اليوم.. جامعة الأزهر تستقبل طلابها بالعام الدراسي الجديد    أول تعليق لنتنياهو على مزاعم إسرائيلية بمحاولة اغتيال حسن نصر الله    نحو 30 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت خلال ساعتين    آخر تطورات لبنان.. الاحتلال يشن 21 غارة على بيروت وحزب الله يقصف شمال إسرائيل    «أنا وكيله».. تعليق طريف دونجا على عرض تركي آل الشيخ ل شيكابالا (فيديو)    التحويلات المرورية الجديدة بعد غلق الطريق الدائري من المنيب تجاه وصلة المريوطية    طعنة نافذة تُنهي حياة شاب وإصابة شقيقه بسبب خلافات الجيرة بالغربية    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    بحضور مستشار رئيس الجمهورية.. ختام معسكر عين شمس تبدع باختلاف    وزير الخارجية: تهجير الفلسطينيين خط أحمر ولن نسمح بحدوثه    درجات الحرارة في مدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى بالقاهرة 33    «مرفق الكهرباء» ينشر نصائحًا لترشيد استهلاك الثلاجة والمكواة.. تعرف عليها    مع تغيرات الفصول.. إجراءات تجنب الصغار «نزلات البرد»    ضياء الدين داوود: لا يوجد مصلحة لأحد بخروج قانون الإجراءات الجنائية منقوص    المتحف المصري الكبير نموذج لترشيد الاستهلاك وتحقيق الاستدامة    الحكومة تستثمر في «رأس بناس» وأخواتها.. وطرح 4 ل 5 مناطق بساحل البحر الأحمر    إيران تزامنا مع أنباء اغتيال حسن نصر الله: الاغتيالات لن تحل مشكلة إسرائيل    حكايات| «سرج».. قصة حب مروة والخيل    تعرف على آخر موعد للتقديم في وظائف الهيئة العامة للكتاب    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    عاجل - "الصحة" تشدد على مكافحة العدوى في المدارس لضمان بيئة تعليمية آمنة    وزير الخارجية: الاحتلال يستخدم التجويع والحصار كسلاح ضد الفلسطينيين لتدمير غزة وطرد أهلها    المثلوثي: ركلة الجزاء كانت اللحظة الأصعب.. ونعد جمهور الزمالك بمزيد من الألقاب    جامعة طنطا تواصل انطلاقتها في أنشطة«مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان»    صحة الإسكندرية تشارك في ماراثون الاحتفال باليوم العالمي للصم والبكم    حياة كريمة توزع 3 ألاف كرتونة مواد غذائية للأولى بالرعاية بكفر الشيخ    عمر جابر: تفاجأنا باحتساب ركلة الجزاء.. والسوبر شهد تفاصيل صغيرة عديدة    مصراوي يكشف تفاصيل إصابة محمد هاني    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    الوكيل: بدء تركيب وعاء الاحتواء الداخلي للمفاعل الثاني بمحطة الضبعة (صور)    الوراق على صفيح ساخن..ودعوات للتظاهر لفك حصارها الأمني    نائب محافظ قنا يتابع تنفيذ أنشطة مبادرة «بداية جديدة» لبناء الإنسان بقرية بخانس.. صور    تجديد حبس عاطل سرق عقارًا تحت الإنشاء ب15 مايو    التصريح بدفن جثمان طفل سقط من أعلى سيارة نقل بحلوان    بدءاً من اليوم.. غلق كلي للطريق الدائري من المنيب اتجاه المريوطية لمدة شهر    سعر الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 28 سبتمبر 2024    أمريكا تستنفر قواتها في الشرق الأوسط وتؤمن سفارتها بدول المنطقة    