أيمن موسى يكتب: خليفة بوتين صداع في رأس الغرب    مودرن فيوتشر يخشى مفاجآت الجونة في الدوري    موعد مباراة إنجلترا وصربيا في أمم أوروبا "يورو 2024" والقنوات الناقلة    بيان من الجيش الأمريكي بشأن الهجوم الحوثي على السفينة توتور    الكيانات الوهمية وراء أزمة حج الزيارات | تفاصيل    "مجزرة في رفح الفلسطينية".. سقوط أعداد كبيرة من الضحايا بعد قصف منطقة تأوي النازحين    «بدأت اليوم خلوا بالكم».. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس ال 72 ساعة المقبلة: «حرارة شديدة»    استكمال محاكمة ربة منزل وعشيقها في قتل ابنتها.. اليوم    الوكيل: تركيب مصيدة قلب مفاعل الوحدة النووية ال3 و4 بالضبعة في 6 أكتوبر و19 نوفمبر    العراق.. استمرار حريق مصفاة نفط ببلدة "الكوير" جنوب غرب أربيل    «آخرساعة» كانت معهم| الحُجاج المصريين بخير.. وكل الأمور ميسرة    عيد الأضحى 2024.. هل يجوز التوكيل في ذبح الأضحية؟    تصل ل«9 أيام متتابعة» مدفوعة الأجر.. موعد إجازة عيد الأضحى 2024    مفاجأة مدوية.. دواء لإعادة نمو أسنان الإنسان من جديد    مفاجأة.. لماذا تم رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب؟    في موسم الامتحانات| 7 وصايا لتغذية طلاب الثانوية العامة    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل اللحم المُبهر بالأرز    بوساطة عُمانية، إطلاق سراح فرنسي كان معتقلا في إيران    المفاجآت في قضية سفاح التجمع تتوالى| ارتكب جرائمه ببث مباشر عبر «الإنترنت المظلم»    كيف رد هشام عاشور على لقب "جوز نيللي كريم" قبل انفصالهما؟    التليفزيون هذا المساء.. الأرصاد تحذر: الخميس والجمعة والسبت ذروة الموجة الحارة    شاهد مهرجان «القاضية» من فيلم «ولاد رزق 3» (فيديو)    محمد عبد الجليل: أتمنى أن يتعاقد الأهلي مع هذا اللاعب    رابطة الأندية تكشف حقيقة مقترح إلغاء الدوري بسبب ضغط المُباريات    هل يقبل حج محتكرى السلع؟ عالمة أزهرية تفجر مفاجأة    وزير الأمن القومي الإسرائيلي يوجه له رسالة شديدة اللهجة لنتنياهو    حزب الله ينفذ 19 عملية نوعية ضد إسرائيل ومئات الصواريخ تسقط على شمالها    المجازر تفتح أبوابها مجانا للأضاحي.. تحذيرات من الذبح في الشوارع وأمام البيوت    أبرزها المكملات.. 4 أشياء تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان    بعد ساعات من تحديد جلسة محاكمته، عمرو دياب يطرح أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    24 صورة من عقد قران الفنانة سلمى أبو ضيف وعريسها    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يواصل اجتماعته لليوم الثاني    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة وفقاً للمعايير الدولية    التعليم العالى المصرى.. بين الإتاحة والازدواجية (2)    .. وشهد شاهد من أهلها «الشيخ الغزالي»    صدمة قطار.. إصابة شخص أثناء عبور شريط السكة الحديد فى أسوان    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    محمد الباز ل«كل الزوايا»: هناك خلل في متابعة بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي بيراميدز وسموحة.. وفيوتشر أمام الجونة    مهيب عبد الهادي: أزمة إيقاف رمضان صبحي «هتعدي على خير» واللاعب جدد عقده    «الأهلي» يزف نبأ سارًا قبل مباراة الزمالك المقبلة في الدوري المصري    سعر السبيكة الذهب الآن وعيار 21 اليوم الخميس 13 يونيو 2024    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 13 يونيو: انصت للتعليمات    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    عماد خليل: تشكيل الحكومات يأخذ فترة من المشاورات لانتقاء أفضل العناصر    فلسطين تعرب عن تعازيها ومواساتها لدولة الكويت الشقيقة في ضحايا حريق المنقف    بعد ارتفاعه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13 يونيو 2024    أحمد لبيب رئيسًا لقطاع التسويق ب«عز العرب»    أخبار × 24 ساعة.. الزراعة: مصر من أكبر مصدرى الفول السودانى للاتحاد الأوروبى    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    انتشال جثمان طفل غرق في ترعة بالمنيا    الأهلي يكشف حقيقة مكافآت كأس العالم للأندية 2025    قبل عيد الأضحى.. طريقة تحضير وجبة اقتصادية ولذيذة    مسئول سعودى : خطة متكاملة لسلامة الغذاء والدواء للحجاج    الاتصالات: الحوسبة السحابية واحدة من التكنولوجيات الجديدة التي تؤهل للمستقبل    هل يجوز للأرملة الخروج من بيتها أثناء عدتها؟ أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفتى الجمهورية ل «الأهرام»:
المتطاولون على ثوابت الدين يشجعون التطرف
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 08 - 2014

أكد الدكتور شوقى عبد الكريم علام ، مفتى الجمهورية، أن الأدعياء والدخلاء على ساحة الدعوة ينالون من ثوابت الدين الإسلامي، ويشجعون التطرف والإرهاب ويصرفون الأنظار عن التحديات والمشروعات الكبرى.
