القرآن الكريم خير كتاب، أنزله رب العزة سبحانه وتعالى على خير رسول صلى الله عليه وسلم الى خير امة، فى خير شهر فى خير ليلة، تكفل الله سبحانه بحفظه حرفا حرفا وكلمة كلمة وآية آية، قال تعالى «إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون»، ولمّ لا وهو معجزة الله الخالدة، وكلامه سبحانه وتعالى الذى قال عنه« لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد». من جانبهم طالب علماء الدين بمدارسة وحفظ كتاب الله تعالى وتلاوته ذكرا وتدبرا لمعانيه فى جميع الاوقات خاصة فى شهر رمضان المعظم، باعتبار ذلك من افضل القربات الى رب البريات وزيادة فى الحسنات. يقول الدكتور طه ابو كريشة عضو هيئة كبار العلماء إن تلاوة القرآن الكريم من أفضل القربات فى شهر رمضان، فالقرآن نور وهدى، وموعظة وشفاء لما فى الصدور، قال تعالى: «ياأيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما فى الصدوروهدى ورحمة للمؤمنين»، وقال فى حق الذين يتلون آيات الله: «إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُور»ٌ. وقد جاء فى الصحيحين عن ابن عباس -رضى الله عنهما- قال: «كان النبى -صلى الله عليه وسلم- أجود الناس، وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن، وكان جبريل يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن، فلرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة»، موضحا ان هذا الحديث وغيره كثير من الاحاديث الصحيحة، دل على استحباب دراسة القرآن فى رمضان والاجتماع على ذلك، وعرض القرآن على من هو أحفظ له، كما ان فيه دليلا على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن فى شهر رمضان خاصة ليلا؛ لأن فى حديث ابن عباس -رضى الله عنهما- أن المدارسة كانت ليلا، ولأن الليل تنقطع فيه الشواغل ويجتمع فيه الهم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر، كما قال تعالى: «إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا».تشجيع على الذكر وفى سياق متصل، أكد الدكتور عبد الغفار هلال الاستاذ بجامعة الازهر، ان مدارسة القرآن الكريم بتلاوة آياته وتدبر معانيه بين المسلم واخيه المسلم، عمل صالح حتى ولو فى غير رمضان، لأن فيه فائدة لكل منهما، ولو كانوا أكثر من اثنين فلا بأس يستفيد كل منهم من أخيه، ويشجعه على القراءة وينشطه، فقد يكون لا ينشط إذا جلس وحده، لكن إذا كان معه زميل له يدارسه أو زملاء كان ذلك أشجع له وأنشط مع عظم الفائدة فيما يحصل بينهم من المذاكرة والمطالعة فيما يشكل عليهم، كل ذلك فيه خير كثير.واوضح انه قد وردت احاديث كثير ة فى فضل قراءة القرآن والتمسك بتعاليمه، منها قوله صلى الله عليه وسلم: «كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض»، وقال -صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف».
مقرأة فى كل مسجد وطالب الدكتور عبد الغفار هلال بأن يكون فى المساجد ربط للناس بكتاب ربهم -تعالي- فتكون هناك مقرأة بعد صلاة العصر مثلا او بعد صلاة الفجر، يقرأ الشيخ جزءا محددا ولو ربعا ويردد وراءه الحاضرون، ثم بعد ذلك يبدأ تفسير ماتيسر له من الآيات ذاكرا المعانى وماترشد اليه الآيات وايضا توضيح اسباب النزول، ما من شأنه تقريب المعنى الى أذهان الناس بصورة مبسطة، - وكذلك بعد المقرأة تعقد حلقة لتحفيظ سورة للحاضرين مع عقد مسابقة فيها فى آخر رمضان.وأشار الى ان الكلمة التى تلقى بين ركعات صلاة التراويح، لابد ان تكون مجملة للآيات التى تتلى فى الصلاة وهذا له أثر مفيد جداً على نفوس الحاضرين، وكذلك تهيئة المساجد وفتحها خاصة بعد صلاة العصر إلى المغرب، وبعد العشاء إلى ما يشاء الله، وكذلك بعد صلاة الفجر إلى صلاة الضحى لاستقبال العابدين والصالحين من عباد الله، وهذا من تعمير بيوت الله، كما قال الله تعالي«إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِين»، موضحا ان على جميع المسلمين انتهاز فرصة مضاعفة الحسنات والاجر فى شهر رمضان، والانشغال بذكر الله وتلاوة كتابه والمسارعة الى فعل الخيرات حتى ينال العبد جائزة ربه التى أعدها له.