فلسطين.. إصابات جراء استهداف الاحتلال خيام النازحين في مواصي برفح الفلسطينية    أحمد العوضي يكشف حقيقة تعرضه لأزمة صحية    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    «عودة أسياد أفريقيا ولسه».. أشرف زكي يحتفل بفوز الزمالك بالسوبر الإفريقي    "الصحة اللبنانية": ارتفاع عدد ضحايا الهجوم الإسرائيلي على ضاحية بيروت إلى 6 قتلى و91 مصابا    استعد لتغيير ساعتك.. رسميا موعد تطبيق التوقيت الشتوي 2024 في مصر وانتهاء الصيفي    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    جوميز ثاني مدرب برتغالي يتوج بكأس السوبر الأفريقي عبر التاريخ    جوميز: استحقينا التتويج بكأس السوبر الإفريقي.. وكنا الطرف الأفضل أمام الأهلي    5 نعوش في جنازة واحدة.. تشييع جثامين ضحايا حادث صحراوي سوهاج - فيديو وصور    "المشاط" تختتم زيارتها لنيويورك بلقاء وزير التنمية الدولية الكندي ورئيس مرفق السيولة والاستدامة    الشروع في قتل شاب بمنشأة القناطر    «زى النهارده».. وفاة الزعيم عبدالناصر 28 سبتمبر 1970    حظك اليوم.. توقعات الأبراج الفلكية اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تحرك جديد.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم السبت 28 سبتمبر 2024    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    الأزهر للفتوى: معتقد الأب والأم بضرورة تربية الأبناء مثلما تربوا خلل جسيم في التربية    كل ما تحتاج معرفته عن حكم الجمع والقصر في الصلاة للمسافر (فيديو)    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جيهان السادات في مشوار الذكريات‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 26 - 03 - 2010

سيدة تستشرف المستقبل‏..‏ دانت لها الشهرة والمجد والأصداء العالمية‏..‏ ارتبط اسمها بزعيم أقام الدنيا ولم يقعدها إلي الآن‏..‏ صاحبة وجه وواجهة جميلة تجسد قوي مصر الناعمة في أبهي صورها‏. حين تجلس إلي هذه السيدة الفاضلة التي يصعب الإفلات من أسر شخصيتها الساحرة ومودتها وبساطتها تستشعر أنك اقتحمت عالمها بكل سهولة‏ ولكنها بساطة البحر في وداعته حين تسكن أمواجه تمتلك مقدرة خاصة علي تحلية حديثها فبداخلها شاعرة والشعراء امراء الكلام هي في ميت ابوالكوم أم جمال وفي منزل اسرتها كانت تناديها والدتها الانجليزية جين وفي أمريكا مسز سادات الأستاذة الجامعية في جامعة مريلاند وسيدة البروتوكول حين تدعي للبيت الأبيض‏..‏ جمعها بالسادات مأدبة الحب بكل ما تحفل به من توافق روحي بينهما تجلي في المثل الشعبي القائل ما جمع إلا ما وفق فالميل للمغامرات ونزعة التحدي واقتحام أفاق جديدة هي الميراث المشترك الذي تقاسمته مع السادات لم تكن أوراق الحزن الندية قد جفت تماما حين نهضت من عثرتها وواجهت الحياة بزادها من الذكريات والأبناء والأحفاد وارادتها الصلبة بالرغم من سهام النقد التي اصابتها بوابل من الشائعات‏..‏ لكنها لم تتوقف يقينا منها بأن كل عصر يضم بداخله أهل الكهف الذين يبعثون من الماضي في مجتمع جديد يريدون العيش فيه بأفكارهم القديمة‏..‏ لذلك لم تجنح لألسنتهم ولكنها جنحت للسلم والسلام شأن زوجها‏..‏ والسلام لا يتحمل تبعاته إلا الأقوياء‏..‏ ونقرأ الحوار مع السيدة جيهان السادات

