الحوار الوطني: الدعم قضيةً مجتمعية تهم 70 مليون مصري ونشكر الحكومة على ثقتها    سناء خليل: مايا مرسي تستحق منصب وزيرة التضامن بجداره    وزير التموين يفتتح «هايبر وان» باستثمارات تصل مليار ونصف.. «يوفر 1000 فرصة عمل»    الحكومة تدرس نقل تبعية صندوق مصر السيادي من التخطيط إلى مجلس الوزراء    رئيس الوزراء: نعمل على استفادة ذوى الهمم من التيسيرات الموفرة لهم    الجيش اللبناني يعلن مقتل أحد جنوده وجرح آخر إثر غارة إسرائيلية في جنوب البلاد    مستشار بحملة هاريس يجتمع بقيادات للمسلمين لاحتواء الغضب من دعم إسرائيل    الدفاع الروسية: تدمير منشآت الطاقة التي تغذّي المنشآت العسكرية الأوكرانية    هشام نصر: العقد الجديد ل"زيزو" سيكون الأعلى في الدوري المصري    زغلول صيام يكتب: سوبر إيه بس!.. من ينقذ كرة القدم من هذا العبث؟! وإيه حكاية زيطة الإداريين في الجبلاية    الزمالك يُشدد على ضرورة عودة ميشالاك وفرج قبل استئناف التدريبات    افتتاح مقر جديد للجوازات بالسادس من أكتوبر بالجيزة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    تفاصيل الظهور الأول لبسمة داود في مسلسل تيتا زوزو    محافظ المنيا: افتتاح معرض «بداية جديدة» لتوفير السلع الغذائية بأسعار مخفضة في ملوي    نائب وزير الإسكان يتابع موقف تقديم خدمات المياه والصرف الصحي بدمياط    سر مثير عن القنابل الإسرائيلية في حرب أكتوبر    ضاحي خلفان يثير جدلًا بتعليقه على اغتيال حسن نصرالله.. هل شمت بمقتله؟    حلاوة رئيسًا للجنة الصناعة والتجارة بمجلس الشيوخ    سفير مصر بالدوحة يلتقى مع وزير الدولة للشئون الخارجية    مجلس الشيوخ.. رصيد ضخم من الإنجازات ومستودع حكمة في معالجة القضايا    أزمة المحاضرة.. قرار مهم ضد أستاذ الحقوق بجامعة المنوفية    «في مجال الهيدروجين».. تعاون بين مصر وحكومة بافاريا الألمانية    جون دوران بعد هدفه أمام بايرن: سجلت في شباك أحد فرق أحلامي    "الإسكان" يُصدر قراراً بحركة تكليفات وتنقلات بعددٍ من أجهزة المدن الجديدة    للخريف سحر لا يقاوم.. 15 صورة من شواطئ عروس البحر المتوسط    إصابة عاطلين في معركة بالأسلحة النارية بالمنيا    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    الأمن يكشف لغز العثور على جثة حارس ورشة إصلاح سيارات مكبل في البحيرة    قرار عاجل من مدير تعليم الجيزة بشأن المعلمين    ضبط 367 عبوة دواء بيطري مُنتهية الصلاحية ومجهولة المصدر بالشرقية    لحسم الشكاوى.. وزير العدل يشهد مراسم إتفاقية تسوية منازعة استثمار    في أول أيامه.. إقبال كبير على برنامج «مصر جميلة» لرعاية الموهوبين    فى احتفالية كبرى، الأوبرا تحتفل بمرور 36 عامًا على افتتاحها بمشاركة 500 فنان    بعد إعلان اعتزالها.. محطات في حياة بطلة «الحفيد» منى جبر    لطفي لبيب: جربت الشغل فى الصحافة سنة ونصف ولقيتها شاقة واعتذرت    تعرف على موعد حفل وائل جسار بدار الأوبرا    محافظ المنيا يعلن موعد افتتاح مستشفيات حميات وصدر ملوي    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    «التضامن» تشارك في ملتقى 57357 للسياحة والمسئولية المجتمعية    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    