صورت معظم الأفلام العربية - خاصة الأبيض والأسود - زوجة الأب على أنها قاسية وشريرة، كما أن هناك أقاويل كثيرة تردد أنه ليس من السهل على المرأة أن تربى أبنا أخرى غيرها و نسوا أن الله قد منح المرأة قلباً كبيراً وشعوراً إنسانياً مرهفا. ويبقى السؤال: لماذا يرفض المجتمع فكرة أن زوجة الأب من الممكن أن تكون أماً حنونا؟ً يقول أحمد محمد- طالب جامعى: زوجه أبى طيبة وتغمرنا بحبها وصادقة فى علاقتها بأبى وأخوتى وكانت الحضن الذى ضمنا بعد وفاه أمى، وبعد أن كبرنا أصبحت صديقة لنا، واستطاعت أن تملأ حياتنا بالدفء والحنان ولم نشعر يوما أنها زوجة أب، ولا أدرى ما الهدف من الصورة السلبية التى تظهر بها وسائل الإعلام زوجة الأب بينما الواقع غير ذلك. وتروى نهى يوسف قصتها فتقول: بعد وفاة زوجى تزوجت من مطلق لديه طفل عمره ثلاث سنوات واعتبرته ابنى ومنحته كل مشاعر الأمومة التى حرمت منها لأنى لم أنجب من زوجى الأول ولم أشعر يوما أننى غريبة عنه، وأصبح ينادينى ب»ماما « فالأم هى التى تربى وليست التى تنجب فقط. أما ألاء حسنى طالبة ثانوى فتقول: بعد وفاة أمى أراد أبى الزواج بحجة رعايتى وحتى يجد من تؤنس وحدته بعد زواجى، ولكنى تعبت نفسيا فأحس برفضى وألغى الفكرة، فأنا لا أستطيع رؤية امرأة أخرى بعد أمى فى المنزل وحتى لا تأخذ أبى منى. يقول د.أحمد يحيى عبد الحميد أستاذ علم الاجتماع بجامعة السويس إن الصورة السلبية لزوجة الأب توارثها المجتمع، فدائما يظهرها بمظهر الشريرة التى جاءت لخطف الأب وتعذيب الأبناء رغم أن هناك أمهات أشد قسوة، ولكن المجتمع ينصف الأم دائما، وفى كلتا الحالتين الحنان والقسوة يرجع لطبيعة الشخصية. ويضيف إن هذه الإنسانة تحمل فى داخلها مجموعة من الصراعات التى تنعكس إيجابا أو سلبا على من تعاشرهم وخاصة الأطفال الذين يتحملون كل آثار سلوكياتها وتبعاتها، فإن أحسنت إليهم وحرصت على إرضائهم وقامت برعايتهم رعاية الأم كانت إيجابية، أما إذا أخذتها الغيرة والحقد والانتقام السلبى منهم كانت حياتهم مريرة، ويرى أن كل هذا يتوقف على علاقتها بالزوج وكلما كان بها كثير من الاحترام والتقدير والمحبة ساعد ذلك على استقرار الأسرة وأدى إلى توطيد العلاقة بينها وبين الأبناء. وتشير الدراسات الاجتماعية التى أجريت على مشكلة الزوجة الثانية أن الأبناء هم أكثر الفئات تضررا من ذلك، وأن عملية التوازن التى يجب أن تتحقق فى المنزل تقع أساسا على عاتق الأم، حيث يجب عليها ألا يستمع كليا إلى كلام زوجته ضد أبنائه ولا ينحاز لهم ضدها، فالأب يجب أن يكون رمانة الميزان فى هذه العلاقة. ويرى د.أحمد أنه يجب على الزوج أن يحسن اختيار الزوجة الثانية خاصة مع وجود أبناء لأنهم فى حاجه إلى من تعوضهم حنان الأم لأن هناك بعض السيدات تحاول أن تمتلك الزوج دون أن يكون له علاقة بالأبناء، ومن هنا تنشأ المشاكل فى إطار فكرة السيطرة والامتلاك، ولكن هذا لا يمنع أن هناك الكثير من الصور الإيجابية للأم البديلة التى أحبها الأبناء وكرمها المجتمع. أما د.