والدتك انجليزية لذلك تفتح وعيك علي ثقافة مزدوجة‏..‏ فما الذي تستحضرينه من ذكريات‏..‏ فمرحلة الطفولة تحمل شفرة المستقبل في معظم الأحيان؟
جدي كان طبيبا وأرسل والدي إلي إنجلترا لدراسة الطب أيضا في جامعة شفيلد‏..‏ وفي عام‏1923‏ تعرف بوالدتي‏(‏ جلاديس‏)‏ حيث كانت تعمل مدرسة للموسيقي وارتبطا معا بقصة حب عميقة‏.‏ وأرسل لجدي يطلب موافقته علي الزواج‏..‏ فرفض في البداية بشدة ولكن جدتي استطاعت إقناعه بأن الرفض ربما تسبب في بقائه بانجلترا وستجتذبه هي للمكوث في بلدها والأفضل أن يأتي ابنهما صفوت بعروسه إلي مصر لتعيش بينهم ووافق جدي علي وجهة نظرها وأرسل إليه تكاليف الزواج وشبكة العروس ومصاريف شهر العسل‏..‏ والدتي كانت جميلة جدا وحين كانت تأتي لزيارتي في المدرسة وتشاهدها زميلاتي كن يسألن‏:‏ لماذا أنا لست جميلة مثلها؟‏..‏ كانت سيدة قوية الشخصية‏..‏ هادئة ومتعصبة في نفس الوقت شأن بقية الإنجليز لبلدها‏..‏ فقد ضحت وتركت أسرتها وأصدقاءها وارتبطت بوالدي وأحبته حبا جما‏..‏ لكنها كانت تحتفظ بعاداتها في الطعام‏..‏ فلم تتذوق أبدا طعامنا كالملوخية والبامية والحمام والكباب وجميع الأصناف الشرقية‏..‏ فكانت تفطر علي سبيل المثال سمك في بعض الأحيان وبعض الأكلات الثقيلة‏..‏ وتفضل الخضار المسلوق علي الغذاء فالمطبخ الإنجليزي ليس شهيا مثل مطبخنا‏..‏ لذلك كان لدينا طباخ يقوم بإعداد الأكلات المصرية لنا‏..‏
وكثيرا ما كانت تتحدث بفخر وإعتزاز عن الظروف الصعبة التي خاضتها أثناء الحرب العالمية الأولي وهي طفلة صغيرة حيث كانت تصرف لهم بيضة واحدة في الأسبوع ولم يكن هناك سكر لذلك كان انتصار الحلفاء موضع افتخارها وتشرشل هو مثلها الأعلي‏..‏ لم تكن مسلمة بالطبع‏..‏ لكنها أحبت الإسلام وقرأت القرآن مترجما وكانت تصوم معنا في شهر رمضان كمشاركة وجدانية وتشجيعا لنا‏..‏ وإذا تعثرنا ونحن أطفال تتركنا لنقوم وحدنا دون مساعدة لنعتمد علي أنفسنا أنا وأخواتي‏..‏ كانت سيدة بيتوتية تعتني بزوجها وأولادها وترعاهم رعاية كاملة تشجعني علي القراءة‏..‏ فمنذ العاشرة من عمري كنت أدخر مصروفي وأذهب إلي المكتبة في منزلنا بحي الروضة الذي ولدت به‏..‏ لاختار واشتري الكتب التي تروق لي في هذه السن الصغيرة‏..‏ وكان صاحب المكتبة يبتسم ويقول ما كل هذه الكتب؟‏..‏ النقود التي معك لا تكفي إلا لكتابين بعد قراءتها‏..‏ أعيديهم مرة ثانية وسأمنحك كتبا غيرهم‏..‏ وهكذا ساهمت القراءة في توسيع مداركي في تلك السن الصغيرة وصقل شخصيتي‏..‏ كنت استشعر أنني مؤهلة لأكون زعيمة لأطفال العائلة بالرغم من أنني أصغرهم سنا وأتحدث مع عمتي زوزو وكانت بمثابة أمي المصرية في هذا الشأن‏..‏ ومن المؤكد أنني استشعرت الثقة والاعتماد علي النفس في تلك السن المبكرة‏.‏
جيهان السادات فى ريعان الشباب
ما الذي دفعك لدراسة اللغة العربية في كلية الآداب‏..‏ فقسم اللغة الإنجليزية كان أقرب إلي تكوينك ونشأتك؟
