أحداث العنف المتصاعدة فى سوريا تدفع بهذا السؤال إلى المقدمة.. ما الذى يجعل النظام السورى الحالكم لا يستفيد من الدرس العربى الماثل فى مصر وتونس وليبيا واليمن؟ هل هذا النظام أذكى من نظام الرئيس التونسى الهارب بن على أم هو اذكى من نظام الرئيس المصرى المخلوع حسنى مبارك أم أنه يتقن ألاعيب الرئيس اليمنى "المحروق" على عبد الله صالح.. أم هو أذكى من نظام الرئيس الليبى المقتول معمر القذافى؟ المرء يحتار إزاء الغباء الذى يتسم به هؤلاء الناس الذين يسمون أنفسهم زعماء فى عالمنا العربى الذى تجتاحه ثورات الربيع العربى منذ إندلاع شرارتها الأولى فى تونس. إن المشهد السورى واضح وضوح الشمس وهو أن الثورة الشعبية ستنتصر لا محالة فى النهاية سواء من خلال الضغط الشعبى أو من خلال تعاطف العالم ومساندة نضال الثوار السوريين ضد الحكم الديكتاتورى الذى يقتل شعبه بيديه يوميا. مصر أدانت التصعيد العنيف غير المقبول الذى تشهده مدينة حمص وسائر المدن السورية وأكدت رفضها القاطع لاستخدام العنف ضد المدنيين مطالبة الحكومة السورية بالإنصات بدقة إلى مطالب الشعب السورى وتلبية هذه المطالب وحقن الدماء فورا. وزير الخارجية المصرى محمد عمرو قال إن الموقف المصري من الأزمة السورية مبني على ثلاثة عناصر هي: أولا: التطبيق الفوري والكامل والأمين لكافة بنود خطة العمل العربية، باعتبارها الطريق الوحيد لتحقيق طموحات الشعب السوري المشروعة في الحرية والديمقراطية والتغيير. ثانيا: التأكيد على أولوية الحل العربي ورفض التدخل العسكري في سوريا، وأن يكون كل جهد دولي داعما لخطة العمل العربية ومكملا لها، على أن تكون الأولوية القصوى للوقف الفوري للعنف ضد المدنيين. ثالثا: ضرورة إحداث تغيير سلمي وحقيقي يستجيب لطموحات الشعب السوري، ويحافظ على وحدة سوريا وسلامتها الإقليمية. الجمعية العامة للأم المتحدة استجابت مساء الخميس الماضى بأغلبية ساحقة لمشروع القرار الذى تقدمت به مصر باسم 72 دولة بشأن الوضع فى سوريا ، والذى أدان بقوة "الانتهاكات المستمرة والواسعة والمنهجية لحقوق الإنسان التى ترتكبها السلطات السورية ضد المدنيين والمحتجين"، كما طالب القرار الحكومة السورية "بوضع حد فورى لجميع انتهاكات حقوق الإنسان والهجمات ضد المدنيين". وقد القى وفد مصر بيانا باسم الدول مقدمة مشروع القرار فى افتتاح الجلسة، حيث أكد البيان، الذى ألقاه الوزير المفوض أسامه عبد الخالق القائم بأعمال بعثة مصر بالإنابة،أن المجموعة العربية ترفض رفضا قاطعا استخدام العنف ضد المدنيين تحت أى مبرر، وتطالب الحكومة السورية بحقن الدماء فورا. وأضاف عبد الخالق فى بيانه أن المجموعة العربية إذ تطالب بالتطبيق الفورى والأمين لكافة بنود خطة العمل العربية فإنا تؤكد تمسكها بالحل العربى داخل البيت العربى ورفض التدخل العسكرى فى سوريا. وتعقيبا على اعتماد القرار، جاء توضيح الوزير المفوض عمرو رشدى المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية الذى قال فيه: أنه على الرغم من إدانة القرار بقوة للأوضاع فى سوريا فإن مصر قد حرصت على التأكيد فى أولى فقراته على التزام الأممالمتحدة التام بسيادة واستقلال ووحدة سوريا وسلامتها الإقليمية، وكذلك على ضرورة الالتزام بالحل السلمى للأزمة السورية، بما يتسق مع موقف مصر الثابت تجاه الأزمة منذ نشأتها، والذى طالما عبرت عنه مصر فى بياناتها وتصريحاتها على لسان محمد عمرو وزير الخارجية. وأعرب القرار الأممى أيضا عن تأييد الجمعية العامة للقرار العربى الأخير بشأن الترتيبات الانتقالية فى سوريا، وطالب السكرتير العام للأمم المتحدة وكافة أجهزة الأممالمتحدة بدعم الجهود العربية لحل الأزمة سلميا، وكذلك بتقديم تقرير من السكرتير العام إلى الجمعية العامة خلال 15 يوما بشأن تنفيذ القرار. وقد جاء اعتماد القرار بأغلبية ساحقة، حيث صوتت لصالحه 137 دولة وصوتت ضده 12 دولة بينما امتنعت عن التصويت 17 دولة. لاشك أن الوضع في سوريا يتدهور بسرعة، وأن الأمر لا يحتمل أي تأجيل، وأن التغيير المطلوب قد حان وقته لتجنب انفجار شامل للوضع في سوريا، ستكون له تداعيات وخيمة على الوضع الإقليمي واستقرار المنطقة.. فهل يعى الرئيس السورى بشار الأسد الدرس قبل فوات الأوان. المزيد من مقالات محمود النوبى