توقعات برج القوس اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024: الحصول على هدية من الحبيب    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    بريطانيا تستأجر رحلات جوية لدعم إجلاء مواطنيها من لبنان    «القاهرة الإخبارية»: استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل داخل لبنان    محامي أحمد فتوح يكشف تفاصيل زيارة اللاعب لأسرة ضحيته لتقديم العزاء    صلاح الأسطورة وليلة سوداء على الريال أبرز عناوين الصحف العالمية    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    4 أزمات تهدد استقرار الإسماعيلي قبل بداية الموسم    التابعي: الزمالك سيهزم بيراميدز.. ومهمة الأهلي صعبة ضد سيراميكا    باحث سياسي: حرب إسرائيل بلبنان تستعيد نموذج قطاع غزة.. فيديو    «وسائل إعلام إسرائيلية»: إطلاق 10 صواريخ على الأقل من جنوبي لبنان    مدبولي يُهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    نجاح عملية استئصال لوزتين لطفلة تعانى من حالة "قلب مفتوح" وضمور بالمخ بسوهاج    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    فوز مثير ل يوفنتوس على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من الثورة الشعبية إلي الدولة الديمقراطية‏ (2)‏
المخاض الصعب للديمقراطية‏!‏

بالرغم من كثير من المنجزات (‏الديمقراطية‏)‏ التي أخذت مصر تعرفها منذ نجاح ثورتها في خلع (الرئيس) حسني مبارك من منصبه في 11 فبراير 2011, والتي أشرت إلي أهمها في مقالي الأسبق (الأهرام 1 فبراير) مثل تفكيك جهاز مباحث أمن الدولة والمشاركة الجماهيرية والطوعية الواسعة في استفتاء 19 مارس 2011, ثم في انتخابات مجلس الشعب, ثم الاداء البرلماني الحقيقي في المجلس, فضلا عن إطلاق حريات التعبير, التظاهر, والاعتصام... إلخ أقول, بالرغم من هذا كله, فإنه لا يعني علي الإطلاق أن نظاما ديمقراطيا حقيقيا, ومستقرا, وصلبا.. قد تمت إقامته في مصر! صحيح أن ذلك الهدف كان علي رأس أولويات الثورة التي لخصها الهتاف الشعبي الموجز الشعب يريد إسقاط النظام! إلا أن تحقيقه, أي تجسيده علي أرض الواقع السياسي والاجتماعي, مهمة أصعب وأطول بكثير مما يتصور البعض! إن النظام الديمقراطي مفهوم عميق ومعقد, ويتضمن مقومات سياسية واجتماعية وثقافية لا تولد بين عشية وضحاها, ولا تتعلق بمجرد الأمل أو الحلم في تحقيقها.
ولا ينطوي حديثي هذا علي أية نية لتثبيط العزائم أو إحباط الهمم الحالمة والطامحة لتحقيق الديمقراطية, ولكنه يستهدف توضيح الحقائق, وإلقاء الضوء علي المهام والأعباء الثقيلة التي يستلزمها بناء النظام الديمقراطي, والتي يتوجب علي كل المناضلين من أجل الديمقراطية أن يستوعبوها, وأن يستعدوا للكفاح من أجل تحقيقها.
غير أنه ينبغي أولا الإشارة إلي حقيقة مهمة علينا أن نستعيدها ابتداء وهي أن تخلي حسني مبارك عن السلطة في 11 فبراير, لم يكن سوي مقدمة أو خطوة أولي لاسقاط النظام القديم, وإن كانت خطوة هائلة ذات دلالات رمزية ومعنوية هائلة, فضلا عما صحبها من إجراءات لإزالة كثير من قيادات وأجهزة النظام! غير أن الكثير من دعائم وأجهزة النظام لا يزال قائما في أغلب مؤسسات الدولة (وهذه قصة يمكن الافاضة فيها في مجال آخر).