هذا هو التحدي فحين استكملت دراستي بعد الزواج وأخبرت أنور السادات بأنني أرغب في الإلتحاق بقسم اللغة العربية فأنا عاشقة لقراءة الأدب‏..‏ حاول إقناعي بأفضلية وسهولة الإلتحاق بقسم التاريخ أو الجغرافيا أو اللغة الإنجليزية وكان مشفقا علي‏..‏ لأنه يعلم صعوبته‏..‏ لكنني كنت محبة للغة العربية‏..‏ أقرأ المنفلوطي وغيره وأتذوق الأسلوب الجميل‏..‏ وفي البداية كنت أخشي من النحو فاستعنت بالدكتور‏(‏ السيوري‏)‏ من كلية الآداب لإعطائي دروسا في النحو والصرف وأصبحت أهلا لهذا التخصص وأحببت النحو وتغلبت علي مصاعبه وحصلت علي الليسانس ثم الماجستير والدكتوراه فيما بعد وكان موضوع الماجستير عن أثر الشاعر الإنجليزي شيلي في الشعر المصري وعلي الشعراء المصريين‏..‏ فشيلي كتب عن مصر والأهرامات وكان من ضمن كوكبة من الشعراء أثرت علي العالم منذ أكثر من مائة عام مثل كولريدج وكيتس وفيرن ولكن شيلي يمتاز شعره بالرقة والعذوبة جذبتني أشعاره‏..‏ وقمت بعمل دراسة في الأدب المقارن وربما كنت أول طالبة من قسم اللغة العربية تقوم بعمل دراسة مقارنة بالإنجليزية ففي قسم اللغة الإنجليزية كان هناك دراسات مقارنة عديدة‏.‏

قيل أنك حصلت علي تسهيلات يسرت لك الحصول علي الليسانس والماجستير لأنك كنت زوجة الرئيس؟
لقد تفوقت علي زملائي لأنني كنت أكبرهم سنا وأكثرهم نضجا وتحصيلا‏..‏ ولم يتدخل أحد في رسالة الماجستير التي كانت تشرف عليها آنذاك الدكتورة سهير القلماوي ود‏.‏ مجدي وهبة‏..‏ والعكس هو الصحيح لقد عذبتني د‏.‏ سهير فكنت أقوم مثلا بإعداد ما يقرب من ثلاثمائة صفحة فتقوم باستبعاد‏(250)‏ صفحة منهم لكنها أفادتني كثيرا‏..‏ لأنها جعلتني اتعمق في كل المواد‏..‏ فالأدب المقارن شغلانة كبيرة يتطلب التصدي لها الإلمام بالتاريخ القديم والحضارة وعلوم أخري عديدة وكنت صادقة مع نفسي أريد الحصول علي درجة علمية نتيجة لتحصيل معارفها وليس للتباهي‏.‏
الرئيس السادات فى جلسة عائلية
يقال أن الرئيس السادات لم يكن يقرأ التقارير والمراسلات وليس لديه صبر علي القراءة‏..‏ ما تعليقك؟
غير صحيح علي الإطلاق‏..‏ السادات كان يقرأ بغزارة منذ شبابه‏..‏ وكانت الكتب من أهم محاور أحاديثنا المتبادلة فكان يسألني عما قرأته وأقصه عليه ويفعل معي بالمثل وينصحني بقراءة بعض الكتب‏..‏ خاصة حين انتقلنا إلي رفح بعد زواجنا وبعد الثورة حيث كان السادات يعود في الثانية صباحا ومكثت عدة سنوات بدون أطفال فكانت القراءة هي كل حياتي‏..‏ وفي معظم البلدان التي كنا نزورها نحرص علي اقتناء الكتب لنا وأولادنا‏.‏

هذه هي دراستك ومؤهلاتك فما الذي تقومين بتدريسه للطلاب في الجامعات الأمريكية منذ ما يقرب من خمسة وعشرين عاما فقد قيل أيضا أن الطريق أمامك كان ممهدا بفضل اسم السادات وهو يعني الكثير بالنسبة لهم؟
