خلية نحل تعمل على مدار الساعة».. هكذا يمكن وصف موقع المشروع الجديد لتنمية قناة السويس، الذى اطلقه الرئيس عبد الفتاح السيسى ليتحول الى طاقة من النور بعد أن بات المستقبل ظلاميا مجهولا، ولكى يكون نموذجا لثقافة الأمل والعمل والتفاعل بقدر مايستنفر الوطنية المصرية وقيمة الانتماء فى لحظات تليق بالمصريين. وبعد أقل من مرور أسبوع واحد على إطلاق إشارة البدء فى شق المرحلة الأولى من قناة السويس الجديدة قام «الأهرام» بزيارة الى موقع الحفر للوقوف على ما يتم إنجازه فعليا ولنقل صورة حية من تلك الملحمة الوطنية التى سيقف التاريخ طويلا أمامها وسوف تتناقلها الأجيال تلو الأخرى لتضاف الى سجل الشرف المصرى بجوار الأهرامات والسد العالى وقناة السويس القديمة. موقع العمل فى القناة الجديدة استقبل أيضا أمس أول الأفواج الشعبية من طلبة المدارس والحركات الشبابية وسجلوا بأعينهم وكاميراتهم الصغيرة صورا لأرض المعركة والمستقبل، حيث نظمت محافظة الإسماعيلية بالتعاون مع الإدارة الهندسية المشرفة على المشروع وهيئة قناة السويس قافلة من الاتوبيسات على متنها نحو 150 شابا وفتاة من مختلف الأعمار والمستويات لزيارة المشروع. وقال اللواء أركان حرب كامل الوزير رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة والمشرف على أعمال المشروع بالكامل إن القوات المسلحة المصرية ستفى بوعدها الذى قطعته على نفسها أمام الشعب المصرى والرئيس عبدالفتاح السيسي، وأن يوم الخامس من أغسطس عام 2015 سوف يشهد مرور أول سفينة فى الممر الملاحى الجديد. وأكد اللواء الوزير أن عدد الشركات التى تعمل فى مشروع الحفر وصل أمس الى 40 شركة مقاولات، وإن الباب لايزال مفتوحا أمام جميع شركات المقاولات الوطنية والأفراد الذين يرغبون فى العمل فى المشروع، وقال إنه يتوقع أن يصل عدد الشركات الى 64 شركة جميعها شركات مصرية 100%. , وقال إن العمل فى القناة مستمر على مدار الساعة بنظام الورديات، حيث تعمل الوردية الواحدة 7 ساعات تتبعها ساعتان لصيانة المعدات وتموينها بالوقود، وإن العمل فى فترات الليل يعتمد على المولدات الكهربائية التى تحضرها الشركات وكشافات السيارات واللوادر. وأكد رئيس أركان الهيئة الهندسية للأهرام أن باب العمل فى المشروع مفتوح أمام جميع المصريين، سواء بالتطوع أو بالأجر وسواء كان العمل فى مجال الحفر أو فى الأنشطة اللوجيستية الأخرى مثل إنشاء الكافيتريات أو الاستراحات أو المطاعم لخدمة العمال، بالاضافة الى مقار الخدمات التى أنشأتها القوات المسلحة فى جميع مواقع العمل الممتدة على طول القناة الجديدة وتتوافر بها جميع المستلزمات من أطعمة ومياه شرب وترفيهات مطلوبة للعمال، وكذلك عمل خزانات ضخمة للوقود فى باطن الأرض لتوفير الوقت الذى تقوم فيه المعدات بتموين الوقود بواقع 50 ألف لتر فى كل خزان. وقال إن حجم العمالة فى الموقع حاليا يقدر ب 7500 فرد من المنتظر أن يرتفع نهاية الأسبوع الجارى الى 15 ألفا، مشيرا الى أنه من المقرر أن تبدأ الهيئة الهندسية اليوم فى إنشاء مبنى إدارى يضم قاعة تاريخية لتوثيق مراحل المشروع المختلفة. ووجه اللواء أركان حرب كامل الوزير رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة رسالة للأطفال الذين حضروا الى مقر المشروع قال لهم فيها إنهم سيفتخرون كثيرا عندما يكبرون وسوف يحكون لأبنائهم ولأحفادهم حجم التضحيات