فإذا عدنا لمسألة بناء النظام الديمقراطي في البديل, علينا ابتداء أن تستذكر وقائع وتوابع ما حدث في يوم 11 فبراير 2011 ففي ذلك اليوم, تخلي مبارك عن السلطة وكلف المجلس الأعلي للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد وفق البيان الذي ألقاه نائب الرئيس عمر سليمان, في ذلك الوقت. وكما سبق أن أشرت مرارا, فإن الخطأ التاريخي الأكبر الذي ارتكبته الثورة المصرية, كان هو عدم وجود قيادة ثورية تتولي مقاليد الأمور في شكل مجلس أو لجنة لقيادة الثورة أو مجلس ثوري أو مجلس إنتقالي... إلخ. ولكن الأمر آل بالتداعي- إلي المجلس الأعلي للقوات المسلحة, والذي كان قد أتخذ قراره التاريخي بالفعل بالوقوف إلي جانب الثورة! ولكن لأن المجلس الأعلي, والجيش, لم يكن هو الذي قام بالثورة, وإنما فقط ساندها ودعمها, فإن ذلك أصبح يعني ومنذ اليوم الأول ايجاد مسارين متوازيين للحركة السياسية في مصر! المسار الأول, هو المسار الرسمي الذي أخذ يتولي إدارته وتوجيهه, المجلس الأعلي للقوات المسلحة (أو أختصارا, المجلس العسكري) والمسار الثوري أو الشعبي الذي كان بيد الثوار, وتحديدا أولئك الذين كانوا يسيطرون علي الميدان.
المسار الرسمي للثورة تم برعاية المجلس الأعلي عبر الخطوات المعروفة, أي تكليف المستشار طارق البشري بإعداد وثيقة التعديلات الدستورية التي جري عليها استفتاء 19 مارس, والتي تم العمل وفق نتائجها.. وبداهة, فقد لقي هذا المسار التأييد الكامل من جانب الإخوان المسلمين, والسلفيين باعتبار أن هذا المسار تجنب استغراق الوقت في إيجاد دستور كامل جديد (كما كانت تريد القوي الأخري, الأكثر راديكالية) فضلا عن قبولهم لمضمون التعديلات الواردة فيه, الأمر الذي أثار هواجس وشكوكا مشروعة حول اتفاق أو صفقة بين المجلس الأعلي للقوات المسلحة, والإخوان المسلمين, خاصة في ضوء تركيبة لجنة تعديل الدستور التي ضمت القيادي الإخواني السيد صبحي صالح.
وفي واقع الأمر, فإن كل القوي الأخري كانت تدرك جيدا أن المسار الذي أتبعه المجلس الأعلي للقوات المسلحة, والذي اتسم بالتعجل, لم يكن في مصلحة القوي السياسية التي تمخضت عنها الثورة والتي لم يكن عمرها يتعدي بضعة أشهر, والتي وجدت نفسها في منافسة إنتخابية شرسة مع قوي وتيارات لها عقود طويلة في الحياة المصرية السياسية والاجتماعية!
ولذلك فإن نتيجة الانتخابات العامة لم تنطو في الواقع علي مفاجأت فيما يتعلق بالإخوان, وأن حملت مفاجأة النجاح الذي أحرزه السلفيون, الذي فاق التوقعات المسبقة له.
وبذلك أتي مجلس الشعب بصورته الراهنة, ذات الأغلبية الكاسحة للتيار الإسلامي السياسي (الإخواني السلفي), (ما يقرب من 70%) والتي تجعل له سيادة شبه مطلقة علي قرارات وتشريعات المجلس. ومن المؤكد أن ذلك التيار يري في تلك الثورة التي حدثت في تركيبة مجلس الشعب, أفضل ترجمة لشعار الشعب يريد تغيير النظام!
غير أن تلك بالقطع لم تكن هي وجهة نظر القوي الأخري (الثورية) التي اعتصم بعض رموزها بالميدان عوضا عن البرلمان, وتجنبت طريق الانتخابات لمصلحة المظاهرات والاعتصامات. وزاد من تلك العزلة أو ذلك الانفصام حقيقة أن رموزا قليلة معدودة من الثوار هي التي استطاعت أن تنفذ إلي البرلمان, مما يضع حدودا علي وصف البرلمان بأنه برلمان الثورة, اللهم إلا بمعني أنه البرلمان الذي انتخب في ظروف ما بعد الثورة!