أجابت بصورة قاطعة‏,‏ مستحيل في المجال الأكاديمي في أمريكا أن يكون هناك اعتبار للمجاملات‏..‏ فالمجتمع رأسمالي بحت لكل إنسان قيمته العلمية والأكاديمية ومكانته الصحيحة التي يستحقها والتي يتحدد علي أساسها أيضا راتبه ودخله‏..‏ فهل يعقل أن يجاملوا اسم السادات لمدة ثلاثين عاما‏..‏ فحين قررت السفر إلي أمريكا كان من المفترض أن أذهب لتدريس اللغة العربية في الجامعة الأمريكية بواشنطن لمدة عام واحد فقط ولكني فوجئت بهم يطلبون مني شيئا مختلفا وتم تكليفي بالترتيب لعمل ندوات موسعة لكل زوجات الرؤساء الأمريكيين السابقين وبعض الشخصيات العامة‏..‏ لأنهم كانوا يعرفون صلتي بهم التي تصل إلي حد الصداقة مع بعضهن‏..‏ ورغبة من الجامعة في نقل تلك التجارب الإنسانية والسياسية الثرية للطلاب والأساتذة‏..‏ وبالفعل نجحت في دعوة روزالين كارتر وبيتي فورد وبربارا بوش ونانسي ريجان وحرم مارتن لوثر كينج وغيرهن كثيرات‏..‏ ونجحت التجربة جدا حتي إن الجامعة لم تجد قاعة تتسع للأعداد الغفيرة من الحضور وأخذنا قاعة في الكنيسة المجاورة للجامعة واستعنا بالشاشات ونقلت وسائل الإعلام هذه المحاضرات التي كنت أقدم فيها المتحدث أو المتحدثة وأعطي نبذة عنه ثم نفتح الحوار للمناقشة‏..‏ وفوجئت بالعروض تنهال علي من الجامعات الأمريكية في شتي الولايات‏..‏ وتطورت الأمور مؤخرا حتي عرض علي أن أكون رئيسة لإحدي الجامعات الأمريكية ولكني رفضت لأنني مرتبطة جدا بعائلتي وأولادي وأحفادي‏..‏
وهذا المنصب يعني بقائي في أمريكا معظم شهور السنة‏..‏ فيما يتعلق بسؤالك فأنا في الوقت الحالي أقوم بتدريس محاضرات عن المرأة العربية وأنا حريصة علي أن تكون الصورة التي أنقلها عنها مشرفة لكنها في نفس الوقت صادقة وأمينة أيضا من خلال الأرقام والإحصاءات التي تظهر نسب التعليم والفقر بدون إدعاء أو تفاخر كاذب وتأكيدا لشغفي باقتحام كل جديد قمت بإعطاء محاضرات عن تاريخ الملكات في مصر الفرعونية‏:‏ كليوباترا وحتشبسوت ونفرتاري واستعين بجهاز عرض الصور‏(‏ بروجيكتور‏)‏ لكي يشاهدوا صور المعابد والآثار والملكات‏..‏ ورجعت للدكتورة تحفة حندوسة أستاذة الآثار والسيدة ليلي إبراهيم والدة الدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية وهي متخصصة في الفن الإسلامي بصفة خاصة لأستقي منهن المعلومات المتخصصة في هذا المجال‏..‏ فأنا حرصة علي تنويع المحاضرة وجعلها شيقة فالطالب الأمريكي لا يرحم لأنه قارئ جيد جدا والمعلومات تسبح حوله في كل مكان‏..‏ إضافة إلي أن أفكاره كبيرة ومتجددة ولابد أن أكون علي نفس المستوي والقيمة للرد علي كل استفساراته‏..‏ بالرغم من أنهم غير راضيين عن المستوي التعليمي لديهم ويشعرون أنه تدني مقارنة بطموحاتهم العلمية‏!!‏ وأنا مستقرة الآن في جامعة ميرلاند لكنني أعطي محاضرات في مختلف الجامعات‏..‏ تعرف بالمحاضرات الجوالة يقوم بها أيضا معظم الرؤساء السابقين حيث يجوبون معظم الولايات يمنحون تجاربهم للطلاب فأنا علي سبيل المثال في هذا الصيف سأكون في ضيافة جامعة كوين ماري بلندن لمدة أسبوع وذهبت من قبل إلي كندا وروسيا والهند وألمانيا وفرنسا‏..‏ فحياتي العملية حافلة ومنظمة أيضا‏.‏

كنت تكتبين الشعر تحت اسم مستعار‏..‏ لماذا ؟
لأنني كنت زوجة الرئيس وكنت محبة للشعر منذ طفولتي فاقترح علي الصديق العزيز الشاعر الكبير فاروق جويدة الكتابة باسم مستعار رحاب رؤوف وكان يساعدني في نشر تلك الأشعار بالأهرام ولا أدري من أفشي هذا السر هو أم أحد غيره‏..‏

