فى الوقت الذى تتجه فيه السيمنا الفلسطينية لدخول عامها الثمانين العام المقبل مازال السينمائيون الفلسطينيون يقومون بدورهم فى تسجيل الألم الفلسطينى الذى مر بمحنة قاسية مع العدوان الاسرائيلى الأخير على قطاع غزة. وتبدو فلسطين عبر التاريخ كجسد طويل ممتد يلاحقه الزمن بالطعنات, ويأبي الجسد إلا ان يكمل رحلته بالصمود, أو كما يقول شاعر فلسطين الواعد تميم البرغوثي في قصيدته الأخيرة «بيان عسكري» أيها الموت..خف انت, نحن هنا لم نعد خائفين ربما لايعرف الكثيرون ان السينما الفلسطينية يبلغ عمرها العام المقبل ثمانين عاما فأول فيلم أخرجه فلسطيني كان عام1935 حيث يعتبر إبراهيم حسن سرحان هو رائد السينما الفلسطينية. وكان المخرج والمؤرخ الفلسطيني قاسم حول قد أجري مع سرحان حوارا عام1976 تحدث فيه عن أفلامه الأولي وتأسيسه استوديو فلسطين, ويذكر حسان أبو غنيمة في كتابة «فلسطين والعين السينمائية» رائدا فلسطينيا آخر هو أحمد حلمي الكيلاني الذي درس في القاهرة الإخراج والتصوير قبل ان يعود لبلاده ليؤسس الشركة العربية لإنتاج الأفلام السينمائية عام1945 لكن يظل أول فيلم روائي فلسطيني هو «حلم ليلة» اخراج صلاح الدين بدرخان عام1946. ومن رواد السينما الفلسطينية ايضا محمد صالح الكيالي الذي درس السينما بإيطاليا ثم عاد لفلسطين ليقوم بإخراج فيلم عن القضية الفلسطينية عام1947 بعنوان «أرض السلام» من إنتاج جامعة الدول العربية, ويقول تيسير خلف في كتابه المهم والاستثنائي «دليل الفيلم الفلسطيني» أن النكبة وضعت حدا لكل المحاولات التي هدفت الي إنشاء صناعة سينمائية فلسطينية, وفرضت واقعا جديدا أفرز نمطا من السينما الصهيونية التي ظهرت بأمريكا وأوروبا منذ بدايات القرن والتي تظهر فلسطين كأرض بلا شعب. ثم عادت السينما الفلسطينية للظهور مرة أخري مع بدايات الكفاح المسلح عام1967 عبر وحدة أفلام فتح التي أشرف عليها المخرج مصطفي أبوعلي.. فكانت السينما آنذاك إلي جانب البندقية, لذا لم يكن غريبا أن يكون من بين شهداء معركة عنيطورة عام1976 المصور السينمائي هاني جوهرية, ولاحقا استشهد المصوران عمر مختار ومطيع إبراهيم أثناء تصويرهما الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان عام1978. وفي عام1973 تأسست جماعة السينما الفلسطينية وأنتجت فيلما وحيدا هو «مشاهد من الاحتلال» في غزة.. ثم قام قاسم حول بإخراج أول فيلم روائي تنتجه الثورة الفلسطينية هو «عائد إلي حيفا».. ومع بدء اندثار موجة الأفلام الثورية ذات الطابع المباشر, بدأت تولد من جديد موجة جديدة حفر خطاها الأولي المخرج الفلسطيني ميشيل خليفي بعد دراسته الاخراج السينمائي ببلجيكا.. ونقل الكاميرا من معسكرات الفدائيين إلي داخل البيوت الفلسطينية تحت الاحتلال.. ثم بدأت تتوالي اجيال السينمائيين الفلسطينيين حتي العصر الحالي وأميزهم مي المصري, ليالي بدر, عزة الحسن, نزار حسن, عمر القطان, علي نصار وصبحي الزبيدي.. لكن يظل الثالوث رشيد مشهراوي وإليا سليمان وهاني أبوأسعد.. هم الذين جعلوا للسينما الفلسطينية مكانة مميزة في سينما العالم بوجودهم في كل مهرجانات العالم الكبري, ووصل الأمر بأبوأسعد ليرشح للأوسكار.. ويصبح من مخرجي هوليوود بعد فيلمه «الجنة الآن». لم يترك السينمائيون الفلسطينيون شاردة أو واردة في حياة شعبهم إلا وقدموها في أفلامهم.. من مخيمات اللاجئين.. للعلاقات بين الرجل والمرأة.. للبحث عن الهوية الفلسطينية.. لوحشية المحتل الإسرائيلي ومذابحه.. لحماية التراث والتاريخ الفلسطيني.. أكثر من ثلاثمائة فيلم روائي وتسجيلي قدمها أكثر من65 مخرجا طوال تاريخ السينما الفلسطينية كسلاح مقاومة غير مستهان به في مواجهة الاحتلال, الاحتلال الصهيوني .