محمد سمير عبد الفتاح أستاذ علم النفس كلية الآداب جامعة عين شمس فيرى أن زوجة الأب يجب عليها أن تكون شجاعة وأن تضحى حتى تسعد زوجها وأبناءه وتبذل الكثير من الجهد لكسب ثقتهم، لأنه مطلوب منها أن تعيد التوازن للأسرة كلها حتى تجعلهم يتقبلون وجودها، ولا شك أن نجاحها يحقق السعادة والراحة النفسية للجميع. ويضيف أن من حقها أن تفكر فى إنجاب طفل ليكون وسيلة لتقوية الروابط بين أفراد الأسرة، كما يجب عليها أن تحرص على الإبقاء على علاقة الأبناء بأمهم موصولة سواء كانت متوفاة أو على قيد الحياة لأنها شىء مقدس بالنسبة لهم، كما يجب على زوجة الأب أن تتسم بالصبر على أخطائهم وأن تكون أكثر تسامحا وحبا بل وحزما أيضا عند اللزوم. كما يجب على الأب أن يحسن اختيارها وأن يهيئ أبناءه لقبولها والتقريب بينهم نفسيا لكسر حاجز الخوف والشك، خاصة إذا كان مطلق وليس أرملا، ويبعد عنهم الغيرة منها لأنها سمة إنسانية فى كل البشر، وألا يوجه اهتمامه كله لزوجته حتى لا يشعر الأبناء بأنها أخذت الكثير من العلاقات الإنسانية والحنان الخاص بهم حتى وإن لم يقلل الأب من مشاعره تجاههم. ويرى أنه حتى تكتسب الزوجة ثقتهم وحبهم يفضل أن تخوض الحياة العملية معهم، فيمكنهم الذهاب للطبيب أو للتسوق أو حتى تنظيف الأطباق سويا، مع التأكيد على أنه يجب أن يكون الاحترام متبادلا بينهما، مع الأخذ فى الاعتبار أن أبناء الزوج مروا بأحداث أليمة قلبت حياتهم وهى انفصال أبويهم نتيجة الطلاق أو الموت فمن الممكن ألا يكونوا راغبين فى إعطائها فرصة لكسب الثقة، ولكن يجب الاستمرار فى المحاولة وأن تغذى العلاقة بينهم بالرعاية والأمان وأن تكون ملاذهم الآمن ليعبروا عن مشاعرهم بدون حساب أو خوف، بالإضافة إلى إعطاء الصغار منهم الحب الذى يحتاجون إليه، وبالتأكيد فى المستقبل سيمنحوها حباً مثلما أعطتهم هى. ويقول د.محمد سمير إنه لابد من التهيئة النفسية للأبناء والمساندة الاجتماعية وفقا للمرحلة العمرية لكل منهم، فالأقل من 10 سنوات غالباً ما يتأقلم مع حال الأسرة ويكون متقبلاً أكثر لفكرة زوجة الأب، إلا أنهم من الممكن أن يكونوا متنافسون ليحظوا بانتباه أبيهم ولهم متطلبات يومية أكثر يجب تلبيتها، أما ما قبل المراهقة فقد يمروا بأوقات صعبة فى محاولة تقبل الأمر، وغالبا ما يحتاجون وقتاً، مع الأخذ فى الاعتبار أن احتياجاتهم العاطفية مهمة جداً، وفى مرحلة المراهقة وأكبر يريد الأبناء الانفصال عن الأسرة محاولين إثبات استقلاليتهم عنها وتكون احتياجاتهم العاطفية كبيرة، وكأى إنسان يريدون أن يشعروا بالحب والأمان. وفى النهاية.. لزوجة الأب يقول: يجب أن تعرفى أن أبناء زوجك لديهم أبويهم فلا يجب عليك أن تلعبى دور أحد منهم لأنك لست بديلة، ولكن حتما سيحتاجون مساندتك وأن تكونى بجانبهم وأن تعامليهم كل على حسب شخصيته، وإنهم ليسوا فريقا ضدك، فذلك سيتيح لك الفرصة لتدخلى فى شخصيتهم ولا تهتمى بما سينادوك به فهذا يرجع لراحتهم وبموافقتك أنت، فيمكنهم مناداتك باسمك إذا كانوا كبارا أو»طنط» أو حتى «ماما» إذا رغبوا، وإذا ما طرأ شيئاً ما بينكم فلا تضغطى على نفسك وأدخلى والدهم فى الأمر أو أى طرف ثالث.