صلة الرئيس السادات بيوسف رشاد وزوجته ناهد رشاد توطدت دعائمها لأنه كان عضوا بالحرس الحديدي؟
السادات لم يكن عضوا بالحرس الحديدي ولم يخبرني بذلك أبدا‏..‏ الضابط مصطفي كمال صدقي هو الذي كان في الحرس الحديدي‏..‏ علاقة السادات بيوسف رشاد تعود إلي بداية الأربعينيات حين كان السادات يعمل في سلاح الإشارة ولجأ إليه يوسف رشاد للاتصال بالقاهرة للاطمئنان علي ابنه المريض‏..‏ وبعد الحادث الذي تعرض له الملك في القصاصين أصبح يوسف رشاد طبيب الملك الخاص ولم ينس صداقته بأنور ودخل السادات السجن لمدة ثلاثين شهرا في قضية اغتيال أمين عثمان وبعد زواجنا مباشرة‏_‏ عمل لفترة مع الطيار حسن عزت زوج ابنة عمتي في المقاولات لكنه لم يجد نفسه في هذه المهنة‏..‏ فلجأ ليوسف رشاد لكي يتوسط له لمقابلة حيدر باشا وزير الحربية في محاولة للعودة إلي الجيش لأنه كان ضابطا صغيرا وهاربا وليس باستطاعته مقابلته دون هذه الوساطة‏..‏ وأذكر أنه استلف في هذا اليوم بدلة مصطفي مراد‏..‏ وتقابل بالفعل مع حيدر‏..‏ وانفعل عليه قائلا‏:‏ لا أريد سياسة وشغب في الجيش‏..‏ فالجيش نظام وضبط وربط وهكذا كانت عودته‏..‏ ومنذ أيام قلائل تقابلت مع ابنة حيدر باشا بالمصادفة في أحد الأماكن العامة وشكرتني نيابة عن والدتها لعودة المعاش لوالدتها فقلت لها كيف تشكريني ووالدك له الفضل في عودة السادات إلي الجيش‏!!‏

وماذا عن قصة مقابلة السادات للملك عقب صلاة الجمعة في جامع الحسين وتقبيله ليد الملك وعودته للجيش كما ذكر أحد الكتاب الكبار؟
هذه قصة مختلقة تماما‏..‏ لم يشاهد السادات الملك وجها لوجه علي الإطلاق‏..‏ لكنه كان يشاهده وهو طالب أثناء مروره للصلاة شأن بقية المواطنين‏..‏ أما ناهد رشاد فعلاقتنا بها كانت عادية‏.‏

قيل إن الرئيس السادات كان حريصا علي عدم المساس بها في محاكمات الثورة ولم يضايقها أحد؟
طبعا‏..‏ لأن يوسف رشاد كان له فضل كبير علي الثورة كلها‏!!‏
كيف؟
قبل الثورة بحوالي شهر أو عشرين يوما كنت بصحبة السادات في الإسكندرية ووقف بسيارته أمام نادي السيارات وأخبرني أنه سيتركني دقائق لمقابلة صديقه بالنادي‏..‏ ومكثت أراقب المارة وهم يتنزهون علي الكورنيش‏..‏ ثم حضر السادات وبصحبته يوسف رشاد الذي دعاني علي العشاء أنا والسادات وفوجئنا بأن الملك يجلس علي المائدة المجاورة لنا كنت صغيرة في السن في السابعة عشر تقريبا وكنت أسمع عن الملك ومغامراته النسائية‏..‏ فخشيت علي نفسي‏..‏ خاصة أنه استدعي يطلب يوسف رشاد وهو معنا وسأله عنا فقال له صديقي وزوجته وقمت علي الفور بتغيير وضعي وأعطيته ظهري ولكن إحقاقا للحق لم يفعل أكثر من لعب الكوتشينة ولم يشرب علي الإطلاق لكنه كان بدينا للغاية‏..‏ في تلك الليلة سأل يوسف رشاد السادات عن حركة الضباط بالجيش وحقيقة الأوضاع‏..‏ حيث كان الكلام يتناثر في صورة شائعات‏..‏ لكن السادات نفي وجود تنظيم للضباط نفيا قاطعا وبمعني أصح ضلل يوسف رشاد وأبعد الفكرة عن ذهنه تماما‏..‏ ويوسف بدوره نقل هذه الصورة للملك وبعد مرور فترة بسيطة قد لا تتجاوز عشرين يوما قامت الثورة‏.‏

