تتوج زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله مصر أمس، سلسلة من المواقف الحازمة المشهودة للمملكة العربية السعودية دعما للشعب المصرى وإرادته الحرة فى اختيار من يحكمه، عقب ثورة 30 يونيو، التى أظهرت بجلاء حرص المملكة قادة وشعبا على مؤازرة أرض الكنانة فى وقت الضيق والعسر. مواقف المملكة الشجاعة والمقدرة من جانب المحروسة قيادة وشعبا عكست استيعابا لمخططات الفتنة والتقسيم الشريرة لمنطقة الشرق الأوسط، وفى القلب منها مصر التى يعلم الجميع أهمية بقائها قوية مستقرة ومتماسكة، حتى تتمكن من التصدى لمن يريد أن يعبث بدول المنطقة وتحويلها إلى كيانات لا حول لها ولا قوة، مما يسهل التلاعب بها وتسخيرها لخدمة مصالح قوى دولية وإقليمية لا يعنيها سوى الهيمنة وأوهام الزعامة. ولذلك وجدنا المملكة تبعث برسالة واضحة لإدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما عقب ثورة 30 يونيو بأنها لن تسمح بالضغط على مصر سياسيا واقتصاديا لكى يحيد شعبها عن خياره الصحيح بخلع جماعة الإخوان من السلطة، بعدما تابعت موقف واشنطن الداعم لجماعة إرهابية كادت تقود البلاد للتهلكة والاقتتال الأهلي. ونذكر فى هذا السياق ما صرح به وزير الخارجية السعودى الأمير سعود الفيصل أمس الأول بأن مصر تمثل عماد الصمود العربى ولها إشعاعها وتأثيرها الكبير على الساحة العربية والإفريقية والدولية، والتصريح يشير إلى أن سقوط مصر - لا قدر الله - سيعنى سقوط الكل، وأنها تشكل صمام الأمان للأمن القومى العربي. كذلك فإن السعودية بموقفها المساند لمصر خلال المرحلة الانتقالية يعكس إدراكها لما يمثله الإرهاب من خطر رهيب على دول الخليج وغيرها، وأن جماعات التطرف والغلو التى تكاثرت خلال الأعوام الثلاثة الماضية تريد زعزعة استقرار المنطقة تنفيذا لأجندات جهات خارجية وداخلية، ومحاولات استدعاء أطراف خارجية وتوفير الذرائع المسوغة لتدخلها بحجة حماية إمدادات الطاقة وممرات التجارة الدولية، ومن ينظر إلى ما جرى ويجرى فى سوريا وليبيا والعراق واليمن هذه الأيام سيجد الأدلة المؤكدة لهذه الحقيقة. أيضا فإن مصر والسعودية متفقتان على حتمية التكاتف العربى فى هذا التوقيت الحرج والوقوف جبهة موحدة ضد الإرهاب المتستر بالدين، بعد أن تكشفت الحقائق الدالة على سعى الإخوان لبث الفرقة بين دول الخليج. فمرحبا بخادم الحرمين الشريفين فى وطنه الثانى مصر، وبين أهله وتحية تقدير من الشعب المصرى للمملكة ومواقفها . لمزيد من مقالات رأى الاهرام