فى المانيا التى تقود اوروبا اقتصاديا فإن أكثر من 70% من الشباب يختارون طريق التعليم المهنى فى المدارس والمعاهد الفنية ويلتحق الباقون بالجامعات. ويعتبر نظام التعليم المهنى الثنائى او المزدوج نموذجا يحتذى فى الكثير من دول العالم بعد أن نجحت المانيا بفضله فى توفير العمالة المتخصصة الماهرة فى مختلف المجالات الصناعية والفنية لضمان تقدمها، وايضا فى خفض معدل البطالة بين الشباب إلى اقل المعدلات الأوروبية، لذا تتبع هذا النظام إلى جانب دول الاتحاد الأوروبى دول مثل الصين والهند وروسيا وبلدان أمريكا اللاتينية. ويبلغ مجموع اتفاقات التعاون الموقع عليها بين المانيا ودول العالم على صعيد التأهيل المهنى المزدوج 40 اتفاقا حتى الآن. لذا يوصف هذا النظام الفريد الذى يتيح للطلبة الجمع بين الدراسة النظرية والتدريب العملى فى الشركات بأنه خلطة المانيا السرية للتقدم الاقتصادي. .ويهدف هذا النظام تدريب الطالب على المهنة التى سيمارسها فى المستقبل عمليا ونظريا فى ظروف عمل حقيقية لذلك تكون الدراسة النظرية يومين فقط فى الاسبوع فى المدرسة الصناعية او المعهد الفني، اما التدريب العملى فيكون من 3 إلى اربع ايام فى الشركة او المصنع التى تمول التدريب. وتشارك الشركات والبنوك والفنادق وغيرها من المؤسسات الخدمية الخاصة فى هذا النظام لأنها توفر من خلاله حاجتها من المهنيين والعاملين والموظفين من بين الشباب المشاركين فى برامج التأهيل المهني. ويتيح النظام الألمانى للشباب التأهل لنحو 400 مهنة ويتم تحديد المهن وبرامجها التدريبية من خلال تعاون وتنسيق بين الحكومة الألمانية وغرف التجارة والصناعة وفقا لمتطلبات سوق العمل فى المانيا. وبإلقاء نظرة سريعة على نظام التعليم الاساسى فى المانيا نجده مسؤلية تتحملها حكومات الولايات الألمانية الست عشة من حيث الإنفاق وتوزيع المراحل التعليمية وتصنيفها وتسميتها إلا أن الخطوط العريضة للمناهج التعليمية تبقى ضمن مهام الحكومة المركزية فى برلين بحيث يتم توحيد الشهادات الدراسية فى المانيا فى نهاية المطاف. ويخضع كل الأطفال فى ألمانيا اعتبارا من سن السادسة للتعليم الإلزامى ويتمتعون بتعليم مجانى فى المدارس الحكومية. غير ان هناك الكثير من المدارس الخاصة التى تفتح ابوابها تباعا وتحظى بإقبال كبير من الاسر الميسورة، إذ تعد هذه المدارس بتأهيل التلاميذ بدرجة أعلى ليلتحقوا بارقى الجامعات من خلال تعليمهم العديد من اللغات الأجنبية والتركيز على إكساب التلاميذ مهارات إضافية فى الإدارة او الاقتصاد او الفنون إلخ. وعادة ما تكون المدرسة الإبتدائية حتى الصف الرابع ثم يستأنف التلاميذ دراستهم بعدها فى اكثر من نمط مدرسي: المدرسة الشاملة، الثانوية، الثانوية العلمية. وتختلف هذه المدارس عن بعضها فى المتطلبات الذهنية ومدى تركيزها على الجانبين النظرى والعملي. لذا فإن المدرسة معنية بتوجيه التلاميذ حسب قدراتهم وادائهم الدراسى فى نهاية المرحلة الابتدائية، سواء نحو التعليم الفنى او التعليم العالي. فالمدرسة الشاملة تتضمن الصفوف من الخامس حتى التاسع، وهى إلزامية، بينما يكون الصف العاشر غير إلزامي.وبعد إتمام العام الأخير من هذا النمط الدراسى يحصل الطالب على شهادة التعليم المهنى الأساسى التى تمكنه فى المرحلة الثانوية الثانية من بدء ما يعرف ب التدريب المهنى العملى وفقا لنظام التعليم او التأهيل المهنى الثنائى الذى اشرنا إليه ويستمر ثلاث سنوات يخرج الطالب بعدها إلى الحياة العملية كعامل مهنى فى الحقل الذى تخصص فيه. أما نمط المدرسة الثانوية فيضم الصفوف من الخامس حتى العاشر حيث يحصل الطالب بعد إتمام الدراسة فيها على شهادة التعليم المتوسط، والتى تمكنه من الالتحاق إما بأحد المعاهد متوسطة أو بإحدى المؤسسات التعليمية الحكومية التى تؤهله للعمل لدى المنشآت الحكومية العامة .وتستغرق فترة التأهيل لدى المعهد المتوسط أو المؤسسة الحكومية عامين تقريبا. ويمكن لمن يثبت تفوقا فى تعليمه المتوسط الانتقال لمرحلة التعليم العالى و متابعة الدراسة فى الجامعات التقنية. أما النمط الثالث والمعروف لدينا فى مصر فهى المدارس الثانوية العلمية، وهى تنتهى بعد الصف الثانى عشر أو الثالث عشر، حسب الولاية ويحصل التلاميذ فى ختامها على شهادة الثانوية العامة التى تتيح لهم الألتحاق بالجامعات . وفى هذه المدرسة يتلقى الطالب منذ الصف السابع من المواد ما يؤهله لمتابعة الدراسة الأكاديمية. ونظرا لأهمية الاستثمار فى التعليم رفعت الحكومة الألمانية الاتحادية من موازنة قطاع التعليم والبحث العلمى بشكل غير مسبوق لتصل فى عام 2014 إلى أكثر من 14 مليار يورو، بزيادة 313 مليونا على العام 2013. كم أن إكتشاف ودعم التلاميد الموهوبين علميا وايضا موسيقيا وفنيا وثقافيا هى مهمة وزارات التعليم فى الولايات طيلة العام،