كيف كان موقف السادات ورد فعله يوم تنحي عبد الناصر ويوم وفاته؟
عبد الناصر رحمه الله كان صاحب شخصية قوية يمتلك كاريزما خاصة‏..‏ ومهما اقترب الإنسان منه‏..‏ كان لابد أن تكون هناك مسافة فاصلة‏..‏ يوم التنحي كان السادات رئيسا لمجلس الأمة وحاول إقناع عبدالناصر بضرورة التمسك بمنصبه‏..‏ وكان قد عين زكريا محيي الدين بدلا منه‏..‏ وكادت الجماهير تضربه نتيجة لغضبهم كنا كالغرقي نشعر أن عبد الناصر ربان السفينة ولابد أن يصل بنا إلي بر الأمان ويخرجنا من تلك الدوامة السحيقة‏..‏ وهذا هو سر تمسك الناس بعبد الناصر رغم الهزيمة‏..‏ أما يوم وفاة عبد الناصر فقط سقط السادات مغشيا عليه ولم يمش في الجنازة طوال النهار‏.‏
السيدة الفاضلة سوزان مبارك أثنت علي نشاطك وأعمالك التي قدمتيها للمرأة في عهد الرئيس السادات في أحد أحاديثها الصحفية وقد بدأ انخراطك في العمل العام بعد هزيمة‏1967..‏ فما
سبب الهجوم الذي أحاطك‏..‏ حتي قيل آنذاك أن جيهان السادات تحكم مصر؟‏!‏
لا يمكن تجاهل الظرف التاريخي والأحوال الاجتماعية والأعراف السائدة عند مناقشة البدايات في أي مجال بصفة عامة‏..‏ والظرف التاريخي الذي أحاط بنشاطي في العمل العام كان يسجل سكونا وهدوءا معهودا من قبل السيدة الفاضلة تحية عبد الناصر والتي لم يكن لها أي نشاط اجتماعي فكان الرئيس عبد الناصر وأولادها هم محور حياتها‏.‏ وكانت لا تفضل الاختلاط فهي من أنصار المدرسة القديمة حتي أنها كانت تقول له‏'‏ يا ريس‏'‏ وهما وحدهما فكنت أزورها وحدي بدون السادات وفي المصيف بالإسكندرية كان رجال الثورة يسهرون مع بعضهم البعض في منزل عبد الناصر وكنا نسهر وحدنا بالمثل أنا وزوجات حسين الشافعي وزكريا محيي الدين‏..‏ وكان عبد الناصر يأتي يوميا بعد النكسة ويجد راحته في منزلنا القديم بالهرم وأفاجئ بالسادات يحدثني تليفونيا قائلا‏:‏ جهزي عشاء خفيف علشان عبد الناصر سيحضر الليلة‏!!..‏
عبد الناصر كانت حياته كلها مصر وكفاحا من أجلها‏..‏ فيما يتعلق بالعمل العام‏..‏ فأنا بدأت شيئا صعبا في توقيت أصعب بعد الهزيمة شعرت أن لي رسالة ودورا في المجتمع الذي منحني الكثير ولابد من رد جميله وتلك قناعتي فالإنسان لابد أن تكون له رسالة في الحياة إلي أن يوافيه الأجل ويموت واقفا كالأشجار وهو يعمل‏..‏ وكان ظهوري المتكرر في وسائل الإعلام‏..‏ محل هجوم الجميع حتي المؤيدين للمرأة في المجتمع لم يستوعبوا الأمر وأصابتهم الدهشة والاستنكار‏..‏ لأنني قمت بعمل طفرة غير مسبوقة مقارنة بعدم ظهور السيدة تحية فقيل أنني أسعي للشهرة والظهور‏..‏ ونسب إلي قانون جيهان للأحوال الشخصية وأشياء أخري عديدة‏..‏ وكلها باطلة‏..‏ وحقيقة الأمر أن زوجة أي رئيس إذا أرادت الظهور‏..‏ فالمناسبات الرسمية تكفل لها ذلك دون أدني مجهود أما السيدة سوزان مبارك فأنا فخورة بها للغاية لأنها أكملت ما قمت به وهي تؤدي رسالتها علي أكمل وجه‏..‏ بصورة مشرفة للغاية‏..‏ أثبتت مع مرور الزمان أنني كنت أسير علي الطريق الصحيح وهي من أكبر الداعمين وصاحبة الفضل في تأسيس متحف للسادات في مكتبة الإسكندرية‏.‏

[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.