منذ سنوات أصيبت عملية السلام بالشرق الأوسط بالجمود وبات من المستحيل المضى قدما فى تنفيذ خارطة الطريق أو اى حل آخر للصراع العربى-الإسرائيلى. ولفترة أيضا تراجع الدور الأمريكى فى هذا الشأن مفسحا المجال للجانب الأوروبى لمحاولة استعادة دوره فى المنطقة وفى عملية السلام، إلا أن الشريك الأوروبى لم يستطع تحريك العملية المتجمدة و استغلال فرصة تراجع الدور الأمريكى واكتفى الإتحاد الأوروبى باستمرار مساعداته المادية وبرامجه المساهمة فى محاولة إنقاذ الاقتصاد الفلسطينى وتقديم المساعدات قدر الإمكان. ومع تفجر الوضع فى غزة مؤخرا لجأالإتحاد الأوروبى مرة أخرى إلى البيانات التى تدين الوضع هناك وسقوط القتلى، فأصدر بيانا مشتركا لرئيس الإتحاد الأوروبى هيرمان فان رومبى ورئيس المفوضية خوزيه مانويل باروسو مطالبا فيه بالوقف الفورى لحمام الدم هناك الناجم عن العدوان الإسرائيلى المتواصل على قطاع غزة. كما أوضح البيان أنه :«هناك أهداف لا تستطيع العمليات العسكرية تحقيقها» و «لا شىء سوى حل تفاوضى يقوم على أساس دولتين تحترم كل منهما الأخرى يمكن أن يحقق السلام.» ومرة أخرى يعود الدور الاوروبى للتراجع مفسحا الطريق للولايات المتحدةالأمريكية التى زار وزير خارجيتها جون كيرى غزة فى محاولة للتوصل لحل لوقف نزيف الدم.ولم يزر أى مسئول أوروبى المنطقة سوى وزيرة خارجية إيطاليا فيديريكا موجيرينى والتى زارت مصر وأعربت عن دعمها الكامل للمبادرة المصرية لوقف إطلاق النار وقالت فى كلمتها أمام البرلمان الإيطالى : « إن موقف إيطاليا منسجم مع موقف الإتحاد الاوروبى والجامعة العربية بضرورة احترام القانون الدولى الإنسانى وحماية المدنيين.» وأكدت وزيرة خارجية إيطاليا تكثيف الجهود بالتنسيق مع كافة الشركاء لوقف إطلاق النار وتقديم الدعم الإنسانى لفلسطين والمساهمة فى إعادة اعمار غزة. وعلى المستوى الشعبى شهدت عدد من العواصم الأوروبية العديد من الوقفات والاحتجاجات تنديدا بالعدوان الإسرائيلى على غزة وسقوط القتلى والمصابين خاصة من الأطفال، ففى بروكسل نظمت الفعاليات الطلابية والحزبية ومنظمات المجتمع المدنى فى العاصمة البلجيكية بروكسل وقفة تضامنية مع غزة أمام مقر الإتحاد الأوروبى، رافعين لافتات تندد بالعدوان الإسرائيلى مطالبين دول الإتحاد الأوروبى بسرعة التدخل لوقف المجازر ضد الأبرياء. وبعد إعلان الهدنة الأخيرة لمدة 72 ساعة أصدر المتحدث باسم كاثرين أشتون الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية بيانا جاء فيه « نرحب ترحيبا حارا بالإعلان عن وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة فى غزة ، وندعو جميع الأطراف لاحترام شروط وقف إطلاق النار. لابد من نهاية فورية لخسائر الأرواح المدنية ولابد من ( وقف إطلاق الصواريخ من قطاع غزة) .» وأثنى البيان على كافة الجهود المبذولة خاصة المصرية للتوسط لإنهاء الأزمة. واكتفى البيان بتكراره استعداد الإتحاد الأوروبى للمساهمة فى حل شامل ودائم يضمن الأمنية المشروعة والاحتياجات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية لكل من الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى. وجاءت تلك الخاتمة مبهمة دون محاولة من الإتحاد تقديم أى مقترحات طوال فترة العدوان على غزة أو زيارة اى من مسئوليه لغزة أو الاراضى المحتلة واعتبر بيان الإتحاد أن كلا الشعبين الفلسطينى والإسرائيلى فى خطر وفى حاجة لضمانات أمنية. وقدم مدير إدارة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالعلاقات الخارجية بالمفوضية الأوروبية كريستيان بيرجر عددا من الاقتراحات لمصر كان منها إعادة فتح المعابر الستة بقطاع غزة لضمان حرية الحركة ونقل البضائع مع وجود إشراف أوروبى بمعبر رفح !!!!! وبناء ميناء بحرى فى غزة ومطار يستخدم لأغراض مدنية وتجارية، وهى المقترحات التى اعتبرتها الصحف الفلسطينية شبيهة بشكل كبير لتلك التى قدمها وزير الاقتصاد الفلسطينى الدكتور محمد مصطفى . وشملت المقترحات الأوروبية دعما يقدمه الإتحاد الاوروبى فى المجالات الأمنية والفنية والمالية بهدف إيجاد ممرا آمن بين الضفة الغربية وقطاع غزة . وتبقى الاقتراحات الأوروبية بعيدة المنال إلى حد ما خاصة مع استمرار العدوان على غزة واحتمال عدم قبول إسرائيل لوجود مطار وميناء بقطاع غزة دون رقابة دولية.