فشلت مفاوضات التهدئة بين الوفد الفلسطينى وإسرائيل بالقاهرة، واستأنفت إسرائيل القتال على جبهة غزة، وتفجر من جديد «بركان الدم»، وطالت آلة الموت الإسرائيلية أرواح الأطفال والمدنيين العزل كما واصلت الفصائل مقاومتها للعدوان وبلغت صواريخها معظم المدن الإسرائيلية، ومازالت مصر تواصل جهودها الحثيثة وصولا إلى تهدئة تبعد الموت والحرق والهدم الذى تمارسه إسرائيل ضد أهل غزة على مدار الساعة، وتثورالتساؤلات حول ما تراهن عليه إسرائيل فى مواصلة القتال؟، وكيف ستتعاطى السلطة الفلسطينية مع الحالة الراهنة؟، ورأى الشارع الفلسطينى فى مطلب إسرائيل بتسليم سلاح المقاومة؟ وحقيقة المطالبة بمطار وميناء فى غزة؟ ومستقبل حكومة الوفاق الوطنى بعد الحرب؟ حول هذه القضايا والتساؤلات كان هذا الحوار من رام الله مع أحمد عساف المتحدث الرسمى باسم حركة فتح. بعد استئناف العدوان على غزة، ماهو مستقبل الأحداث الجارية، وكيف ينظر المواطن الفلسطينى للمبادرة المصرية ؟ حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو اليمينية المتطرفة تصر على مواصلة العنف والإرهاب تجاه المدنيين والأطفال والنساء، وبخلاف أهداف إسرائيل الميدانية التى لا عنوان لها غير القتل والدم، تسعى إلى أهداف سياسية غير معلنة، منها تصفية القضية الفلسطينية عن طريق عزل غزة عن الضفة لقتل حلم تكوين دولة على حدود 1967،وترى أن أى تنازلات من الممكن أن تقدمها على مائدة المفاوضات هو انتقاص من الصلف والغرور الذى يمارسه المحتل على صاحب الأرض، وفى ظل هذه الغطرسة الإسرائيلية كل الخيارات مفتوحة وكل الاحتمالات قائمة، ونسعى لإيقاف هذا العدوان على شعبنا بأسرع وقت ممكن ولإحباط المخطط الإسرائيلى الهادف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وعلى مدار الساعة يجرى الرئيس الفلسطينى محمود عباس (أبومازن) التنسيق الكامل مع القيادة المصرية، التى تحملت عبء التفاوض غير المباشر منذ ما يقرب من شهر، وصاغت مصر بنودا تضمنت الاحتياجات الفلسطينية وتوافق حولها الوفد الفلسطينى بكل تنوعاته الفصائلية، وستظل المبادرة المصرية هى الوحيدة المطروحة وصولا إلى وقف العدوان الغاشم، والمواطن الفلسطينى فى الضفة وغزة يعرف أن مصر ليست وسيطا بل شريكا للشعب الفلسطينى فى محنته. على ماذا تراهن إسرائيل فى استمرار الحرب التى تتضاعف فيها الفاتورة الباهظة ومن الممكن أن تؤدى إلى انهيار الاقتصاد الإسرائيلي؟ للأسف الدعم الأمريكى غير المحدود يجعل نيتانياهو واليمين المتطرف عموما لا يأخذ بعين الاعتبار الفاتورة والتكلفة الباهظة لهذا العدوان لأنه يشمل أسلحة ودعما اقتصاديا ومشروعات خدمية بل ويصل إلى أموال نقدية يجمعها اللوبى الصهيونى فى العالم ويضخها فى خزائن إسرائيل، بالإضافة إلى أن مواصلة الحرب تدعم اليمين الحاكم الذى يتبنى أفكارا انتقامية تطالب بالمزيد من القتل والهدم، ويمارس اللعبة الخطيرة على حساب الأمن والسلام، ليضرب فكرة حل الدولتين، ويضمن تهرب إسرائيل من استحقاق قيام دولة فلسطينية، متحججة بأنها تخشى أن تتعرض لعدوان، بالرغم من أنها تملك ترسانة أسلحة عملاقة ولكنها تسوق الحجج والذرائع لاستمرار الاحتلال. المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية حملت الجانب الفلسطينى فشل المفاوضات واختراق الهدنة بماذا تفسر ذلك؟ الموقف الأمريكى مخذ ومعيب ويدلل على العجز الذى وصلت إليه الإدارة الأمريكية الحالية فى التعاطى مع الحكومة الإسرائيلية التى استطاعت أن تفرض ما تريد على إدارة الرئيس باراك أوباما لدرجة أننا لم نستمع حتى لإدانة او شجب لقتل الأبرياء على مدار الأسابيع الماضية، ورغم أن هذه الحكومة اليمينية هى التى أفشلت المساعى الأمريكية فى المفاوضات على مدار 9 أشهر قطع فيها جون كيرى وزير الخارجية الأمريكى ثمانى جولات ولم يستطع إثناء حكومة إسرائيل عن تعنتها وتطرفها، ويعلم أوباما مدى تطرف الحكومة اليمينية الحاكمة فى إسرائيل ونيتها فى إنهاء حل الدولتين، ولكن نرى أن حكومة نيتانياهو لديها الضوء الأخضر لكل ما ترتكبه فى حق شعبنا الفلسطينى من جرائم ومذابح تحت سمع وبصر العالم أجمع. تضمنت أوراق التفاوض فى القاهرة مطلب إسرائيلى بنزع سلاح الفصائل ويقابله مطلب فلسطينى بمطار وميناء إلى أى حد ترى أن هذه المطالب قابلة للتحقيق؟ الطرح بهذه الطريقة عن مقايضة حق بحق هو أمر مرفوض فلسطينيا، لأن أمر نزع السلاح من شعب خاضع للاحتلال غير مقبول، وطالما الاحتلال مستمر فالمقاومة أمر مشروع مكفول بالقوانين الدولية، حتى ينال شعبنا حقوقه وحريته، وقد رفض الرئيس أبومازن مناقشة هذا الطرح من حيث المبدأ عندما طرحته جهات دولية، وقال عندما نصل إلى دولة فلسطينية على حدود عام 1967 عاصمتها القدس، سيكون السلاح تحت تصرف جهة واحدة هى سلطة الدولة الشرعية. أما فيما يتعلق بالميناء والمطار فهذه حقوق للشعب الفلسطينى وليست منة أو منحة من إسرائيل، وهذه الحقوق نصت عليها اتفاقية أوسلوا قبل 21 عاما، وعندما نتحدث عن مطار وميناء فالحديث عن إعادة تأهيل وليس إنشاء، والرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون نزل فى مطار غزة الدولى قبل نحو 15 عاما واستقبله ياسر عرفات، والميناء الذى وضع له الأساس هو الرئيس الفرنسى الأسبق جاك شيراك، وكان الفلسطينيون من خلاله ينفتحون على العالم والذى عطل ودمر وتنكر للاتفاقيات المبرمه هو إسرائيل التى تحاول أن تفرض واقعا على الأرض يقودنا إلى المطالبة بحقوقنا الجزئية ونترك الحق الأصيل فى الصراع وهو إنهاء الإحتلال، فالمطار حقنا والميناء حقنا والسلاح أيضا حقنا المشروع فى المقاومة وعدم القبول بالاحتلال. بالنسبة للوفد الفلسطينى المفاوض فى القاهرة من هو سلطته العليا ومن مرجعيته هل السلطة الفلسطينية أم حماس أم قادة الفصائل الميدانيين؟ لأول مرة نخوض المفاوضات بوفد مشكل من كل ألوان الطيف السياسى الفلسطيني، والذى شكل هذا الوفد هو الرئيس أبومازن بموجب مرسوم رئاسى من السلطة الفلسطينية مع تكليف عزام الأحمد القيادى فى حركة فتح، برئاسة الوفد وتلقى الوفد توجيهات من الرئيس فقط، ومن ثم المرجعية الوحيدة هى القيادة السياسية للشعب الفلسطيني، كما أن الوفد بألوانه السياسية ظل متوافقا طوال المفاوضات ومتجاوبا مع الجهود المصرية، لأنه يطالب بحقوق مشروعه ويحافظ على ثوابته الوطنية. ما مستقبل المصالحة الفلسطينية بعد أن تحط الحرب الجارية أوزارها، وهل من الممكن أن تنتقل حكومة التوافق الوطنى إلى غزة؟ أحد أهم الأسباب السياسية لإسرائيل من هذه الحرب هو ضرب الوحدة الوطنية، وقد برهن الشعب الفلسطينى على تمسكه بوحدته وإنهاء الانقسام البغيض، لقطع الطريق على نيتانياهو وحكومته وكل الأطراف التى تسعى لضرب القضية برمتها عن طريق ضرب وحدة الشعب فى غزة والضفة، والحكومة الحالية هى حكومة وفاق وطنى تدير شأن المواطن الفلسطينى سواء كان فى الضفة او غزة لأن اذرعها التنفيذية فى غزه تعمل وتمارس مهامها، والذى منع أعضاء الحكومة فى غزة من الوصول إلى الضفة لحلف اليمين أمام الرئيس أبو مازن، هى إسرائيل، والتى تمنع أيضا وصول أعضاء الحكومة من الضفة إلى غزة لأن إسرائيل هى التى تتحكم فى حركة التنقل بين غزة والضفة، وكل إمكانات الحكومة الفلسطينية مسخرة لتخفيف معاناة وآلام أهلنا فى غزه من آثار الويلات والدمار الذى لحق بهم جراء العدوان الإسرائيلى.