فى 5 يونيو 1976 أعيد افتتاح قناة السويس للملاحة الدولية بعد توقف دام تسع سنوات عقب حرب يونيو 1967 وبعد حرب أكتوبر 1973 التى قادها الرئيس الراحل أنور السادات وما تبعها من أحداث، وكان حفلا لعرس بحرى تحدث عنه العالم أجمع، ولكن ماذا عن حفل الافتتاح الاول الاسطورى وكأنه ليلة من ليالى ألف ليلة وليلة والذى حضره المهندس العبقرى (مهندس مشروع ربط البحرين الابيض والاحمر ببعضهما بحفر مسافة 165 كيلو مترا) مسيو فرديناند ديليسبس مع بعض من ملوك وأمراء الدول الأوروبية وعلى رأسهم الامبراطورة أوجينى زوجة الامبراطور الفرنسى نابليون الثالث؟ وفيما يلى قصة حقيقية حدثت على هامش الأحداث المهمة أو على خلفية ظلالها نقلت بالتقليد الشفهى من شخص لآخر، وهى هنا للتأمل فى مغزاها: قبل الافتتاح الرسمى لقناة السويس للملاحة الدولية (فى ليلة 16 نوفمبر 1869) عندما سافر الخديو اسماعيل قبلها بأسابيع قليلة إلى ميناء بورسعيد (بدون أى مراسم تدل على مقامه الرفيع) وعلينا ألا ننسى أنه وقتها لم يكن يوجد تليفزيون أو صحافة مصورة وذلك لتفقد سير العمل القائم على قدم وساق للحفل الرسمى الكبير، وفى اثناء تجواله ليلا سمع أحد جنود الحراسة يشكو لزميله من قلة مرتباتهم بالنسبة لمرتبات الضباط بينما يقع المجهود الأكبر عليهم كجنود وفى الصباح الباكر استدعى الخديوى هذا الجندى وأمره بأن يتوجه لمبنى هيئة القناة للاستفسار منها عن جنسية سفينة حددها له كانت رأسية بالميناء فتوجه الجندى إلى قارب وذهب وعاد وأخبره بأنها سفينة فرنسية فأمره مرة أخرى بالاستفسار عن وجهتها ونفذ الجندى ما طلب منه وهكذا فعل عدة مرات يستفسر فيها الخديو فى كل مرة عن معلومة مختلفة مثل نوع حمولتها ووزن الحمولة واسم القبطان وعدد البحارة.. الخ حتى اقترب المساء فأمره أخيرا أن يستريح قليلا وأخذ الجندى يمنى نفسه بمكافأة طيبة منتظرا حصوله عليها نظير مجهوداته طوال النهار لكن الخديوى استدعى أحد الضباط وأمره بأن يتوجه لمعرفة جنسية ذات السفينة! وعاد الضابط بعد قليل وبيده ورقة كتب بها (ما أعده من تلقاء نفسه بما توقعه من اسئلة للخديو عن كل بيانات السفينة) واخذ يتلو ما بها من بيانات امام الخديوى الذى صاح فى هذا الجندى قائلا له: أعلمت الآن لماذا يأخذ الضباط مرتبات أكثر؟.. هكذا كانوا يفكرون فى الزمن الماضى عن أهمية العلم والتعليم، ترى لو تكرر مثل هذا الموقف الآن فى زماننا الحاضر (الذى يعتمد على الفهلوة واخواتها فى جمع المال) ترى ماذا كان يقول المسئول الكبير للجندى او العامل البسيط؟ هل يقول له مثلا« فتح مخك تأكل ملبن»!!