وأن من أنار الله قلبه بالإيمان لا يمكن أن يكون مغاليًا متطرفًا ولا متشددا ولا متهجما على ثوابت الدين. وحذر مفتى الجمهورية، من الانسياق وراء دعاوى التشكيك فى السنة النبوية والثوابت الدينية، مؤكدا أن الجدل الذى شهدته وسائل الإعلام سيكون سببًا فى إثارة القلاقل والفتن، ويُغذى التطرف والتشدد الديني، ويُشوه صورة الدين الإسلامى أمام العالم.
وقال مفتى الجمهورية فى حوار ل«الأهرام» إن غياب الموضوعية وانتشار الفوضى يوفران التربة الخصبة لظهور الأدعياء الذين يجيدون الصيد فى الماء العكر.
وقال المفتى إن صحيح البخارى ليس كتابا مقدسا ولكنه أصح كتب الحديث التى أجمع عليها علماء الأمة. وأنه من الضرورى الآن تبنى خطاب دينى شرعى يتماشى مع متطلّبات العصر ويناهض الفكر المتطرف والمتعصب ويقف بالمرصاد للخطاب المنفلت الذى يطعن فى الثوابت الدينية، وفى المقابل أيضاً ينشر تعليمًا وفكرًا معاصرًا مستلهمًا ذلك من صحيح الدين فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
وطالب الدولة بالإسراع فى إصدار قوانين تجرم نشر الكراهية وازدراء الأديان والطعن فى الثوابت الدينية... والى نص الحوار


كيف ترون الجدل المثار على الساحة الإعلامية حاليًّا من قضايا فقهية أصابت عامة الناس بالحيرة والبلبلة؟
هذا الجدل لن يعود على المسلمين بأى نفع بل بالعكس سيكون سببًا فى إثارة القلاقل والفتن، ويُغذى التطرف والتشدد الديني، ويُشوه صورة الدين الإسلامى أمام العالم، وهذه الضجة المثارة تدل على جهل مثيرى الفتن وذلك لأنهم لا يطعنون فى ثوابت الدين فحسب، بل يؤدى إلى حالة من البلبلة للناس، وبالتالى الأمر يتطلب وقفة صارمة لردع هؤلاء الناس الذين يفتقدون أدوات الفهم الجيد للنصوص التراثية ويفتقدون العلم الذى يؤهلهم لتناول مثل هذه القضايا التى تبعث على الفتن التى كثيرًا ما حذرنا منها النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم، هذه الفتن لا تصيب الظالم وحده بل تأخذ فى طريقها الجميع، (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً)، هذه الفتن تحرق العقل والدين والبدن وكل الخير، والقضايا المثارة حاليًا هى قضايا قديمة حديثة وقتلت بحثًا وردًّا، ومن يثيرها اليوم كان يكفيه أن يراجع أقوال العلماء الثقات فيها ليزول عنه الشك بدلاً من إثارة القلاقل والفتن.
ما ردكم على التشكيك فى صحيح البخارى وعذاب القبر والتطاول على الصحابة رضوان الله عليهم؟
كل هذه الدعاوى لا تصدر إلا من الذين لا يراعون حرمة للدين ولا لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين قال فيهم: لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد، ذهبًا ما بلغ مد أحدهم، ولا نصيفه، أما فيما يخص البخارى فقد أجمع المتقدمون وكذلك المتأخرون على صحة هذا الكتاب، نحن لا نقول بأنه كتاب مقدس لكن نقول إنه أصح كتب الحديث، قال الإمام النووي: اتفق العلماء على أن أصح الكتب بعد القرآن الكريم الصحيحان، البخارى ومسلم، وتلقتهما الأمة بالقبول. وقال فى موضع آخر: وتلقى الأمة بالقبول إنما أفادنا وجوب العمل بما فيهما، وهذا متفق عليه، وإنما يفترق الصحيحان وغيرهما من الكتب فى كون ما فيهما صحيحًا لا يحتاج إلى النظر فيه، بل يجب العمل به مطلقًا، وما كان فى غيرهما لا يعمل به حتى ينظر، وتوجد فيه شروط الصحيح. وعليه نقول إذا كان هذا هو قول المتقدمين فى صحيح البخاري، وكذلك المتأخرون فنتساءل بعد هذا ما الداعى إلى إثارة هذه الشكوك حول هذا الكتاب؟ فأحاديث البخارى فى غاية الاعتبار، من حيث الأصول واطراد العادة.
