يوما بعد يوما يسطع نجمها وتزداد شعبيتها بعد أن نجحت فى كسب عقول وقلوب ملايين الألمان خلال مدة عملها كمستشارة لألمانيا على مدى ثمانية أعوام ونصف العام , إنها أنجيلا ميركل التى حل عليها عام 2014 محملا بالأحداث السعيدة بدءا بفوز منتخب بلادها بكأس العالم لكرة القدم مرورا بحصول حكومتها على أكبر نسبة تأييد شعبى لم تحصل عليه أى حكومة منذ أن بدأ العمل بنظام الاقتراع فى ألمانيا الحديثة. وقد جاء الاستطلاع الذى أجرته مؤسسة "انفراتيست ديماب" ليؤكد على مقولة أن سعادة الشعوب مقياس لنجاح الحكومات، حيث أعرب 74٪ من مواطنى ألمانيا عن سعادتهم بأداء حكومة أنجيلا ميركل، لتصبح بذلك أعلى نسبة تحصل عليها منذ عام 2007 نتيجة تحقيقها العديد من الانجازات السياسية والاقتصادية في ألمانيا ، وهو ما يعد نتيجة مباشرة للتناغم الذى تقود به الائتلاف الحكومي فى حكومتها بعد أن جمعت بين أكبر حزبين في البلاد وهما الحزب الديمقراطى المسيحى والحزب الاشتراكى. ويعزز ذلك النجاح أيضا ما أظهره الاستطلاع بأن نسبة 59٪ من الألمان راضون عن أداء هذا التحالف، الذى بذلت ميركل من أجل تشكيله جهودا مكثفة استغرقت ثلاثة أشهر من المفاوضات الشاقة لكى يتحقق، ويعود الفضل لهذا الائتلاف فى الشعبية الجارفة التي تحظى بها الحكومة الألمانية والتى حظيت بنسبة تأييد وصلت الى 76٪ من ناخبى الحزب الديمقراطى المسيحى و 69٪ من مناصرى الحزب الديمقراطى. وفى رأى كثير من المحللين فإن الحكومة الالمانية لم تصل لهذا القدر من النجاح إلا بسبب حزمة الإصلاحات الاقتصادية التى أخذت المستشارة الألمانية على عاتقها مهمة تنفيذها، بعدما وعدت الناخبين في بداية ولايتها الثالثة بأربع سنوات جديدة من النجاح، ومن أبرز هذه الإصلاحات تحسين الأوضاع النقدية، والمالية العامة، والضمان الاجتماعى. وبعد دخول الكثير من هذه الاصلاحات حيز التنفيذ، فان الحكومة بصدد تنفيذ إصلاح أخر هام يتعلق بتطبيق قانون الحد الأدنى للأجور، وسوف يتم تنفيذه بداية من العام القادم. كما نجحت أيضا فى خفض نسبة البطالة لأقل من 5 ٪ ، على الرغم من الصعوبات التي تمر بها منطقة اليورو . وترافق مع ذلك الجهود الحثيثة لوزيرة العمل "أندريا ناليز" لإصلاح نظام المعاشات التقاعدية التى عملت على تحسينها وزيادتها، والأهم من ذلك أن هذه الزيادات المالية لم يصاحبها إرتفاع فى معدلات الضرائب مما زاد من إحساس المواطن الألمانى بهذه الإنجازات، معتبرا بذلك أن حكومة ميركل إن لم تفعل شيئا يصب فى مصلحته فهى لم تفعل ما يضره, لتستحوذ هذه الحكومة الناجحة على ثقة معارضيها في سابقة قلما تحدث، بعد أن أشار الإستطلاع أيضا إلى أن أغلبية مؤيدى حزب الخضر المعارض راضون بدورهم عن تلك الحكومة. و يشير المحللون الى أن أداء ميركل ووزير خارجيتها فرانك شتاينماير فى الأزمة الأوكرانية ساهم بصورة كبيرة فى إرتفاع نسبة التأييد التى حصلت عليها نتيجة قيامها بمسئولياتها الأوروبية على الوجه الأكمل, وهو أمر يؤكده قيامها بدور فعال فى قيادة إقتصاد دول منطقة اليورو ومواجهة أزمة الديون السيادية، حيث يطلق عليها "الزعيمة الحقيقية للإتحاد الأوروبى"،مؤكدة بذلك على نجاحها في تحقيق المعادلة الصعبة بعد أن إستطاعت أن تجمع بين تأييد مواطنيها في الداخل والمحافظة على الوضع الإستراتيجي لألمانيا فى الخارج دون أن يطغى مجال على الأخر، بل وإعطاء الأولوية لمشاكل الداخل انطلاقا من الإهتمام بالاعتبارات الانتخابية، وهو ما دفع المراقبين لأن يصفوها بأنها تسير بتوازن على خيط رفيع بين دعاة السيادة الألمانية وبين زعامة الكيان الأوروبى لتحصد فى النهاية ثمار هذا النجاح وتصبح الأكثر شعبية بين مستشارى ألمانيا.