سنتيمترات أو ثوانٍ قليلة يمكنها أن تغير تاريخ كرة القدم .. هكذا أثبتت بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل أن الفارق بين النجاح والفشل فى كرة القدم الحديثة أصبح أصغر مما كان فى الماضى ، فالنجاح فى كرة القدم الحديثة يعتمد على الموهبة والروح القتالية والانسيابية فى الأداء ، ولكن المونديال الحالى أكد أن للحظ نصيبا جيدا أيضا ، فقد لعبت الثوانى أو الدقائق الأخيرة دورها فى حسم عدد من المباريات، كان أبرزها بالتأكيد مباراة الأرجنتين وسويسرا التى جاء فيها هدف المباراة الوحيد بتوقيع الأرجنتينى آنخل دى ماريا فى الدقيقة 118، أى قبل دقيقتين فقط على انتهاء الوقت الإضافي. وكان من الممكن أن تغير اللحظات الأخيرة من الوقت الإضافى أيضا فى مباراة بلجيكا وأمريكا بنفس الدور بطاقة التأهل ، لكن التوفيق عاند الأمريكيين فى اللحظات الأخيرة ليفلت منافسه بالفوز الثمين 2/1 ويحجز مكانه فى دور الثمانية. وكانت المباراة بين تشيلى والمنتخب البرازيلى بدور الستة عشر أيضا شاهدا على أن سنتيمترات قليلة يمكنها أن تغير تاريخ اللعبة. وكان منتخب تشيلى على وشك الإطاحة بأصحاب الأرض من البطولة حيث كانت النتيجة تعادلهما 1/1 ثم جاءت الفرصة للمهاجم التشيلى ماوريسيو بينيا فى الدقيقة الأخيرة من الوقت الإضافي، بعدما تبادل اللاعب الكرة مع زميله أليكسيس سانشيز ثم أنهى الهجمة بتسديدة رائعة عبرت الحارس البرازيلى جوليو سيزار ، ولكنها ارتدت من العارضة لتحرم سنتيمترات قليلة منتخب تشيلى من التأهل لدور الثمانية. واحتكم الفريقان لضربات الترجيح التى حسمت المواجهة لصالح أصحاب الأرض وأنقذت البطولة من الفشل الجماهيري. وكان من الممكن أن تغير هذه التسديدة شكل البطولة وتذكر فى التاريخ على أنها الصدمة الأبرز لراقصى السامبا لو كانت أسفل مما هى بسنتيمترات قليلة. وكانت هذه التسديدة شبيهة بتلك التى سددها الهولندى السابق روبرت رينسنبرك فى مونديال 1978 بقوة وارتدت من القائم فى الدقيقة الأخيرة من المباراة النهائية التى خسرها الفريق أمام الأرجنتين ، فقد سدد اللاعب الهولندى السابق الكرة عندما كانت النتيجة هى التعادل 1/1 على استاد ريفر بليت، ليفلت أصحاب الأرض من صدمة هائلة قبل أن يحرز المنتخب الأرجنتينى لقبه العالمى الأول. وشهد مونديال 1966 بإنجلترا واقعة مشابهة وقصة مختلفة حيث التقى منتخبا ألمانياالغربية وإنجلترا فى المباراة النهائية وكانت النتيجة هى التعادل 2/2 فى الوقت الإضافي، وسدد جيف هورست المهاجم الإنجليزى كرة ارتطمت بالحافة السفلية للعارضة وتسقط على خط المرمى لتثير أكبر ضجة فى تاريخ كأس العالم حتى الآن ، اذ أبلغ حامل الراية السوفيتى توفيق باكراموف الحكم السويسرى جوتفريد داينست بأن الكرة عبرت خط المرمى ليحتسب داينست الهدف لصالح المنتخب الإنجليزى ، ويفوز بالبطولة . وعلى مدار نحو خمسة عقود، منذ حدوث هذه الواقعة، حاول الألمان عبثا إثبات أن الكرة لم تعبر خط المرمى من خلال تقديم مقاطع مصورة وتقنيات أخرى تؤكد عدم صحة الهدف. وفى مونديال 1990 بإيطاليا، سدد المنتخب البرازيلى ثلاث كرات فى العارضة والقائمين، لكنه خسر أمام الأرجنتين صفر/1 . كل تلك الوقائع تثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الفوز بلقب كأس العالم، يحتاج لأى فريق إلى بعض التوفيق بجانب الموهبة والإمكانيات الأخري.