إذا كانت تلك الشبهات سبقت إثارتها ورد عليها العلماء منذ قرون عديدة فما وجه طرحها الآن هل هى مؤامرة على الفكر الإسلامى الصحيح؟ أم أنها قضايا الهدف منها شغل الرأى العام عن قضايا أكثر أهمية وحيوية؟
المجتمع الآن يعانى حالة من السيولة، وغابت الموضوعية عن شرائح كبيرة من المجتمع، وهذا الجو من السيولة يعتبر تربة خصبة لظهور مثل هؤلاء الأدعياء الذين ينالون من الدين ومن ثوابته ومن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، هم لا يجيدون الصيد إلا فى الماء العكر، وهذا حال الطفيليات التى لا تعيش إلا فى الماء الراكد، لكنه على الرغم من ذلك سرعان ما تزول آثارهم لأنهم لا يستندون إلى جذور ثابتة راسخة فى الأرض، والأمر العجيب هو إثارة مثل تلك القضايا فى هذا التوقيت والأغرب من ذلك هو إثارة قضايا حُسمت من قبل على يد علماء أجلاء فلماذا إثارتها اليوم، اللهم إلا إثارة الرأى العام وإحداث بلبلة كبيرة وطعن فى ثوابت الدين ونصرة للفكر المتطرف والمتشدد وصرف الأنظار عن المشروعات التى من شأنها أن ترفع من شأن الوطن، إذًا الأمر له شقان الأول النيل من الدين ومن ثوابته وكذا من رموزه، والأمر الثانى النيل من أمن واستقرار الوطن، لأن الأمن الفكرى لا يقل أهمية عن الأمن الاجتماعي.
نص الدستور الجديد على أن الأزهر وحده هو صاحب الحق فى ممارسة العمل الدعوى فكيف يمكن قطع الطريق على الدخلاء.. وما مسئولية الدولة ورجال الإعلام؟ ولماذا لم يتم تفعيل قانون قصر الخطابة على الأزهريين؟
يجب تفعيل الدستور وتطبيق القانون، لكى يجد هؤلاء رادعًا لهم، وموضوع قصر الخطابة على الأزهريين لم يعد هو المشكلة خصوصًا مع تلقى بعض وسائل الإعلام لمثل هؤلاء الأدعياء والاحتفاء بهم وتقديمهم للناس والسماح لهم ببث سمومهم من خلال الطعن فى ثوابت الدين، وتقديمهم على أنهم علماء وهم أبعد ما يكونون عن العلم والفقه، فهؤلاء لا علم ولا فقه ولا فهم لهم، والأولى بهم أن يتركوا العلم الشرعى لأهله من علماء الأزهر الشريف، وهنا يجب على وسائل الإعلام تحمل المسئولية الأخلاقية الكبرى الملقاة على عاتقها، بعدم استضافة الباحثين عن الشهرة والمتاجرين بالدين وثوابته، وإدراك المرحلة الفارقة والحساسة التى نعيشها، بتبنى خطاب يتجنب إشعال الفتن والطعن فى ثوابت العقيدة، كما يجب تهميش أصحاب الخطاب المتطرف، الذين يريدون هدم ثوابت الدين أو تصويره بأنه دين قتل وإرهاب، وترك مساحة لعلماء الإسلام الحقيقيين للتعبير عن القضايا التى تخص الدين الإسلامي، ونطالب الدولة بالإسراع فى إصدار قوانين تجرم نشر الكراهية وازدراء الأديان والطعن فى الثوابت الدينية.