التى يبذلها الشعب المصرى وقواته المسلحة من أجل مستقبل أفضل لهم، ووعدهم بأنهم سوف يشاهدون السفن تعبر خلال هذه الصحراء بعد عام من الآن وسط فرحة كبيرة من الأطفال وأولياء أمورهم. من جانبه قال عقيد أركان حرب محمد حافظ للأهرام إن الجيش الميدانى الثانى قام بوضع خطة مستقلة لتأمين المشروع بأحدث أنواع الأسلحة، وأنه لا يستطيع أى مخلوق مهما كانت قوته أن يقترب من الموقع، وإن من يجرؤ على ذلك سيتم التعامل معه بمنتهى القوة والحزم والسرعة. كما قام بعمل عرض تفصيلى للمشروع للطلاب والمشاركين فى الزيارة وقال خلال العرض إنالمشروع الجديدة بعد اكتماله يعادل مشروع السد العالى فى أهميته. وقال أنه تنطلق فلسفة هذا المشروع العملاق من حقيقة كشفت عنها دراسات متعددة وأكدت ضرورة تحويل قناة السويس من مجرد معبر بحرى تجارى الى مركز للتنمية المتعددة الجوانب عبر انشطة صناعية وتجارية ولوجستية تتكامل مع خدمات للامداد والتموين وتجسد فكرة «القيمة المضافة». وأكد أن المشروع يعلى من فكرة المشاركة الشعبية فى تمويل هذا المشروع العملاق وتعظيم القدرة الجماعية فى صناعة الأمل وصنع الغد الأفضل وتوظيف الطاقات الابداعية من أجل التقدم والانتقال للحداثة المصرية المأمولة بدلا من الاستسلام لمشاعر اليأس والاحباط. وقال خلال العرض إنه اذا كان طول قناة السويس الأصلية 190 كيلومترا فإن طول القناة الجديدة والموازية كما يتضمنها المشروع الجديد يبلغ 72 كيلو مترا ويطمح المشروع لتنمية 76 الف كيلومتر على جانبى القناة واستصلاح نحو اربعة ملايين فدان وتوفير مايزيد على مليون فرصة عمل جديدة. حفل فنى اقامت فرقة الفنون الشعبية بمحافظة الاسماعيلية حفلا فنيا عزفوا فيه الموسيقى والأغانى الوطنية على أنغام آلة السمسمية وسط فرحة غامرة من الحضور، وأنشدت الفرقة أغانى حماسية مثل «حكاية سد» وصورة «ومصر تتحدث عن نفسها» وغيرها من الأغانى والأناشيد. كما نظم التلاميذ مباراة كرة قدم شارك فيها رئيس النادى الاسماعيلى الذى أكد ضرورة تنظيم مثل هذه الوفود لطلاب المدارس لغرس قيم الانتماء والوطنية لديهم. مستعدون للعمل مجانا التقى الأهرام عددا من العمال والسائقين العاملين فى المشروع، حيث أكدوا أنه تغمرهم مشاعر الفخر والاعتزاز بالمشاركة فى هذا الحدث التاريخي، وقال السيد مصطفى سائق لورى من محافظة الشرقية أنه فور علمه بفتح باب التقدم للعمل بالمشروع توجه إلى إحدى الشركات التى تعمل فى مجال المقاولات وتمكن من الالتحاق بالعمل فى المشروع، وقال إنه كان يعمل سائقا فى محافظته بنفس الأجر الذى يتقاضاه من خلال عمله الحالى بالقناه الا ان العمل فى المشروع الجديد يشعره بالفخر والعزة وبأنه يصنع شيئا مفيدا لبلده ومستقبله. وطالب عبده السويفى سائق من مدينة العريش بضرورة زيادة أجر السائقين وأصحاب السيارات حتى تكون «مجزية» مشيرا الى أن بعض المقاولين يقوم بالاتفاق مع السائقين غير التابعين لهم بأسعار أدنى من الأسعار المتفق عليها مع الهيئة الهندسية. من جانبه قال السيد محمود حجازى أحد المقاولين فى المشروع إن جميع المقاولين مستعدون لتقديم كل ما لديهم من إمكانيات وخدمات لإتمام المشروع فى الوقت المحدد، وأن معظم المقاولين يدفعون أجور العمال والسائقين بانتظام ويقدمون لهم جميع الامكانات التى توفر لهم البقاء فى موقع العمل لفترات طويلة فى الحر القائظ وتحت أشد الظروف صعوبة.