إن هذه الثنائية بين القوي الرسمية والقوي الثورية هي التي تفسر إلي حد بعيد الاحتكاكات والمصادمات التي وقعت بين الجانبين في المواقع المعروفة سواء في القاهرة (في مناطق ماسبيرو, الشيخ ريحان, ومحمد محمود, وأمام مجلس الوزراء.. وفي التحرير والعباسية... إلخ), وفي الإسكندرية أو غيرها من المدن أو عواصم المحافظات. وليس غريبا في هذا السياق أن الحضور الإخواني أو السلفي في تلك الوقائع كان منعدما أو نادرا, ليس فقط بسبب الاعتراض علي تلك الممارسات, وإنما بالقطع بسبب الإنشغال بما هو أهم, أي: الوصول إلي البرلمان!
غير أن الأهم من ذلك, هو أن التوترات والتقلصات التي يتسم بها المشهد السياسي المصري, لا ينتظر أن تنتهي بسرعة أو بسهولة طالما ظلت القوي الثورية مستبعدة كليا أو جزئيا من التأثير الحاسم في مجريات العملية السياسية. وإذا أردت هنا أن أرسم صورة عامة لوضع تلك القوي في اللحظة الراهنة, يمكن القول أنها كلها مهتمة بالدرجة الأولي بإخراج المجلس العسكري من المشهد السياسي وعودة الجيش إلي ثكناته واعفائه من أعباء وعواقب الإحتكاك اليومي بالمواطنين, الذي يسيء إلي صورته الإيجابية لدي الشعب. غير أن البديل الذي تطرحه تلك القوي ليس واحدا! ويمكن هنا أن نميز بين توجهين واضحين: التوجه الأول, هو التطلع إلي البرلمان باعتباره السلطة السياسية الشرعية المنتخبة الوحيدة القائمة حاليا, ومناشدته تشكيل حكومة مؤقتة أو حكومة إنقاذ وطني! تتولي هي علي الفور استكمال المهام المفترضة للمرحلة الإنتقالية, أي: انتخابات الشوري, ووضع الدستور, وانتخاب رئيس الجمهورية بكل ما يستلزمه ذلك من تشريعات وقرارات.
ولا أعتقد أن مجلس الشعب, بتركيبته الحالية يمكن أن يستجيب لذلك الضغط, لسببين: الأول, أن تشكيله حكومة سوف تكون إخوانية أو ذات أغلبية إخوانية بالضرورة- تأخذ علي عاتقها إدارة شئون البلاد في اللحظة الراهنة ينطوي علي تحد وعبء كبيرين لأسباب لا تخفي علي أحد, وربما كان اهمها ضخامة المهام المطلوب انجازها علي مختلف الأصعدة, وعلي رأسها النمو الاقتصادي, والتفاوت الطبقي والاجتماعي, وتدهور السياسات العامة.. وفي مقدمتها: التعليم, والإسكان, والصحة... إلخ! والسبب الثاني أن الإخوان المسلمين, الذين يسيطرون علي المجلس, لن يغامروا علي الأغلب- بقرارات قد لا يرضي عنها المجلس العسكري أو تعني استبعاده مبكرا بشكل أو بآخر.
أما التوجه أو الاختيار الثاني لدي القوي الثورية, والذي أعتقد أنه أكثر اتساقا مع مسارها, فهو التقدم نحو إصلاح الخطأ الجسيم الذي وقعت فيه منذ 11 فبراير, والعمل علي بلورة قوة ثورية شعبية تجسد وتجمع وتوحد كل القوي الثورية التي تفككت وتشرذمت سواء علي مستوي الشباب أو علي مستوي الحركات والأحزاب السياسية. وأنا هنا لا أتحدث عن حزب الثورة.. وإنما ما هو أكبر من ذلك وأوسع! وهو أمر ليس بغريب علي التاريخ المصري: ألم يرفض سعد زغلول الأحزاب وأعتبر أن الوفد هو الأمة؟ مثلما رفض عبدالناصر الأحزاب لمصلحة تحالف القوي الشعبية؟ وذلك حديث آخر.
المزيد من مقالات د:أسامة الغزالى حرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.