وهل نحن بحاجة إلى قانون مماثل يمنع وسائل الإعلام من استضافة غير المتخصصين من علماء الأزهر للإفتاء فى أمور الدين، ووضع ميثاق شرف إعلامى ينهى الفوضى ويمنع الدخلاء على ساحة الفكر الديني؟
أعتقد أن الأمر بحاجة إلى ميثاق شرف إعلامى أكثر منه إلى قانون، يفرض على الجميع تحمل مسئولياتهم الأخلاقية فى التفريق بين الإسلام الحق والتصورات المشوهة التى يخرج بها بعض قليلى العلم من آن لآخر للطعن فى ثوابت الدين، ويتمثل ذلك فى شكل مبادرة تدعو إلى وضع ميثاق شرف ومعايير إرشادية للإعلام عند تعاطيه وعرضه لما يخص الإسلام وثوابته, وتحتم عليهم الاسترشاد بالقيادات الدينية الإسلامية من الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء والمشهود لهم بالكفاءة العلمية.
هل تعتقد أن هناك مؤامرة على الأزهر الآن؟ أم أنها مؤامرة على مصر فى ظل التحديات التى تواجهها خاصة بعد أن عانينا لسنوات طويلة من الفكر المتطرف الذى وصل إلى أقصى اليمين والآن نحن أمام مواجهة مع الفكر المتطرف الذى يجنح نحو أقصى اليسار والمتمثل فى التطاول على ثوابت الدين؟
فى الفترة الأخيرة انتشرت الفتاوى الشاذة التى تخدم التنظيمات المتطرفة التى طفت على السطح مؤخرًا فى بلادنا، وبدورها تسعى تلك التنظيمات والكيانات لإحداث مزيد من الفوضى؛ لذا فنحن حرصنا فى دار الإفتاء المصرية وتنبهنا للظاهرة فى بدايتها وقدرنا أخطارها على المجتمع، فأنشأنا مرصد الفتاوى التكفيرية والشاذة بدار الإفتاء للوقوف ضد هذه الفتاوى بالمرصاد وتفويت الفرصة على مطلقيها لئلا يشوهوا العقول والأديان والبنيان، فكان هذا المرصد يعمل على مدار الساعة من خلال الباحثين والمتخصصين لرصد ومتابعة وتحليل هذه الظواهر وإعداد التقارير والدراسات وتجهيز الردود الشرعية التى تدحض هذه الشبهات والرد عليها ونشرها فى جميع وسائل الإعلام كافة، وهذا نابع من إيماننا بأن خطرًا كبيرًا تتعرض له البلاد يريد النيل من الدين ومن الوطن ومن البشر، ووعينا أن هناك تطرفًا محدقًا بالبلاد ليس من جهة اليمين فحسب بل من جهة اليسار أيضًا وكلاهما يشكل خطرًا على الأمة.
ما دور الأزهر ودار الإفتاء والمؤسسات الدينية والدعاة فى مواجهة تلك الهجمة؟
الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف تقع عليهم مسئولية كبيرة تجاه هذه الظواهر، نظرًا لمكانتهم العلمية والإفتائية والدعوية، ولما لهم من رصيد عند كافة المسلمين فى الشرق والغرب، وسيكون لهم دور إيجابى بإذن الله تعالى فى المرحلة المقبلة، خصوصًا فى التصدى لمثل هذه القضايا من خلال الرد عليها الرد العلمى الصحيح، وذلك بمنهجية علمية منضبطة تراعى الواقع والمصالح والمآلات والمقاصد الشرعية، بعيدًا عن الإثارة الإعلامية التى لا طائل من ورائها غير مزيد من الالتباس على الناس، وبالفعل نحن أخذنا الخطوة فدار الإفتاء تعكف الآن على صياغة ردود علمية موثقة ستظهر تباعًا خلال أيام قليلة لكل المسائل والقضايا والشبهات المثارة على الساحة الآن قيامًا بواجب توضيح صحيح الدين، ودفعًا للاتهامات التى يحرص السفهاء على إلصاقها بالإسلام، ووأدًا لأى محاولة لنشر الفتن أو الطعن على الثوابت. على الدعاة البعد عن القضايا الثانوية والابتعاد عن إثارة قضايا ومشكلات حول الأمور التى حسمت من قبل وأن يطلعوا بمهامهم الأساسية وهى الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة وإرشاد الناس إلى ما فيه صلاح أمرهم فى الدنيا والآخرة، ولقد مدح الله تعالى الداعية القائم بأمور الدعوة إلى الله بقوله سبحانه وتعالى: «وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِى مِنَ الْمُسْلِمِينَ»، فالأمور الخلافية تأخذ الداعية عن مهامه الأساسية فى الدعوة والتوجيه؛ ووجود الدعاة وتمسكهم بأدوارهم وأدائهم هو الخير، وهو ضمانٌ لمسيرة الخير فى المجتمع، وصمام أمانٍ للمجتمع بأسْره، قال تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
كيف ترى مستقبل الوسطية الإسلامية وما الذى ينبغى علينا فعله لمواجهة ظاهرتى التشدد والهجوم على الدين والطعن فيه؟
أرى أنه على الجميع أن يستمع إلى المنهج الوسطى والمعتدل الذى يتصف به الإسلام؛ لأن الغلو والتطرف والتشدد والتهجم على ثوابت الدين ليس من طباع المسلم الحقيقي، ولا من خواص أمة الإسلام بحال من الأحوال، ومنهج الدعوة إلى الله يقوم على الرفق واللين، ويرفض الغلظة والعنف فى التوجيه والتعبير والتوازن والاعتدال والتوسط والتيسير، ومن خطورة التطرف والتشدد أنه تسبب فى تدمير بنى شامخة فى حضارات كبرى، وهو بكل أشكاله غريب عن الإسلام الذى يقوم على الاعتدال والتسامح، ولا يمكن لإنسان أنار الله قلبه أن يكون مغاليًا متطرفًا ولا متشددا ولا متهجما على ثوابت الدين.
