا. إن المحافظة بهذا التعيين المثير للشكوك والريبة والذى يمثل خللا إداريا فاضحا قد خرجت عن النص دون مبرر أو سند من القانون، وتجاوزت كل الخطوط الحمراء فى مجاملات التعيين، حيث يلزم أن تتوافر فيمن يعين فى الوظائف العامة حسن السمعة واستقامة السلوك، كما يشترط القانون للتعيين عدم سبق صدور حكم على المرشح بعقوبة الحبس أو السجن فى جريمة مخلة بالشرف والأمانة، ويعتبر التزوير من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة إلى جانب أن من مسوغات التعيين الجوهرية حتى يستمد القرار الصادر بالتعيين سنده القانونى صحيفة الحالة الجنائية لإثبات عدم سبق الحكم بعقوبة مانعة من التعيين. إن هناك أخطاء قانونية وإدارية جسيمة تدخل فى باب الكوارث، لأن هذا التعيين تم بقواعد وقوانين لم يتم تدوينها بعد، كما أنه قد خرج عن حدود المجاملات إلى مخالفة صريحة للقانون، وإلى استفزاز وإثارة خلق الله، خاصة العاطلين عن العمل وليس لهم سجل إجرامي، وهم ملايين من الشرفاء من حملة الدكتوراه والماجستير والمؤهلات العليا.. وهذا يدعونا للتساؤل: ما هى نوعية الأيدى العاملة المطلوبة؟ وكيف يتم اختيار العاملين؟.. إن مثل هذه التعيينات الفاشلة تفقد المواطن الثقة فى الجهاز الإداري، وتنال من هيبة الدولة ومكانتها، وتعد من أبرز معوقات التقدم، كما أن انعكاساتها كارثية على البلاد. إن مسئولية هذا التعيين تقع على المحافظ وقيادات المحافظة المختصة، فالمحافظ مسئول عن أعمال تابعيه، وإذا كان يعلم بذلك فهذه مصيبة، وإذا كان لا يعلم فالمصيبة أكبر.. وشيء مؤسف أن تكون هذه حال محافظة العاصمة التى يفترض أن يكون قد تم اختيار العاملين بها بدقة شديدة وعناية فائقة لتحقيق مصالح الوطن ومواطنيه.. والذى يثير الأسف والدهشة بقدر أكبر، هو أن يتم تعيينه فى مركز قيادى فى مجال تخصصه الإجرامى وهو السيارات. وأخيرا.. يجب أن يشعر الناس بأن يد القانون قوية ولن تترك فاسدا أو مخالفا أو مستهترا مهما علا شأنه دون عقاب. سعيد السعيد السباعى المحامى {{ محرر «بريد الأهرام»: يجب أن تخضع هذه الواقعة الخطيرة للتحقيق، وإعلام المواطنين بحقيقة ما حدث، فالمسألة على هذا النحو أكبر من كونها حالة فردية، وربما تكون هناك حالات كثيرة مماثلة فى كل المجالات وجميع المواقع، ويجب إزاحة الستار عنها والتحقيق العاجل فيها.