أن يصل معدل انقطاع التيار الكهربائى إلى أكثر من 10 ساعات يومياً فى بعض الأماكن فهو أمر جنونى بكل المقاييس، لما له من آثار سيئة على كل مناحى الحياة فى كل جوانبها، فانقطاع التيار يعنى أن تتوقف مظاهر الحياة تماما طوال فترة الانقطاع، وفى الأغلب يعقبه انقطاع للمياه، بما يؤكد أن حياة المواطن تصاب بالشلل التام . بات الحديث عن آثار انقطاع التيار أمرا مكررا، لذا أصبح من الأجدى البحث عن حلول جديدة وعاجلة من زوايا مختلفة، خاصة بعد أن فشل المسئولون فى إيجاد رؤية عملية واضحة تبين كيفية الخروج من شرنقة هذه الأزمة الخانقة فى القريب العاجل، حيث إن كل التصريحات الرسمية المتعلقة بها تؤكد أن الأزمة مستمرة ولسنوات! نعم هناك مشكلة حقيقية تواجهها مصر تتعلق بعجز محطات الكهرباء عن الوفاء باحتياجاتنا بلغ الآن 5000 ميجاوات يوميا وهو رقم مفزع أدى لتزايد معدل انقطاع التيار بهذا الشكل المستفز، كما نعلم أن تلك الأزمة ليست وليدة الشهور القليلة الماضية، ولكنها نتيجة إهمال وفساد استشرى داخل هذا القطاع بشكل مخيف، طيلة عقود مضت. ورغم ذلك، أكد وزير الكهرباء الحالى د.محمد حامد شاكر منذ توليه مسئوليته فى فبراير الماضى أنه بصدد زيادة ناتج محطات الكهرباء ب 2400 ميجاوات فى «مايو» الماضى، اليوم وبعد أكثر من 6 أشهر يعلن أن الأزمة مستمرة وستزداد !! مما يعنى فشله أو عجزه عن تحقيق ما وعد به، ويمكن إرجاع الأمر لسببين، الأول، عدم الكفاءة، والثانى قلة الحيلة، وكلا السببين يؤكد ضرورة مراجعة فورية ودقيقة لكل منظومة الكهرباء بالكامل فى كل أرجاء مصر، شاملة كل القيادات فى الوزارة بما فيها الوزير، فلا يعيب شخص الفشل فى العمل، ولكن يعيبنا التمسك بنفس المنظومة ونفس الأداء، رغم ما نراه من فشل ذريع!! بل يجب محاسبة الفاسدين والمقصرين إن تم اكتشافهم. ويجب أن تتكاتف كل الأجهزة المعنية فى الدولة وإعطاء الأولوية القصوى من أجل الوصول إلى حل عملى وسريع لهذه الأزمة، بعدما بلغ الصبر على حلها مداه، بالإضافة إلى أن الخسائر التى تترتب على انقطاع التيار فاقت حد الاحتمال، خصوصا أنه لا سبيل لتعويض المواطنين لخسائرهم اليومية، فقد الكثيرون منا العديد من الأجهزة الكهربائية التى أصيبت بالتلف، بخلاف الخسائر التى يتكبدها أصحاب الأعمال البسيطة. أيضاً لابد من التفكير فى حلول خارج الصندوق، عاجلة، لترشيد الإنفاق فى الطاقة، مثل طرح اللمبات الموفرة بجودة عالية وبالتقسيط على فاتورة الكهرباء، وتوفير مولدات كهرباء بقدرات مختلفة أيضا بالتقسيط لتكون بديلا مؤقتا فى حالة انقطاع التيار لمن يرغب، ولن يضير الحكومة احترامها المواطنين وإعلانها مواعيد انقطاع التيار بجدول زمنى واضح حتى تجنبهم مفاجأة انقطاع التيار وتغنيهم عن حدوث أزمات تعرض لها الملايين، ولنتخيل فقط عدد من تم حبسهم داخل المصاعد فى كل انقطاع للتيار؟! أما الأهم فهو سرعة إصدار قانون بعقوبة مغلظة لكل من تسول له نفسه الخسيسة القيام بأى عمل من شأنه تخريب محطات الكهرباء أو ما شابه، حرصا على ممتلكاتنا العامة، وبعد أن أمسى تخريب أبراج الكهرباء ظاهرة مقيتة. وبالانتقال إلى الحلول الآجلة، يكون من الضرورى تقديم حزمة من الحوافز الايجابية للمستثمرين لضخ أموالهم فى مجال إنتاج الطاقة، فالغريب أننا مازلنا حتى اليوم ننظر إلى القمامة على أنها مشكلة يجب التخلص منها، فى الوقت الذى يرى فيه غيرنا المتقدم بخطوات عنا أنها ميزة يجب الاستفادة بها، ومن ثم لابد من البدء فوراً فى إنشاء جهاز للمخلفات الصلبة وتسهيل جميع العقبات لقيامه من خلال قانون يسمح له بالعمل خارج نطاق البيروقراطية العقيمة، كما يحفز رجال الأعمال للدخول فى مجال إنتاج الطاقة من خلال تدوير المخلفات الصلبة. أيضاً البدء فى استخدام الطاقة الشمسية التى يمكن ان تولد طاقة فى خلال 4 أشهر من بدء تنفيذ محطاتها، مع العلم أن تكلفة إنتاجها كبيرة، ولكن ما يميزها هو سرعة العائد . اقتراح آخر قد يلقى قبولاً لدى أولى الأمر. ما يضيرنا لو أعلنا عن بناء المحطات بالطاقات التى تمكننا من القضاء على العجز الحالى بل وتحقيق وفر، وتمويلها بنفس طريقة تمويل قناة السويس الجديدة، من خلال طرح شهادات استثمار تضمنها الحكومة لمدة 5 سنوات بعائد موازٍ أو أعلى يصرف كل شهر أو ثلاثة أشهر لإغراء الناس بتمويل بناء محطات الكهرباء، حتى نستطيع القضاء على أزمة انقطاع التيار الكهربائى نهائيا بأموال المصريين دون مد اليد للاقتراض الخارجى والدخول فى دوامة الديون وفوائدها. إننا نطالب بزيادة الإنتاج وأيضا زيادة ساعات العمل، وتطوير التعليم وتحقيق تقدم ينتشلنا من نكبة العجز الاقتصادى الذى نعيش فيه.. كل ذلك فى ظل انقطاع للكهرباء أصبح متوسطه اليومى 8 ساعات يبدأ منذ الصباح الباكر وحتى بعد منتصف الليل، أى أنه بشكل عملى يكون معدل انقطاع الكهرباء ما يقرب من نصف اليوم بعد خصم ساعات النوم!!.. بما يعنى أننا نسير عكس الاتجاه بكل وضوح، فمتى تنتهى هذه المهزلة التى تؤكد أن الحكومة تعيق تنفيذ طموحات الرئيس التى وعد بها الشعب؟! لمزيد من مقالات عماد رحيم