بما تنصح المصريين فى هذه المرحلة ونحن مقبلون على مرحلة البدء فى مشروعات قومية مهمة وكذلك على استحقاق مهم وهو الانتخابات البرلمانية؟
فى هذه المرحلة بالذات مستقبل الوطن يتعرض لاختبار صعب من قبل أيادٍ لا تريد لمصر وشعبها الخير والرقى والتقدم، لكن الإرادة الجمعية للشعب المصرى مصممة على تخطى هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الوطن، لذا أنا أطالب الشعب كله بأن يتكاتف من أجل بناء الوطن ومن أجل الوقوف أمام هذه الأخطار وتخطى المرحلة الحالية بالعمل الجاد على كل المستويات وإغلاق كل أبواب الفتنة والمشاركة الجادة فى بناء الوطن وعدم السماح لأى شخص ببث روح الفتنة بين صفوف أبنائه، وكل هذا سيتم فى أقرب وقت إن شاء الله تعالى.
ما تقييم فضيلتكم للخطاب الدينى فى مصر حاليًا؟
أنا أرى أنه من الضرورى الآن تبنى خطاب دينى شرعى يتماشى مع متطلّبات العصر ويناهض الفكر المتطرف والمتعصب ويقف بالمرصاد للخطاب المنفلت الذى يطعن فى الثوابت الدينية وفى المقابل أيضاً ينشر تعليمًا وفكرًا معاصرًا مستلهمًا ذلك من صحيح الدين فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ولنا فى خطاب الله تعالى لعباده الأسوة الحسنة:وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ، ودار الإفتاء تبنت منذ فترة طرح بعض الحلول لتجديد الخطاب الدينى والوصول به إلى ما نأمل فنحن نأمل فى خطاب دينى يشتمل على الوصايا العشر فى قول الله تعالى: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ، ليكون له آثاره الطيبة، وله ثماره الحسنة التى تجعل أبناء الأمة يصلحون ولا يفسدون، ويبنون ولا يهدمون، ويجمعون ولا يفرقون، ويتعاونون على البر والتقوى لا على الإثم والعدوان. كما أن على من يحملون هذا الخطاب أن تتوافر فيهم مجموعة من الضوابط والمعايير تعينهم على توصيل رسالتهم، يأتى فى مقدمتها الإخلاص لله وابتغاء الأجر منه سبحانه وتعالى، كما أنه لا مناص من توافر العلم اللازم لذلك مما هو معلوم من الدين بالضرورة، ملتزمين بالأسلوب الأمثل وهو الحكمة والموعظة الحسنة، والصبر والتحمل لما قد يلحقوا؛ لأن الطريق ليس بالهين، نواجه فيه بعضًا من المصاعب والمتاعب فالصبر الصبر، كل هذا فى إطار من الرحمة للناس تكون شعارًا لمن يقوم بهذا الأمر يتمثل به أثناء سيره فى هذه الدعوة إلى الله تعالى، جاعلاً من نفسه القدوة الحسنة فهى أبلغ صور التبليغ. من المهم أيضاً أن ندرك أن الخطاب الدينى يتعامل مع الحياة، والحياة تسير بسرعة وبصورة معقدة، لذا فإنه ينبغى على الخطاب الدينى أن يجدد نفسه، لأنه لو انقطع عن التجديد ومواكبة العصر لمضت الحياة مقطوعة عن النهج الرباني، ولهذا فإن أساليب الدعوة وإدراك العصر ينبغى أن تكون دائمًا جزءًا لا يتجزأ من تفاعل المسلم مع معطيات العصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.